حدد المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، في دراسة أصدرها اليوم، ثلاثة مسارات محتملة للتحالفات السياسية في الانتخابات البرلمانية القادمة، أولاها: تحالف القوى المدنية لجبهة 30 يونيو، ويضم هذا التحالف قوى سياسية وأحزاب وحركات ثورية مدنية تشاركت فيما يعرف بجبهة 30 يونيو، وأبرزها أحزاب: "المؤتمر، والحركة الوطنية المصرية، والمصريين الأحرار، والتجمع، والحركة الشعبية العربية "تمرد"تحت التأسيس، وجبهة مصر بلدي". وأشارت الدراسة إلى أن إرهاصات تدشين هذا التحالف تجسدت في المشاورات التي يقودها السيد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، واللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، وعدد من الشخصيات العامة منهم: اللواء أحمد جمال، والسفير محمد العرابي. ويهدف هذا التحالف - بحسب الدراسة - إلى الحصول على أغلبية المقاعد في مجلس النواب المقبل ليشكل الأغلبيةَ الحزبية التي ترتبط في الخبرات البرلمانية بقدرتها على دعم الاستقرار السياسي، خاصة فيما يتعلق بضمان تمرير التشريعات اللازمة التي تتوافق مع مواد الدستور الجديد، وتوفير بيئة مواتية لعمل الحكومة الجديدة، وسيكون لهذه الأغلبية دور مهم فيما يتعلق بتشكيل الحكومة باستثناء الحقائب السيادية التي أقر الدستور باختيار الرئيس لوزرائها، وهي: الدفاع، والداخلية، والخارجية، والعدل. وأشارت الدراسة التي أعدها برنامج الدراسات المصرية بالمركز بعنوان"ملامح التحالفات السياسية المحتملة في الانتخابات البرلمانية القادمة"، إلى أن تشكيل مثل هذا التحالف ربما يكون له سلبياته فيما يتعلق بدعم التعددية السياسية، ذلك أنه يضم أحزابًا وقوى سياسية ذات مرجعيات مختلفة، وتتسم بعدم الاتساق الأيدولوجي، وهو بالتالي تحالف انتخابي أكثر منه تحالف سياسي، بما قد يعرضه لتصدعات مستقبلية إلى جانب المخاوف من إمكانية استئثاره بالسلطة في البلاد دون شراكة مع باقي القوى الوطنية، وهو الأمر الذي سيضع مستقبل النظام السياسي الجديد على المحك. أما التحالف الثاني المحتمل فهو تحالف قوى المعارضة، حيث تتجه قوى المعارضة التي ساندت حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية إلى محاولة بلورة تشكيل تحالف انتخابي يضم عددا من الأحزاب هي: الدستور، والعدل، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي، والكرامة، والتيار الشعبي، وتيار الشراكة الوطنية. وتتفق هذه الأحزاب التي تسعى لتشكيل المعارضة السياسية في البلاد في موقفها من بعض القوانين التي صدرت مؤخرًا، حيث تعترض بشكل خاص على قانونَيْ تنظيم التظاهر، ومجلس النواب، وتطالب بتعديلهما. أما التحالف الثالث المحتمل فهو تحالف بقايا تيارات الإسلام السياسي، حيث ينقسم ما تبقى من تيارات الإسلام السياسي التي من المتوقع أن تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواءً على مقاعد الفردي أو القائمة، إلى قسمين أولهما: الكيانات المنشقة عن جماعة الإخوان المسلمين: وهي تلك المجموعات التي أعلنت في الفترة الأخيرة، انشقاقها الفكري أو التنظيمي عن الجماعة، وتكوين كيانات جديدة من الصفوف الخلفية للتنظيم، وتقدم هذه الكيانات طرحًا جديدًا ، في الظاهر، وتحمل قيادات الإخوان مسؤولية الوضع الذي آل إليه التنظيم، وما تعرض له من ضربات قاصمة أدت إلى حظره، و من أبرز هذه الكيانات: إخوان بلا عنف، تحالف شباب الإخوان. ومن المرجح أيضا أن يخوض الانتخابات بعض الخلايا النائمة للإخوان، سواء من خلال التسلل داخل بعض القوائم، أو على مقاعد الفردي، بهدف إيجاد مدخل للتواجد في المشهد السياسي ولو في الحد الأدنى ، وهو ما حدث خلال انتخابات 2005 التي شهدت حصولهم على 88 مقعدًا من مقاعد البرلمان. وثانيهما: حزب النور، حيث من المرجح أن يخوض حزب النور الانتخابات بمفرده دون الانضمام إلى تحالفات انتخابية، خاصة أن هناك تصريحات من قيادات التحالف الانتخابي لجبهة 30 يونيو تشير إلى أن حزب النور لم يُجرِ معه أي اتصالات للانضمام للتحالف، وربما تقتصر المنافسة الانتخابية للحزب على مقاعد الفردي فقط، حيث أن المنافسة على مقاعد القوائم تثير معضلات عديدة في قضايا لم يحسمها، خاصة فيما يرتبط بولاية المرأة والأقباط، والتي أقر النظام الانتخابي بضرورة وجود نسب لهما في القوائم الانتخابية. وخلصت الدراسة إلى أن التحالفات السياسية للانتخابات البرلمانية سيرتبط نجاحها بمدى قدرتها على طرح برامج انتخابية تقدم حلولا عملية للمشكلات المجتمعية، ما قد يُسهم في جذب الجماهير للمشاركة السياسية في الانتخابات.