مقرراً بإرادته أن يقطع إجازته الاختيارية التى منحها لنفسه منذ مارس الماضى، بعدما اقتنع وقتها أن منافسة «وزير دفاع» خلع زيه العسكرى وترشح للرئاسة استجابة لإرادة شعبه «أمر مستحيل»، فالرجل الذى طالما حلم أن يحمل لقب «القائد الأعلى»، استقر به المطاف حالياً فى «نقطة الصفر». متنقلاً بين منزله فى «الدقى» وجلسات مغلقة مع قيادات سياسية بارزة فى «المهندسين»، يضع الفريق سامى عنان، رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، اللمسات الأخيرة على مشروع حزبه السياسى «مصر العروبة»، الذى من المقرر أن ينضم لمئات الأحزاب على الساحة نهاية يونيو الحالى، يأمل من خلاله أن يمحو عنه الصورة السيئة التى نقلها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى أحد التسجيلات الصوتية المسربة، حينما وصف رئيس أركانه ب«مبيعرفش يحكم نفسه.. يحكم بلد ازاى؟». «عنان»، الذى ظل «اسماً غامضاً» بين صفوف المؤسسة العسكرية حتى اندلاع ثورة 25 يناير، عندما تصدّر خبراً موحداً فى الصفحات الأولى للصحف يوم 29 يناير، بعد 4 أيام من اندلاع شرارة الغضب، بأن رئيس الأركان قطع زيارته الرسمية للولايات المتحدةالأمريكية بشكل مفاجئ، وعاد لمتابعة تطورات الاحتجاجات المشتعلة، قبل أن يبرز اسمه رويداً رويداً فى تلك اللقطات القليلة التى بثها التليفزيون الرسمى لجلسات مغلقة بين «مبارك» و«طنطاوى» و«عنان» خلال 18 يوماً ل«ثورة شعب». «الحزب الجديد لخدمة الشعب.. وسنكون نبض الشارع الحقيقى»، هكذا قال أصغر قائد سلاح للدفاع الجوى من بين سابقيه فى تصريحات صحفية عن حزبه الوليد. فى قرارة نفسه يعلم «عنان» أنها الفرصة الأخيرة لتصحيح وضعه الذى ترنّح فى ظل اتهامات طالته بتسهيل أمور المرحلة الانتقالية لوصول تنظيم الإخوان للحكم، مروراً بإدانات حول مسئوليته عن قرارات العفو التى صدرت بحق إسلاميين متطرفين ينتمون لتنظيمات جهادية خلال 14 شهراً من حكم المجلس العسكرى، وصولاً إلى اتهامات بأنه «المرشح الخفى للإخوان» فى انتخابات رئاسة 2014، قبل إعلان انسحابه. رئيس الأركان الأسبق، الذى خرج فى 23 مارس الماضى ليعلن «حفاظاً على وحدة الصف الوطنى.. وتقديراً للدور العظيم للمؤسسة العسكرية فى ثورتى يناير ويونيو» عدم ترشحه فى الانتخابات الرئاسية، قائلاً: «أعلن مساندتى للمرشح الذى يختاره الشعب». هكذا خرج «عنان» من السباق نحو قصر الاتحادية، مقتنعاً بأن طموحه الرئاسى توقف للأبد، ليبدأ مشوار التنقيب عن دور لرجل عسكرى متقاعد فى حياة سياسية يقتلها الفراغ، فى غياب لدور الأحزاب، وعدم وجود قوى سياسية كبيرة تستطيع ملء الساحة منذ خروج «الحزب المُنحل»، و«الجماعة» التى عادت أدراجها، وباتت محظورة. شغل الفريق عنان عدة مناصب قيادية فى القوات المسلحة، منذ تخرجه فى كلية الدفاع الجوى فى 1967، وشارك فى حربَى الاستنزاف وأكتوبر، وتدرج فى المناصب حتى أصبح قائداً لقوات الدفاع الجوى، قبل أن يتم تعيينه رئيساً للأركان فى عام 2005.