حزنت كثيراً لوفاة الزميل ورفيق الدراسة والمهنة الراحل عبدالله كمال، لم أتفق معه فى رأى أو توجه فى يوم من الأيام، لكننى كنت أثمِّن قدراته المهنية المتميزة، وأحترم وجهة نظره ورؤيته، تضاعف حزنى عندما وجدت بعض التعليقات الشامتة فى موته تتسكع على بعض الصفحات الإخوانية، وهو سلوك لا يليق بعاقل، ناهيك عن إنسان يزعم «التدين». أتت واحدة من هذه الصفحات بفيديو مسجل لعبدالله كمال (رحمه الله) يذكر فيه أن الإخوان سوف تنتهى كجماعة عام 2014، وعلقت الصفحة قائلة «إن الذى انتهى عام 2014 هو عبدالله كمال نفسه»! وكأن الجماعة هى التى أصعدت روحه إلى بارئها، وكأن الإخوان اتخذوا عند الله عهداً. ليس من خلق المسلم أن يشمت فى موت أحد، لأن الموت والحياة بيد الله وحده، أفهم أن يشمت الإنسان فى موت غيره إذا كان يرى أنه عصى على الموت وأنه خالد فى هذه الحياة، ولا يوجد إنسان كذلك، فالموت نهاية كل حى، ومن تأتى محطته يهبط من قطار الحياة، والدور سوف يأتى على الجميع (لكل أجل كتاب). ليس من خلق من يتأسى بالنبى (صلى الله عليه وسلم) أن يفعل ذلك، والنبى يقول: «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم». كيف يرخّص مسلم لنفسه أن يتشفى بهذه الطريقة فى موت إنسان وهو يعلم قول الله تعالى: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون»؟ ليس من حق إنسان أن ينصّب نفسه إلهاً على البشر، ليقرر أن هذا سوف يدخل الجنة وذاك سوف يدخل النار. من أنت حتى تقرر ذلك، هل لديك توكيل من السماء تستند إليه فى تقرير مصائر البشر؟! كل إنسان حر فى وجهة نظره، كان للأستاذ عبدالله كمال (رحمه الله) وجهة نظر محددة فى الدفاع عن «مبارك»، هذا حقه ولا يستطيع إنسان أن يخطئه أو يصوبه، من حق من يختلف معه أن يكون له وجهة نظر بديلة أو مختلفة، أنا شخصياً عشت أعارض مبارك، وآمنت إيماناً لا يهتز بثورة يناير وشاركت فيها بكل طاقتى، وكانت تلك -وما زالت- وجهة نظرى، لكننى فى كل الأحوال أحترم وجهات نظر غيرى، وأتفهم حق من يختلف معى فى تبنى رؤية أخرى فى قراءة المشهد. فالكل يجتهد، يخطئ ويصيب، والله تعالى هو الأعلم بالنيّات والأعمال وهو الذى سوف يحاسب الناس عليها حساباً عادلاً. لا أحد فى هذه الحياة يملك الحقيقة المطلقة، وليس بعد محمد أنبياء، ولا يوجد بيننا من يأتيه الخبر من السماء. أتعشم أن تتفهم جماعة الإخوان ذلك، لأن الطريقة الشامتة التى تعاملت بها مع هذا الأمر تنبئ عن أن بعض أعضائها نسوا أبسط المعانى الإيمانية: «من لم يكن له الموت واعظاً فما له من واعظ».. رحم الله عبدالله كمال وغفر لنا جميعاً.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».