موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قناة الجزيرة.. وصناعة الإرهاب في مصر.. !
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 31 - 12 - 2013

في الأسابيع الأولي، وبعد حركة تصحيح مسار الثورة الذي شهدته مصر في 30 حزيران، بدا الأمر لكل المتتبعين أن الحرب ستكون في جزء كبير منها حرباً إعلامية وأن معركة الصورة ستكون أهم بكثير من معركة الرصاص. معركة الصورة بدت جديدة علي الشعب المصري، وخصوصاً مع دخول إمبراطورية قطر الإعلامية في خضم المعركة، حيث تمتلك النفوذ السياسي والمالي.
في أي معركة عليك أن تتابع ما الذي يزعج عدوك وردة فعله تجاهه، وليعلم الكثيرون أن المعركة الآن هي لمعاقبة الشعب المصري أكثر منها لمعاقبة القيادة المصرية، لأن الشعب المصري بالكامل اختار الوقوف مع الوطن.
هي لعبة إعلام قذر ومأجور، وإرهاب إعلامي موصوف لاستهداف مصر في إطار ماكينة الحرب النفسية، والدلائل كثيرة، والحقائق واضحة أمام من أراد أن يحكم ضميره. فمنذ بدء المؤامرة علي مصر، وماكينة إعلام 'الجزيرة' التابعة للنظام القطري المتآمر علي مصر، تواصل فبركة الروايات والأكاذيب واختلاق ونسج شتي القصص الملفقة التي تستهدف مصر، حيث بات الإعلام التابع للأجندات الأمريكية والصهيونية في المنطقة يروج للمصطلحات التي تنطق بها ألسنة المسؤولين فيها والناشطين تحت مظلتها في عملية تعميم واضحة يمكن للمشاهد الفطن أن يكتشف من دون عناء أنها حرب نفسية إعلامية مدفوعة الثمن وبملايين الدولارات لم ير العالم مثيلا لها.
والمتابع لقناة 'الجزيرة'، ولا سيما خلال نشرات الأخبار التي تأتي دائماً علي رأس الساعة، يري كيف أن هذه القناة تضع الحدث المصري في مقدمة أولويات المشاهد مقارنة بالأحداث التي تخص دولاً أخري، وتعطيه الحجم الأكبر من التغطية والتركيز عبر إضافة الأخبار المفبركة والتقارير المفخخة من أجل تسويق أمور بصورة متواترة بالشرح والنشر ضمنياً أو علنياًَ لتحقيق ما خطط له مسبقا، كالمطالبة 'بعودة المعزول 'مرسي'' أو التدخل الخارجي، وفي المقابل تعمد هذه القناة نفسها إلي التقليل من أهمية الحلول السياسية الأخري كوقف العنف واعتماد الحوار كحل سياسي سلمي للازمة.
وحين نتحدث عن قناة الفتنة والتحريض لابد من أن نتوقف طويلا عند قناة 'الجزيرة' التي تصدرت قائمة القنوات الشريكة في سفك الدم المصري باعتبارها منبراً حراً للإرهاب وذراعا تسويقية له، ولا أحد ينكر عليها الأدوار المختلفة التي تفننت بها لقلب الحقائق وبث الأخبار الكاذبة والمخالفة للواقع، وشن حملة من الأكاذيب لتصعيد الوضع مصر.
لسنا هنا لنذكر أمثلة علي ذلك 'فالحقيقة كالشمس لا يستطيع أحد أن يحجبها' ولسنا هنا أيضاً من باب الهجوم علي القناة، ولكننا سنحاول استعراض معلومات عن قناة 'الجزيرة'، ونحللها بهدف الوصول إلي جزء من حقيقة القناة ودورها السابق والحالي.
هي إذاً مجموعة من الأسئلة المنطقية حولها ونترك الإجابة للقارئ، وسوف نسلط الضوء علي بعض ممارسات 'الجزيرة' التي شكلت خطراً حقيقياً علي الأمة العربية، وتلاعبت إلي حد كبير بعقل المشاهد العربي. ولا بد في البداية من الاعتراف بتلك الحرفية الكبيرة التي يؤدي بها كل العاملين في قناة 'الجزيرة' عملهم، وليس المهنية الكبيرة، إذ إن هناك فرقاً بين الحرفية والمهنية. فبينما تعني الحرفية إتقان الحرفة وصولاً إلي الإبداع فيها في بعض الأحيان، تعني المهنية أن تكون حرفياً مع مراعاة الأخلاق والصدق في العمل.
فجزيرة قطر ليست دولة بترولية ثرية وإن كان الغاز المسال هو مصدر دخلها الأول مثل السعودية أو الكويت لتتحمل كل هذا الإنفاق الخرافي علي قناة الجزيرة دون أي هدف. فأمير قطر له علاقات قوية جداً بأمريكا، وهو واحد من أفضل أصدقائها 'أتباعها' وحلفائها في المنطقة وقد تجسدت هذه الصداقة 'التبعية' في إقامة أكبر قاعدة عسكريه أمريكية في المنطقة في قطر، والرجل لم ينكر أبداً علاقته القوية بالكيان الصهيوني، الأمر الذي يجعله يقيم مكتبًا للتمثيل التجاري لإسرائيل في قطر بدون أي مبرر، وله تقريباً زيارات سنوية للكيان الصهيوني كما نعلم.
فهل ينفق الرجل كل هذه الأموال ليقيم وينشئ قناة إخبارية يمكن أن تعمل بحق ضد حلفائه وأصدقائه في واشنطن وتل أبيب؟
أما القول بأن رغبة أمير قطر في إنشاء قناة تهتم بالديمقراطية في قطر وغيرها، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدعي إنسان أن صاحب قناة 'الجزيرة' يؤمن بحريه الكلمة وحرية الإعلام، وأنه كلف نفسه كل هذا الإنفاق لخدمة ذلك، فهو أمير قطر، أي أن نظام الحكم أميري ملكي، الأمير فيه يحكم حكماً مطلقاً، لا وجود لمجلس شعب أو نواب ولا وجود لأي رقابة شعبية علي إدارته هو أو حكومته لشؤون بلاده، بل ولا يجرؤ أحد من شعبه أن ينطق بكلمة عنه أو عن أسرته علي الرغم من معرفتنا كيف تولي أمور الحكم؟ وما هي الصراعات التي نشأت داخل العائلة الحاكمة؟ وكيف تمت تصفية الكثير من العائلة الحاكمة إن لم يكن جسدياً ففكرياً وعن طريق الإلغاء والإقصاء والحبس والإقامة الجبرية والإبعاد؟ وكثير منا يعرف دور الشيخة 'موزة' في إدارة شؤون الإمارة ورسم علاقاتها خصوصاً مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فالكلمة الحرة الوحيدة التي يؤمن بها هي كلمة نفاق أو كلمة كاذبة تنفي عنه ما هو فيه، وأتصور أن وضع حرية الكلمة في قطر وحرية الإعلام في قطر أوضح من أن ينخدع أحد فيه، سيما وأنه لا خبر عن داخل قطر منذ نشأة 'الجزيرة'.
إن مقولات 'الجزيرة' من مثل 'الإعلام المحايد، والباحث عن الحقيقة'، هي أكاذيب صرفة. ولا يمكن تخيل إنفاق مبالغ طائلة لمجرد تقديم الحقائق، وهي نسبية علي كل حال، فأي إعلام له هدف ورسالة محددة. ويعرف كل من عمل في الإعلام هذه الحقائق، كما يعرف أن المقولات المشار إليها، نظرية تماماً، ويتداولها الإعلاميون وأساتذة الإعلام، بوصفها ذاك.
لكن من يعمل في الإعلام، يعرف أيضاً أن هناك قواعد مهنية يجب مراعاتها، عند صوغ وتقديم الرسالة الإعلامية، كي تكون مقنعة وتحقق الهدف منها. ودون ذلك تصبح الرسالة علي درجة عالية من الفجاجة، وتتعجل الوصول إلي الهدف بأية طريقة. وإذا كانت الوسيلة الإعلامية التي تقدم الرسالة علي هذا النحو، قد بنت حضوراً لدي المتلقي فإنها تصبح أداة خطرة، بقدرتها علي تمرير الأكاذيب بكونها حقائق منتهية، وهذا هو حال 'الجزيرة'.
و'الجزيرة' بهذا تمارس الميكافيلية في أوضح صورها، من خلال التضليل والخداع وبث الأكاذيب ما دام ذلك يحقق لها الشهرة وإثارة الجماهير والضغط علي الحكومات وابتزازها، الأمر الذي أدي إلي التأثير علي علاقة قطر بالبلدان العربية، لمسؤوليتها عن القناة وما تبثه، رغم زعمها بأنها تبث برامجها بحرية تامة ومن دون رقابة، لكن من الواضح أنها تعتمد حرية انتقائية.
وبما أن قناة 'الجزيرة' قناة قطريه أقامها حاكم قطر، وينفق عليها بأموال قطر، فالمنطق أن يكون الشأن القطري علي قمة أولويات قناة الجزيرة. ذلك أن للإعلام دوراً مهماً في الرقي بمستوي الدول وفي تحقيق قدر من الرقابة والشفافية وغير ذلك. ولكن منذ أنشئت قناة 'الجزيرة' لم يحدث أن تعرضت في أي من برامجها إلي ما يحدث في قطر، موقف غريب حقاً..
فهل هو ناتج عن أن القائمين علي قناة 'الجزيرة' يرون أن دولة قطر أصغر وأضأل من أن يهتم بها متابعو برامج 'الجزيرة'؟ أم أن قطر تحولت إلي جنة حقيقية علي الأرض حيث العدالة والحرية وتكافؤ الفرص والمساواة وتوزيع الثروات، وحيث لا توجد مشكلات تحتاج إلي أن تلقي عليها قناة الجزيرة الأضواء؟
أتصور أنه لا هذا ولا ذاك، فقطر دولة عربية ولها الكثير من المواقف التي قد نتفق معها أو نختلف معها ولكنها مواقف تستحق أن تناقش علي قناة 'الجزيرة' والشأن الداخلي في قطر يهم كل عربي باعتبارها دولة عربية شقيقة، مثلما يهمنا أمر ليبيا والسودان والصومال وجزر القمر وكلها دول عربية، ولكن أتصور أن هناك خطاً أحمر علي قناة 'الجزيرة' ألا تقترب أبداً من الشأن الداخلي في قطر.
وقناة 'الجزيرة' حريصة علي التقيد بهذا الخط الأحمر، فكل العاملين بها يدركون حقاً ما قد يحدث إذا فكروا مجرد التفكير في تجاوز هذا الخط الأحمر الذي فرضه صاحب القناة، وبذلك لا يكون هناك أي مجال للحديث عن أن الانتصار لحرية الكلمة وحرية الإعلام كان أحد أسباب إنشاء قناة 'الجزيرة'.
إن دولة قناة 'الجزيرة'، تحاول وبسلاح 'الجزيرة' تغيير الخريطة السياسية للمنطقة برمتها، ومصادرة القرار السياسي لقوي وَجدت نفسها مربوطة بخيط هذه الإمارة الصغيرة، ومعلقة في فضاء جزيرتها، فإما أن تنصاع وتعلن الطاعة 'وتأخذ المال والدعاية' وإما بالإمكان إسقاطها بسهرتين تلفزيونيتين تحريضيتين. ويبدو أن حكام تلك 'الجزيرة' الإعلامية، انهمكوا في الدور تماماً، لدرجة أنهم يتصرفون في المنطقة الآن، كقوة عظمي.
قوة قوامها: محطة تلفزيونية ومليارات لا تحصي من الدولارات، ورصيد يبلغ صفراً من الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان.
أي أن الحراك العربي الذي بدأ لأجل الديمقراطية والحرية والمشاركة في القرار السياسي، ولأجل أن يكون المواطن العربي حراً كريماً في بلده، يراد له أن ينتهي عند عرش هذا الأمير النفطي أو ذاك، وهم التابعون أصلاً لقوي الصهيونية العالمية، ولا يملكون قياد قرارهم السياسي، ويقال لنا الآن، إن إعلامهم يعمل لمصلحة الشعوب وحريتها وكرامتها.
هؤلاء الذين يُعتبر انتقادهم من قبل أي مواطن في بلادهم جريمة لا تغتفر، ومن الكبائر التي لا كفارة عنها سوي القتل أو السجن أو النفي. لا بل إنهم يحرّمون التظاهرات شرعاً في بلادهم وفي هذا فتاوي شهيرة وواضحة.
فنحن لسنا في جملة من يتوهمون أن في وسع الخطاب الإعلامي لقناة 'الجزيرة'، وهو خطاب إيديولوجي أن يكون خطاباً 'موضوعياً' و'محايداً'ومنزهاً عن أي انحياز. ولكن بين 'الحياد' الكامل و'المستحيل' والانحياز السافر المفضوح مسافة غير قابلة للاختصار.
فقناة 'الجزيرة' لا تخفي ميولها القروسطية ذات اللون الواحد الذي لا يمكن للمرء الخطأ حوله: فهي معادية للفكر القومي العربي، وإن تبدي بعض ما تقدمه علي أنه عروبي بشكل ما، ولكنه في حقيقة الأمر ليس إلا من منظور إيديولوجي يحلم عودة بسراب 'الخلافة العثمانية' البائدة.
أما اليوم فقد تبين للمواطن المصري تجييشها الذي لا يصب في مصلحة أحد إلا مشروعها القروسطي الذي لو تحقق فلن يحصد سوي المزيد من تشرذم وتابعية الشعوب العربية للآخرين غربيين كانوا أم 'عثمانيين جدداً' أم تتاراً مستجدين أم مماليك مستنسخين.
ولم يعد خافياً علينا اتخاذ 'الجزيرة' ل'القرضاوي' أباً روحياً لها، وهذا ما يبرهن ويثبت معطيات قروسطية 'الجزيرة' فهو الذي شرّع الاغتيال السياسي في أكثر من مرة، ومنها حين شرعن اغتيال 'القذافي' و'بشار الأسد' وثلث الشعب السوري.. واليوم الدور علي القيادة والشعب المصري..
ف'القرضاوي' واحد من الذين شاركوا بكل وقاحة وصلابة في صنع المؤامرة الاستعمارية في قتل العرب فيما يسمي بالربيع العربي المصنوع في دهاليز وكالة المخابرات الأمريكية ومشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي وضع لبناته 'شمعون بيريز' واضعاً من نفسه داعية، يصول ويجول في خطاباته الرنانة معلناً وصايته علي حقوق المسلمين جنباً إلي جنب مع أمير قطر، في مسرحية أمريكية بسلب هوية الإنسان العربي في القرن الحادي والعشرين، وهو بذلك لا يختلف عن الصهاينة في قتل العرب في فلسطين.
فقد بات أمر الشيخ 'يوسف القرضاوي' مفضوحاً في الشارع العربي ككل، بعد أن كشفت تدخلاته السافرة الأخيرة في الشؤون الداخلية لمصر، عن أنه يخطب وفقاً لأجندة النظام القطري وحلفائه من جماعة الأخوان المسلمين، لا وفقاً لأجندة وطنية تقوم علي الحرية والعدالة والمساواة، مستغلا الدين وتأويله للآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وفقاً لمستلزمات جماعة الإخوان وحلفائها في النظام القطري.
تناقض واضح يكشف أن انتقائية الشيخ لا علاقة لها بالدين أو الدفاع عنه وعن معتنقيه، ولكن موجهة سياسياً وفقاً لأجندة انتمائية وتمويلية إخوانية وقطرية، فهو كما أصبح واضحاً للعيان يعمل ويتاجر بالدين لحساب من ينتمي إليهم ومن يموله. وإذا ما عدنا إلي مرجعية فتاوي 'القرضاوي' زعيم أبواق الغواية والفتنة وزبانيته، لوجدنا أنه قد حسم أمره وأخذ خياره في الوقوف إلي جانب صف أعداء الأمة، والتحق بنواطير رأس مال الحقبة النفطية، وتحالف مع غزاة الوطن العربي.
أعرف أنه يمكن للكثير أن يتطوعوا للدفاع عن 'القرضاوي' ورفض كلامي، لا لشيء يستحقه الرجل، ولكن فقط لأنه رجل دين، والبعض يؤمن أن رجل الدين له حصانة أو قداسة، ولكني أقول وبعد كل الأخطاء القاتلة من مفتي الناتو، لم يعد له حصانة ولا قداسة، أرفض إلباسهما لأي فرد من المجتمع، ذلك أني أومن أن لا أحد فوق النقد والمساءلة، ومن أراد الديمقراطية وبناء مجتمع مدني، فعليه أن يعرف أن الأمور لا تستقيم مع أحد فوق القانون، بمن فيهم رجال الدين، وإلا رجعنا إلي العصور الوسطي التي لا عودة لها مهما افتعل المجرمون من مسوغات دموية لعودتها.
فقناة 'الجزيرة' انفضح أمرها، وأصبح أداؤها الإعلامي مثل لوحة فسيفسائية جديدة من تركيب للألوان عجيب وهجين: من التعتيم الكامل علي ما يجري في بلد، إلي التشديد الكامل علي ما يجري في ثان إلي التحريض علي نظام في بلد ثالث وهكذا دواليك، والضحية في هذا كله هي الرسالة الأصل: الخبر هكذا يتحول الخبر إلي موقف سياسي: بحجبه هنا وبتضخيمه هناك. بل هكذا يقع إنهاء الخبر من الأساس والتعويض عنه بالوقف السياسي.
انكشفت 'الجزيرة'، وانتهت مرحلة طويلة من التواطؤ، في التعامل مع هذه الوسيلة الإعلامية. ومع الانكشاف صار بالإمكان الإجابة عن كثير من الأسئلة التي كانت لغزاً محيراً، وأنتجت لمرحلة طويلة التواطؤ الذي أشرنا إليه. والسؤال الذي يطرحه أي مواطن عربي اليوم علي إعلاميي قناة الجزيرة، ونعرف أنه ليس بمقدور إعلاميي قناة 'الجزيرة' الإجابة عنه ولو استعانوا بكل خبرات وإمكانات سادتهم وموجهيهم هو:
إلي أين تريدون الوصول بما تقومون به من تحريض علي الفتنة وقتل الأبرياء، وتزييف الوقائع والافتئات علي الحقيقة وفبركة الأحداث وتلفيق الاتهامات الباطلة ضد شرفاء الأمة العربية ومقاوميها الأحرار، وحماية الجماعات الإرهابية المسلحة وتغطية جرائمها الوحشية بادعاءات كاذبة مازلتم مصرين علي نشرها وتكرارها والصراخ من هولها حتي بحّت حناجركم وانتفخت أوداجكم ومزقت سراويلكم و...؟
الشيء المخجل أنكم لم تخجلوا من أنفسكم أيها القادمون من بلدان المغرب والمشرق العربيين إلي قناة النفط والغاز الفضائية، علي الرغم من معرفتكم بأنكم تكذبون وتلفقون وتخدعون علي حساب كراماتكم وأخلاقكم، لكنها ضريبة البحث عن الغني والثروة، ولن نقول الشهرة لأن أسماءكم وتاريخكم وعملكم صارت اليوم في الحضيض كما هو حال 'الجزيرة' التي تعملون فيها..
وستكتشفون حين تنجلي الحقائق قريباً وتجدون أنفسكم منبوذين علي هامش الحياة الإعلامية العربية الشريفة والنظيفة والمعافاة، ومرفوضين في أوطانكم الأصلية والبديلة من الجميع حتي أقرب الناس إليكم، لأنكم كنتم صوت هذه القناة الطارئة والساقطة في ظلام الحقد والخيال بشرّ أعمالها وسيئ مواقفها، وستكتشفون كم كان الثمن الذي دفعتموه من كراماتكم ومستقبلكم ووجودكم غالياً ولن تسترجعوا شيئاً من أنفسكم وأحلامكم التي أضعتموها ركضاً وراء سراب خادع أغراكم به ممولو تلك القناة.
ألم تسألوا أنفسكم حين لهثتم نحوها: لماذا لا يوجد عاملون في تلك القناة من أبناء قطر التي أنشأتها إلا نادراً؟ ولماذا تعتمد فقط علي المرتزقة 'الأجانب' كما يسمونكم؟
إذا وجدتم الإجابة الصحيحة فستعرفون مدي المكابرة التي تستمرون فيها، وسترون من بعيد المصير الأسود الذي ينتظركم، وكل ما نأمله ألا يكون قد فات الأوان علي التراجع عن الخطأ والعودة إلي الفضيلة التي طعنتموها كثيراً.
وما يحيرنا أيها المسؤولون والعاملون في تلك القناة أنكم بعد كل الفضائح التي غطتكم من الرأس إلي القدمين وعرت قنواتكم من كل شيء لم تستحوا، ما يعني ببساطة أنكم وقناتكم غائبون عن الوعي، ومن لا يستحي يفعل ما يشاء كما يقال، ولسنا بصدد تعداد هذه الفضائح لأن المشاهدين العرب في كل مكان يحفظونها عن ظهر قلب.
فنحن الآن لا نتحامل علي قناة 'الجزيرة'، لكننا نريد كشف الحقائق والدعوة إلي أخذ الحيطة من إعلام 'الجزيرة' الموجه، وأن يدرك هؤلاء القائمون علي هذه المحطة، بأنه كان لدينا فلسطين واحدة جريحة، وبفضلهم وفضل سياساتهم صار لدينا أكثر من بلد عربي جريح.
ألم يسألوا أنفسهم من المستفيد الأول من نشر الفوضي في عالمنا العربي؟ ولماذا لم تلعب قناة 'الجزيرة' دوراً إيجابياً يعود بالنفع علي الأمة العربية وتلاحمها مادامت قناتهم تهتم بمصالح الأمة العربية وشؤونها بحسب ما يقولون، كأن تعمل علي دفع الشباب للتظاهر والمطالبة بالوحدة العربية وفك حدود الدول العربية فيما بينها، وأن تشحن الشعوب للتظاهر لإيقاف الاستيطان في فلسطين وتحرير القدس الشريف المحتل.
فمعركتنا القادمة نحن مثقفي هذه البلاد العربية هي مع 'الجزيرة' تلك القناة التي طلّقت الروح المهنية وامتهنت الفتنة والتجييش، وأعطت لنفسها حق الوصاية علي الشعوب وعلي حاضرنا ومستقبلنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.