أمام مستودع أنابيب بولاق الدكرور، وقف المواطنون في حالة من الترقب والحزن من أجل توفير أبسط حقوقهم التي يسعون إليها يوميًا لمدة تتجاوز ال12 ساعة، وهي حصولهم على "أنبوبة البوتاجاز" ليستخدمونها في تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم الشخصية، فتراصوا في طابور امتد لعدة أمتار. "الوطن" رصدت معاناة أهالي المنطقة الشعبية، التي بدأت منذ دقات الساعة 6.30 صباحًا في انتظار قدوم سيارة توزيع الأنابيب قادمة من مصنع التعبئة للحصول على أنبوبة، قد تكون هي نافذة الأمل التي توقفت حياتهم لأيام وساعات في الشارع بحثا عنها، فالتحم المواطنون ببعضهم البعض؛ أملا في أن يحصلوا على غنيمتهم التي ذهبوا من أجل الحصول عليها، فنشبت مشادات ومشاجرات حتى يحجز كل منهم مكانه بالطابور، وبعد أن اطمأنوا إلى أماكنهم، ظلوا منتظرين قدوم "سيارة التوزيع" فمع قدومها، ظهرت بارقة الأمل في أعينهم لتوقعهم أن انتظارهم، لن يطول مثلما يحدث كل يوم، لكن توقعهم ذهب هباءً بعد وصولها وقيام صاحب المستودع بتوزيع الجزء الأكبر منها على "الموزعين". حالة من الغضب والهياج، أصابت المواطنين، فقالت "أم سارة" التي جاءت ومعها ابنتها ذات الثلاثة عشرة عامًا من أجل استعطاف صاحب المستودع أن يعطي ليهم أنبوبة، "أنا كل يوم باجي هنا وبقعد بالأربع والخمس ساعات عشان أنبوبة واضطريت أجيب بنتي معايا عشان تصعب على صاحب المستودع ويديلنا لكن هما معندهمش قلب"، وردت ابنتها "الحكومة جت الصبح، وقالت لينا اكتبوا الأسامي عشان نديلكوا الأنابيب بالدور وبعد كده دخلوا ونفضوا وقعدوا جوه وبعد شوية خدوا بعضهم ومشيوا". "بدأت الأزمة بعد عيد الأضحى مباشرة، حيث وصل فيها سعر الأسطوانة إلى (50 جنيها)"، قالتها سيدة في العقد الستين من عمرها: "أنا عرضت على السريحة وصاحب المستودع آخد الأنبوبة ب30 جنيه مرضيش عشان تعبت من الوقفة في الطابور". وقالت "سنية" أحد المنتظرين للفوز ب"أنبوبة"، "أنا ساعات باجي أقف في الطابور بالساعات وبروح من غير ما أعرف أغيرها"، بينما قالت "راوية" التي جاءت حاملة طفلها الرضيع على يديها من أجل الظفر بأنبوبة حتى تستطيع أن تسخن له "الرضعة"، قائلة "الناس قالولي تعالى المستودع ده بيسلم الأنابيب بسرعة بدل المستودع اللي عندي في منطقة المعتمدية.. بسلم الأنبوبة فاضية وبستلمها بعد أسبوع مليانة، لكن آهو واقفة من الصبح على أمل إنه تيجي عربية وأقدر أعمل الرضعة لابني". وسخر هشام من الأزمة التي يعانيها المواطنون منذ 4 حكومات متتالية، ولم تعثر لها على حل حتى الآن، قائلًا: "الأنابيب متوفرة ما شاء الله والحرامية بيبعوها ب60 جنيه"، وعن استنجادهم بسيارة الشرطة المتوقفة أمام المستودع، أكد "إنهم مالهمش دعوة بحاجة جم ومشيوا وأدى وش الضيف". وقال خالد أحد المنتظرين من أجل الحصول على "الأنبوبة"، "صاحب المستودع والسريحة اللي معاه بيهددونا لو مامشناش هيضربونا"، بينما يقول مسعد "كل مستودع بيبيع الأنبوبة بالسعر اللي على مزاجه في مستودعات بتبعها ب10، وفي ب11، وب15 عشان مفيش رقابة، ومحدش بيقلهم انتوا بتعملوا إيه فمن حقهم يعملوا اللي هما عوزينو". وبغضب شديد، وتهكم على حالها نظرًا لانتظارها ما يقارب ال6 ساعات، قالت زكية "احنا عاوزين حد يشوف لينا حل مش معقولة كده مع كل دخول فصل الشتا نتبهدل ونتهان كدة. احنا بننزل من بيوتنا قبل ما النهار بيطلع عشان نلحق نحجز مكان في الطابور وبرضوا مبنلحقش وبنروح من غير مناخد حاجة". وقال عم محمد "أنا بقالي 3 أيام كل يوم باجي من 6 الصبح لحد الضهر، ومبعرفش آخد حاجة، وجت 3 عربيات، وزعوا عربيتين ونص على السريحة ونص عربية وزعوها علينا ومكفتش.. آدينا مستنيين يمكن تيجي واحدة رابعة، مضيفا "البلد بقت سايبة لا رقابة ولا حكومة دلوقتي.. لا السيسي ولا الدولة ولا الحكومة قادرة توفر لنا أنبوبة".