عندما نعتني بالصورة أكثر من المضمون في أي موضوع فسيكون الحال متجهًا نحو عدم القدرة على الصمود، لكون ما بدأ كمناورة معتمدًا على الصورة قد يتحول في نهاية الأمر إلى خريطة ليست لها معالم أو حدود واضحة بعد. وكلّما اتجهنا نحو تعويم المضمون لإبراز الصورة فقط فمن المؤكد أن يستحوذ علينا ضياع المعنى والصورة معًا. ولا تُفيد الصورة عندّما يكون هناك فجوة بين الواقع والطموح وكذلك محددات الاختيار سواء في اختيار الأشخاص الذي دخلوا عالم الأحزاب التي تأسست سريعًا، أو على الأشخاص الذين يَرسمون صورة غير حقيقية عندَّ الدخول إلى منظومة الزواج. ف الأشخاص الذين يتفننون في إخفاء الحقيقة من الطرفين أثناء الاستعداد لمنظومة الخطوبة والزواج وراء صورة مزيفة، فمن المؤكد عدم صمودهم أمام الواقع الذي نعيشه حاليًا. ونفس هذا الأمر ينطبق على الأحزاب- التي نشأت من أعلى الهرم وليس من أسفله- مثلما نكتب الخبر الصحفي بطريقة الهرم المقلوب، أي كتابة المعلومات الأكثر أهمية في المقدمة ثم الأقل أهمية في الفقرات المتتالية وصولاً إلى الأقل أقل أهمية في نهاية الخبر الصحفي.. ومع الآسف هذه النظرية لا تصلح إلاَّ في كتابة الخبر الصحفي وليس في بناء ونشأة الأحزاب التي يجب أن تنتشر في القرى والنجوع ثم المراكز والأماكن الشعبية وصولاً إلى المدن والعاصمة. ويُؤكد الواقع أن الهزيمة لا تأتي إلاَّ وهي مصحوبة بأسبابها الحقيقية.. والهزيمة هنا كانت متمثلة في الأحزاب التي وجدت نفسها وهيَّ في بداية نشأتها في موقع الرد والنفي، عندَّما قدَّم بعض قيادات الأحزاب في المحافظات استقالاتهم وكذلك في العاصمة بسبب عدم اختيارهم لتمثيلهم في البرلمان القادم. ليأتي رد أحد هذه الأحزاب على بعض القيادات التي تقدمت باستقالتها بردود متمثلة في الآتي: «لم نعد أيا من الأعضاء المُستقيلة ب مناصب.. وأنَّ الاستقالات طالت جميع الأحزاب». والسؤال الذي يَطرح نفسه: «ليس توقيت الاستقالات السريعة في أحد هذه الأحزاب صدفة وليس الهدف منها استعراض قوة من الأشخاص الذين تقدموا باستقالاتهم بل نحو رؤيتهم القائمة على تقديم منطق المصالح الخاصة على العامة.. وهذا الأمر لا نستثني منه أحدًا لكونه يقع على الطرفين الأحزاب التي ظهرت للنور سريعا وأيضًا على المستقيلين من هذه الأحزاب فجأة». وحينما تتغنى هذه الأحزاب ب شعارات مرتبطة بالخيال أكثر من الواقع ف كأننا نحاكي شعبًا يعيش في عالم الفضاء، لأنه لطالما نشأت هذه الأحزاب منذ بدايتها على موقع الرد أو النفي فمن المؤكد أنها لا تصنع شيئاً حقيقيًا تُبادر منه إلى منطقة الفعل، وهذا ما حدث مع معظم هذه الأحزاب. ولا حاجة إلى القول إلى إنَّ بعض من تظاهروا بعالم الخيال والأوهام أثناء الدخول في منظومة الزواج وقعوا بالفعل في فخ الطلاق المبكر.. وإنَّ بعض من تظاهروا بأنهم يُؤسسون لمنظومة حزبية قائمة على تربية أجيال جديدة في عالم السياسة وأيضًا التأسيس لبيوت خبرة تُطلِع الحكومة على الاستشارات والمعلومات وما إلى ذلك وقعوا أيضًا في فخ الاستقالات السريعة، التي تقدم بها بعض القيادات الحزبية سواء في المحافظات أو في العاصمة. حفظ الله مصر وشعبها ومؤسساتها.