سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إيه اللى رماكى على المُر يا «أم سيد»؟: «الأنابيب تعبتنى.. بس رزقها حلال» «أنا مابتعبش.. أصل الدنيا علمتنى أضحك حتى وأنا شايلة الأنبوبة على إيدى، وكل هموم الدنيا على راسى»
تحمل أنبوبتى بوتاجاز فى كلتا يديها، تسير بسرعة وقوة، لا تبالى بنظرات الناس لها، وجهها يصب عرقاً، ويبدو عليه التعب والألم والهم، قوة تحملها تفوق كثيراً جسمها الصغير، تعمل جميلة محمود عبدالعظيم، الشهيرة ب«أم سيد» فى توصيل أنابيب البوتاجاز إلى المنازل منذ 15 عاماً، يصفها سكان المنطقة بأنها «ست بميت راجل»: «رجالة كتير بيقولولى إحنا مانعرفش نعمل اللى بتعمليه ده، لكن أنا بانصح كل ست أنها تنزل تشتغل، خصوصاً البنات الصغيرة، عشان الشغل مش عيب، وأحسن ما نمد إيدينا لحد». تصرف «أم سيد» على زوجها القعيد، وعلى بناتها الثلاث، والصغرى منهن مريضة بالسكر، كما علّمت ابنيها وصرفت عليهما حتى زوجتهما: «الأنابيب تقيلة عليا والله، الواحدة منهم ييجى 15 كيلو، وباشيل كل يوم من 10 ل15 أنبوبة، وباطلعها البيوت، باشيل الأنبوبة على إيدى واطلع 7 و8 أدوار، ماعرفش باعمل كده إزاى، لكن ربنا بيقوينى ويصبرنى». المرأة الخمسينية تضحك وهى تقول: «أنا مابتعبش، أصل الدنيا علمتنى أضحك، حتى وأنا شايلة الأنبوبة على إيدى، وكل هموم الدنيا على راسى». دخول الغاز فى أماكن عدة فى المنطقة التى تعمل بها «أم سيد» وهى «عزبة جبريل» بفيصل، أثر سلبياً على عملها: «هاعمل إيه، صحيح الشغل قل طبعاً، لكن أنا ماقدرش أمد إيدى لحد، والأنابيب لقمة حلال، وأحسن من خدمة البيت، ومحدش يتحكم فيا، وفى الآخر ربنا اللى بيمشيها». تحمل المرأة الخمسينية عشر أنابيب كل يوم على يديها أو كتفها، لا ترى أمامها إلا ابنتها المريضة، ومصاريف دوائها، وزوجها القعيد بسبب جلطة فى قدمه، أحيانا تساعدها ابنتها الكبرى: «بنتى الكبيرة ساعات بتنزل معايا وتساعدنى، لكن لما نطلع عمارة عشان نوصل أنبوبة، استحالة هى تطلع، باخاف عليها من الناس، وأنا اللى باوصل الأنبوبة البيت». تشترى «أم سيد» الأنبوبة بعشرة جنيهات، وتقوم بتوصيلها إلى المنازل ب15 جنيهاً، لم تبخل على أولادها بالتعليم، جميعهم دخلوا مدارس، حتى إذا شعرت بالتعب، تنزل مضطرة إلى العمل من أجل بناتها: «والله إمبارح ماكنتش عايزة أنزل، كنت تعبانة ومش قادرة، لكن جيت على نفسى، ربنا كبير وبيرزق، وعمرى ما مديت إيدى لحد، لأن لازم قرشى يبقى من عرق جبينى».