حينما تقلب بعينيك بين الناس تري منهم الغني والفقير والقوي والضعيف والسليم والمريض بل تري بينهم الجميل في الشكل ومن ليس كذلك بل وتري بينهم المتعلم والجاهل.. وهذا كله لا غرابة فيه. فقد قال الله تعالي: "ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات..." ولكن الذي يحزن القلب نظرة الاستعلاء التي يقوم بها البعض علي غيره بل الأعجب من ذلك ربما تنظر فتري سليماً يستهزيء بمريض أو غني يشمت بفقير. أو شاب يسخر من شيخ عجوز. وكل هذه أمراض موجودة في المجتمعات لا ينجو منها مجتمع. فمنذ عقود من الزمن كان السود يعاملون في أمريكا معاملة مزرية. لكن إذا نظرنا إلي الإسلام وسماحته وفي علو رسالته لرأينا أن ديننا أمرنا أن نواسي غيرنا ونشاركهم في همومهم ولا نشمت بهم فكم من إنسان أظهر الشماتة بغير ضر لحقه فتمر الأيام ويأتي القصاص من السماء فيقع السعيد في بلوي غيره في نفس الحال التي ازدراها.. وقد حذرنا الرسول من ذلك فقال فيما رواه الإمام الترمذي: "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك" والذي ينبغي بمن ابتلي بفقر بعد غني أو عجز بعد قدرة وما إلي ذلك ألا يشمت فيه غيره ولا يترك فرصة لشامت. في كتب السيرة أن شامتاً دخل علي معاوية -رضي الله عنه- وهو في مرض موته. فعلم معاوية به فأمر أبناءه أن يهيئوه أحسن تهيئة كأن ما به مرض. فلما دخل الحاقد رآه كأنه ليس بمريض. فأنشد معاوية قائلاً: وتجلدي للشامتين أريهم .. أني لشدائد الدهر لا أتضعضع ومما ينبغي علي الإنسان أن يهرع إلي الله.. لا يشمت به أحد فلسنا أفضل من رسول الله فمع فضله كان يدعو ربه لا يشمت به حاقد "روي الإمام الحاكم في المستدرك عن بن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله يدعو: اللهم احفظني بالإسلام قائماً واحفظني بالإسلام قاعداً واحفظني بالإسلام راقداً ولا تُشمت بي عدواً حاسداً".