عزيزي القارئ.. من فضلك لا تقرأ هذا المقال.. إلا بعد أن تتجرد من رداء التعصب، أو التبعية، أو حتى الانتماء الفكري.. أريد منك أن تلبس ثوب الحيادية. فلا تجعل أهوائك وانتمائاتك تتحكم فيك وتوجه تفكيرك.. استشعر الحرية الفكرية حتى تقترب من الحقيقة، وابتعد عن المؤثرات الخارجية، وابتعد عن الغرور والمكابرة والتحيز لل"أنا" بداخلك.. أطلب منك ذلك لأنني أريد أن أتحدث معك حديث من إنسان لإنسان، فلا حواجز فكرية تمنعنا، ولا انتمائات سياسية توجه أفكارنا. عزيزي القارئ.. هل تؤمن بنظرية المؤامرة؟.. الإجابة على هذا السؤال قد تكون نعم وقد تكون لا، لكن مالفت انتباهي أن شريحة الشباب أغلبهم لا يؤمنون بنظرية المؤامرة، ولذلك أوجه سؤالي لمن ينكر المؤامرة وأقول: إذا كانت ليست هناك مؤامرة، فما تفسيرك لما يحدث من إرهاب في سيناء؟، وعربات مفخخة تستهدف المواقع العسكرية وانتحاريون يستهدفون جنود مصر، وإسقاط طائرة مصرية بصاروخ أرضي موجه من أحد العناصر الإرهابية لجماعة أنصار بيت المقدس، واستهداف الأكمنة بالطلق الناري، واستهداف الجنود بالعربات المفخخة، وما يحدث في محافظات مصر من تفجير مبنى المخابرات بمحافظة الإسماعيلية عن طريق سيارة ملغمة، وبنفس الطريقة يتم استهداف مبنى المخابرات بالشرقية بمنطقة أنشاص الرمل. وتفجير مديرية أمن الدقهلية، ومديرية أمن القاهرة بسيارة ملغومة وإعلان جمعية أنصار بيت المقدس عن مسؤليتها عن التفجيرات، وغير ذلك من الأعمال الإجرامية والاغتيالات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (اغتيال الضابط محمد مبروك، ومقتل اللواء نبيل فرج)، واستهداف الأكمنة بالطلق الناري من قبل العناصر الإرهابية، وتفجير موكب وزير الداخلية ومحاولة اغتياله، وبعد كل هذه الوقائع تجد من يقول "لا توجد مؤامرة على مصر!" كيف ذلك؟. من الواضح أن هناك استراتيجية جديدة للغزو الفكري عن طريق تسفيه الأمور، وزرع السلبية واللامبالة في العقول.. بمعنى أن تكون أمامك مؤامرة واضحة، واستهداف كامل لمؤسسات الدولة، ومحاولات جادة لإسقاط الجيش والشرطة، وهدم الدولة ثم تجد من يقول لك الآتي: لا تسير مع القطيع؛ فإذا كان أغلب الشعب يقول أن هناك مؤامرة على مصر، فهذه هي طريقة القطيع الذي يسير وراء الجيش وهو معصوب العينين.. أما أنت فلابد أن تكون متفرد بتفكيرك وكيانك.. اكسر القيود الفكرية واعلم إنها ليست مؤامرة.. إنها الفزاعة والتدبير الممنهج من المخابرات، وفي الحقيقة لا يوجد إرهاب، وكل ما في الأمر أن أجهزة الدولة هي التي توهمك بأن الوضع سيء وبأن أجراس الخطر تدق، وبأن المؤمرات تحاك بالوطن وهذا هو سلاح الدولة الذي تستخدمه لكي تمارس الديكتاتورية، فلا تصدق ما يدور حولك؛ لأنك لو صدقت ستكون مثل القطيع، فالشعب مضحوك عليه.. أما أنت فلابد أن تسير عكس التيار إن الأغبياء هم الذين يصدقون نظرية المؤامرة، فلو صدقت هذه النظرية ستكون مثلهم. وبهذه الفكرة البراقة يتم تزييف الحقائق، فكرة التفرد، فكرة تعظيم ال"أنا" وتجهيل الواقع، فبمجرد سيطرة هذه الفكرة على ذهنك يعني دخولك في صراع مع نفسك، فلو صدقت أن مصر تتعرض لإرهاب حقيقي ستكون بذلك مثل القطيع.. مثل الأغبياء المضحوك عليهم، وبناء عليه فهذا يجعلك تسعى جاهدًا بكل الطرق لإنكار الواقع؛ لأن مجرد تصديقك للمؤامرة سيجعلك في سلة واحدة مع الشعب، وبالتالي سينتهي شعورك بالتفرد، وستصبح مثل الآخرين، ولو ساندت الجيش في حربه على الإرهاب ستكون مثل "عبيد البيادة"، وبالتالي لا يمكن أن تصدق نظرية المؤامرة، ولا يجب أن تساند جيش بلدك؛ لأن ذلك سيقضي على الأنا بداخلك، وسيهزم ثوريتك، وسيقتل تفردك، وسيجعلك تدخل في صدام مع نفسك. وهذا هو المطلوب أن يتم تزييف الواقع في أعيينا لكي نظل في غفلة، ولا نستفيق إلا على حطام الوطن، لكن دعني أقف معك على أرضية مشتركة تحت مبدأ البحث عن مصلحة الوطن، وإنكار الذات، والتضحية بالأنا والحيادية في تقييم الأمور.. عزيزي القارئ قد نتفق معًا أن هناك فساد متراكم في مؤسسات الدولة كنتيجة طبيعية لفساد تدريجي على مدار30 عام مضت، ولكن دعني أفرق بين كيان الدولة وبين النظام الحاكم، فمن الممكن أن نختلف مع النظام الحاكم في استراتيجية الإداره، وننتقد النظام وننادي بالقضاء على الفساد، وتطهير مؤسسات الدولة، ونسعى جاهدين من أجل تحقيق مطالب الثورتين، لكن لا نختلف حول كيان الدولة، ولا ندعم محاولات إسقاط مصر.. ولا ننكر المؤامرة الحقيقية التي تحاك بمصر وشبابها، واتفاقنا على هذا المبدأ يقودنا إلى التكاتف ضد أي محاولة للغزو الفكري، وضد محاولات تزييف الحقائق بدعوات الحق التي يراد بها الباطل.