يفضل خالد على المرشح الرئاسى أن يستقبل زائريه فى مقر حملته الانتخابية وصورة الثائر الراحل «مينا دانيال» معلقة على الجدار خلف مقعده، ليس فقط كرمز للثورة، ولكن لأن «مينا» كان صديقا مقربا ل«خالد» منذ الأيام الأولى للثورة، وبعيون دامعة يتذكر: «كان مينا، بمجرد أن تُضمد جراحه من جراء الاعتداءات الأمنية يعود إلى الميدان، وصورته فى مقر الحملة تعطينى القوة كلما شعرت بالإحباط». أثاث المقر وتجهيزاته متواضعة، مع ملاحظة بعض الصور الموزعة بعناية فى الأركان، وستكتشف كما هائلا من الطاقة وقوة الإرادة يتحلى بهما شباب حملته، فى غرف المقر وطرقاته لا يكفون عن النقاش والجدل، «ابن الميدان» يدرك جيدا أنه سيدخل صراعا شرسا و«غير نزيه»، على حد وصفه، مشيرا إلى أن حسابات الانتخابات الرئاسية لن تكون بمؤازرة الميدان لمجرد كونه أحد أبنائه، بل القوة التنظيمية الكبرى ل«الإخوان المسلمين»، والتمويل المالى غير المحدود للفلول، سيؤثران بشكل كبير فى سير العملية الانتخابية، ويتبقى ل«خالد» دعم الأغلبية الصامتة له، والتى لم تحدد موقفها بعد، ويسعى بكل قوة لنيل تأييدها. * ما توقعاتك حول إمكانية انعقاد الانتخابات الرئاسية فى موعدها المحدد؟ - بنسبة 25% لن تجرى الانتخابات فى موعدها، ما يحدث من صراع سياسى شرس وواضح للجميع سيترتب عليه بشكل كبير انقلاب عسكرى، «ليس بالضرورة أن تنزل الدبابات إلى الشارع وتُعلن الأحكام العرفية»، أعنى الانقلاب على الجدول الزمنى المعلن لإجراء الانتخابات، والإحجام عن تسليم السلطة للمدنيين بدعوى ضرورة وضع الدستور أولا. * هل تتوقعون مفاجآت جديدة فى مسار الانتخابات الرئاسية؟ - نعم، ستكون هناك مفاجآت فى اللحظات الأخيرة، وكل ما حدث حتى الآن يعد مألوفا، وعلى الناس أن تستوعب حدوث أى تغييرات غير متوقعة، فتلك طبيعة الصراع السياسى فى هذه المرحلة. * ما مدى تأثير المادة 28 من الإعلان الدستورى على ديمقراطية الانتخابات؟ - بكل أسف، لا توجد ضمانات لتطبيق الديمقراطية فى ظل المادة 28، وكل من وافقوا على الإعلان الدستورى تجرعوا مرارته وانقلبوا عليه، مع أننا نبهنا إلى خطورة تلك المادة فى حينه، لكن المجلس العسكرى و«الإخوان» اشتركا فى وضع «الإعلان»، وفقا لخريطة انتقالية متفق عليها بينهما. * وما السبب فى كل هذا الارتباك؟ - المجلس العسكرى لا يقف على مسافة واحدة من الجميع، وبسبب «براجماتيته» فضل أن يرتمى فى أحضان القوة السياسية الأكثر تنظيما وتأثيرا فى الشارع وهم «الإخوان المسلمون»، ولكنه لم يضع فى حسبانه احتمال الاختلاف معهم، فحدث الصدام، وعدنا مرة أخرى لنقطة الصفر.. وهذه خطورة عدم الوقوف على مسافة واحدة، فما يحدث بين «العسكرى» و«الإخوان» هو تلاعب بالشعب. * من الذى لعب بمن «المجلس العسكرى» أم «الإخوان»؟ - كل منهما حاول أن يستخدم قوته فى اللعب على الآخر، والنتيجة أن الاثنين فقدا ثقة الشارع. * هل يمكن القول إن ذلك فى صالح القوى الثورية؟ - لا، القوى الثورية فى مرحلة صراع هى الأخرى، ولا يمكن إغفال أن «الإخوان المسلمين» والسلفيين ضمن هذه القوى. * كيف ترى محاولة انفراد «الإخوان المسلمين» بالملعب السياسى؟ - أى طرف يتخيل استطاعته الانفراد بالمشهد السياسى «واهم»، والدليل الجمعية التأسيسية للدستور، فالقوى المدنية رتبت صفوفها واستطاعت أن تسقطها فى الشارع، قبل أن تسقط بحكم قضائى. * ما تعليقك حول قدرة «الإخوان» على حشد الجماهير فى الميادين بشكل أوسع من القوى الثورية؟ - لا يملك فصيل أن يمنع أحدا من نزول الميدان، وأغلب المسيرات لم تعد تكتمل، نتيجة للصراع بين الفصائل المختلفة، وأؤكد أن من يحاول السيطرة على الميدان سيخسر كثيرا، وأقول للقوى المدنية: «لا تنظرى لنفسك على أنك ضعيفة مقارنة بالقوة التنظيمية والمالية للإخوان»، على العكس نحن ما زلنا أقوياء. * كيف استقبلتم تصريحات «خيرت الشاطر» نائب مرشد «الإخوان المسلمين» حول رصد الجماعة لاتصالات سرية بين المجلس العسكرى واللجنة العليا للانتخابات؟ - حقيقة لم أفهمه، ويمكن القول إن اللجنة تبذل جهودا كبيرة، وتطبق القانون كما يجب، ولكن لا يجوز -وفقا للدستور- تحصين أى عمل أو قرار من رقابة القضاء، ومع ذلك وُضعت المادة 28 المحصنة لقرارات اللجنة العليا للانتخابات. * ترافعتم فى قضية جنسية والدة حازم أبوإسماعيل المرشح المستبعد، ما الذى خرجت به قانونيا وإنسانيا من هذه القضية؟ وما آل اليه استبعاده من السباق الرئاسى؟ - لم تكن لى علاقة ب«حازم» قبل مرافعتى عنه فى المحكمة، فالقضية ليس لها علاقة بحصول والدته على الجنسية الأمريكية أم لا، نحن عندنا قانون الجنسية المصرى وملزمون بتطبيقه، والمادة 10 تنص على أن أى مواطن يحصل على جنسية من الخارج لا بد أن يحصل على إذن من وزارة الداخلية، وفى حال عدم حدوث ذلك فإن الداخلية أمامها أمران، إسقاط الجنسية المصرية عنه، أو اعتبار أنه مصرى من جميع الوجوه وفى كافة الأحوال، وهذا يعنى عدم الاعتراف بالجنسية الأخرى التى حصلت عليها والدة أبوإسماعيل، هذا الشق القانونى الذى أؤمن به، أما الشق الإنسانى، فبكل أسف كان أداء اللجنة العليا للانتخابات، ووزارتى الخارجية والداخلية، «زى الزفت»، وإذا كانوا يملكون -من البداية- المستندات التى تدين «حازم» لماذا لم يقدموها إلى محكمة القضاء الإدارى؟ كما أنهم رفضوا السماح له بالاطلاع عليها. * هل والدة «أبوإسماعيل» مصرية أم أمريكية؟ - وفقا للمستندات التى قُدمت إلى المحكمة، أنا «شفتها»، والدته مصرية، ووفقا للأوراق التى قُدمت إلى اللجنة، أنا «ماشفتهاش»، فأنا لا أعرف الإجابة. * هل رفضك القاطع لوضع الدستور قبل الانتخابات له علاقة بما يدور فى الكواليس السياسية من أن المجلس العسكرى يطمح بهذا الإجراء إلى وضع ضمانات خاصة به؟ - أكيد، فوضع الدستور تحت حكم العسكر سيوقف الانتخابات الرئاسية، مع إمكانية صدور حكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان، مما يؤدى إلى ضياع هذه السنة بلا مبرر، فضلا عن أن وضع الدستور خلال شهر أمر خطير، والفقهاء الدستوريون الذين يؤيدون هذا التوجه «للأسف هم مجموعة تُخدّم على المجلس العسكرى»، فدستور يوضع تحت قوة مسلحة تحكم، يعنى بصراحة انحيازا تاما لوضع ضمانات وصلاحيات أوسع مما كانت لها فى دستور 1971، وكل الاحتمالات واردة فى هذا الدستور.. وعلينا أن نرى فى تجربة تركيا نموذجا لحكم العسكر بدعوى الحفاظ على مدنية الدولة. * هل هناك شخص معين تحمله هذه المسئولية على وجه التحديد؟ - المستشار طارق البشرى، فهو المسئول عن الإعلان الدستورى «اللى اتلعب بينا فيه»، كما أحمله المسئولية عن المادة 28، فهى وصمة عار على الديمقراطية المصرية. * ما سر اكتسابكم لشعبية كبيرة جعلت منكم الممثل الأقرب من الثورة فى انتخابات الرئاسة؟ - ربما لأننى تعاملت بتواضع، وكنت مجرد صوت من أصوات الشباب المصرى، وعملت بدأب، وبتخطيط حقيقى فى جمع التوكيلات للدخول فى السباق وتمكنت من ذلك. * هل تعرضت لتهديدات بعد إعلانك خوض السباق الرئاسى؟ - تهديدات مباشرة، لم يحدث، ولكنى تعرضت لبعض «الغلاسات» على مواقع التواصل الاجتماعى كتويتر والفيس بوك. * قدمتم مبادرة لتوحيد صف القوى المدنية من خلال التوافق على مرشح رئاسى مدنى واحد تقف وراءه باقى القوى المدنية، فلماذا لم تر هذه المبادرة النور؟ - لقد طلب منى شباب الثورة التحالف مع كل من الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى، وكنت مؤيدا لهذا التحالف، بل وطالبت بانضمام كل من أبوالعز الحريرى وهشام البسطويسى وأيمن نور -قبل أن يخرج من السباق- باعتبار هذه الأسماء تمثل روح الثورة وفى ذات الوقت هم يمثلون تيارات سياسية مختلفة، وكان عندى استعداد للتنازل إذا ما تم التوافق على شخص واحد. * ألم يكن من المنطقى أن تكون مصر كلها خلفك، فأنت قادم من ميدان التحرير؟ - لا.. لأنه ببساطة كلهم بيقولوا إنهم من الميدان. * هل تعتقدون أن «الإخوان» خذلوا الثوار؟ - «الإخوان» خذلوا الثورة والثوار معا، وأداؤهم محبط جدا، وكنت أعتقد أنهم أذكى من ذلك بكثير.. لكن من الواضح أن الصراع بين القوى المتشددة والقوى الوسطية داخل «الإخوان» أدى إلى هذه النتيجة، والمسلسل بدايته كانت الإعلان الدستورى الذى أدى إلى انشقاق قوى الثورة، وعلى «الإخوان» أن يعرفوا جيدا أن آليات وصولهم إلى مجلس الشعب لن تكون ناجزة فى انتخابات الرئاسة. * موقف «الإخوان» هل كان لإرضاء المجلس العسكرى، خاصة أن العلاقة بينهما تشابكية، بدأت كشهر عسل وانتهت بمواجهات صدامية؟ - عادى.. ناس «اتجوزت وبتطلق»! * هل سيحتاجون لمحلل شرعى؟ - ممكن جدا، وغالبا سيكون من السلفيين أو من رجال النظام السابق! * تدخلون فى مواجهات مع المجلس العسكرى و«الإخوان» فى ذات الوقت، ألا تعتقد أن هذا يقلل من فرصك لدى بعض القطاعات فى الشارع؟ - المهم بالنسبة لى، هل ما أقوله صحيح أم خطأ، أنا لا ألعب على مشاعر الناس، «الإخوان» أخطأوا، والمجلس العسكرى «ودى البلد لحد دلوقتى فى داهية»، ويجب أن أقول هذا بوضوح بصرف النظر إذا كنت سأفوز أم لا. * هل تعتقد أن المجلس العسكرى سيدعم مرشحا بعينه؟ - هذا واضح جدا، ولكنى لا أستطيع أن أقول دعما بشكل رسمى، فهناك مرشحون من المؤسسة العسكرية ومن النظام السابق، وتحديدا أحد أبناء وزارة الطيران. * على من تراهن فى عملية التصويت؟ - الأغلبية الصامتة هم الرهان الحقيقى لى، فهم من سيحسمون نتائج الانتخابات، المهم أن يُشكل الوعى العام لهذه الأغلبية بشكل صحيح، فالأموال التى ينفقها الآخرون ليست هى عامل الجذب لهم، بل مكمن الخطورة هو الإعلام، وأدواتى هى ما استطعت أن أفعله أيام حكم مبارك، أزعم أنى أحدثت «خلخلة» فى النظام الاقتصادى من خلال القضايا التى رفعتها، كحكم الحد الأدنى للأجور، وأموال التأمينات، وإيقاف خصخصة التأمين الصحى، وقضايا بيع القطاع العام.. هذا ما أستند إليه فى التعامل مع الرأى العام. * وماذا عن الأقباط، خاصة أنهم لن يصوتوا بطبيعة الحال لمرشح إسلامى؟ - أنا ضد الدولة الدينية، إسلامية أو مسيحية، ولا أتعامل مع أية قوى بمنطق طائفى، والكنيسة والمسجد للعبادة فقط وليس للتدخل فى العمل السياسى، وبالتالى أتوجه إليهم كونهم مصريين، ومنسقو حملتى الانتخابية مسيحيون، والأقباط فى مصر ليسوا أقلية وأتوجه إليهم باعتبارهم مواطنين مصريين، وأرفع شعار «الدولة المدنية» ليس لأجلهم، بل لأن مصر تستحق ذلك. * هل تعتقد أنك ستصل للإعادة فى مرحلة السباق؟ ومن هو المرشح الذى تضعه فى اعتبارك؟ - احتمال كبير، إذا استطعت أن أصل للناس، والتحدى الحقيقى بالنسبة لى هو الناس وليس المرشحين. * فى حال فوزك بمنصب الرئيس.. كيف سيكون مستقبل العلاقة بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة؟ - دستور 1971 هو الأساس، وهم ضمن مؤسسات الدولة مثل أى وزارة فى مصر وسيكونون خاضعين لرئيس الجمهورية، ودورهم فى الثكنات فقط، ولن يحصلوا على امتيازات خاصة. * هل حاول «الإخوان» استقطابك للانضمام اليهم؟ - لا. * كما تكلفت حملتك الانتخابية حتى الآن؟ - تكلفتنا بسيطة جدا ولم أتلق أى تمويل خارجى سواء من المصريين الذين يعيشون فى الخارج أو غيرهم، وأعلنت ذلك للرأى العام بشفافية، والحملة قائمة على التبرعات البسيطة. * لمن تقرأ؟ - محمد المخزنجى وسلامة أحمد سلامة وجمال حمدان وإبراهيم أصلان، وأعشق السينما والشعر. * لمن تدين بالفضل فى حياتك؟ - كثيرين جدا على رأسهم زوجتى وأسرتى. * ما تقييمك لمسار الثورة؟ - فى مفترق طرق حقيقى.