ماذا قلت؟ «إرفع راسك فوق.. إنت مصرى؟» لقد فطنت إذن إلى أقوى الأسلحة قاطبة، القادرة على مواجهة «حرب جرثومية» يشنها عليك الأعداء منذ عقود، لهدف واحد، هو «امشى جنب الحيط»، و«سيبك من عنتريات عبدالناصر»، وعليك الامتثال لرغبات إسرائيل، وحتى نزواتها «اصطدم سلاح تحطيم الروح المعنوية المصرية، الجرثومى، برفض قاطع، أصابهم بالذهول، فى 67، وكانت حرب الاستنزاف المجيدة، وما بعدها، وهو معروف وأذكر بدور «رجال الدين؟» خلال معركة الصمود، فمن سجد لله شكراً على هزيمة مصر!!؟؟ ومن أفتى بأننا لم نحارب فى 73، بل خاض القتال «جنود من السماء» أرسلهم المولى عز وجل، ولا تسأله، لماذا لم يحصل ذلك فى 67؟ لأن الجواب كان ولا يزال، أن عبدالناصر لم يفهم «إن العين ما تعلاش على الحاجب»!؟ استشرت حملات تشويه لكل معاركنا، وهدفها الأسمى، العيش بكرامة فى وطن كريم، واستخدم الأعداء كافة أنواع الأسلحة، وفى مقدمتها الدين والمتاجرة به، ، وانتقلوا إلى الترويع والإرهاب، ولكنهم استفاقوا على اكتساب المصريين، حصانة مذهلة ومناعة محققة، ، ضد كافة الأوبئة التى اجتهدوا فى نشرها، وعلى وجه الخصوص، الشعور بالدونية!! فلا إرهاب نافع، ولا تشكيك فى وعيك هذا واعتزازك بهويتك، الممتدة عبر آلاف السنين، ولا فى جيشك وشرطتك، وقضائك، وثقافتك، وإعلامك، استطاعت أن تزعزعك قيد أنملة عن «عودة الروح»، التى تأكدت بعد ثورة يونيو، فكان اللجوء إلى رفع حدة الحرب عن العقود السابقة.. لا سيما والأجيال الجديدة باتت تعرف تفاصيل عن تحطيم قواتنا المسلحة لخط بارليف «المنيع!؟» وعن حرب الاستنزاف، التى أكدت فعلاً لا قولاً، آنذاك، أن الإرادة المصرية لا تعلو عليها إرادة أخرى! واستطراداً للحرب الجديدة، فنحن لم نبنِ السد العالى ولا شيدنا صروحاً صناعية كنا ننافس بها دولاً، مثل كوريا الجنوبية والهند، فى الستينات، ولا كانت قوتنا الناعمة، من أدب وسينما ومختلف الفنون، درة تاج الوطن العربى، حتى إن أصغر طفل فيه كان يعرف مَن أم كلثوم، ومَن عبدالحليم حافظ، ومَن سعاد حسنى، وفاتن حمامة، وعبدالوهاب، ولا تجد شاباً عربياً لم يقرأ نجيب محفوظ، ولم يسمع عن يوسف إدريس، أو طه حسين، أو الأبنودى، أو صلاح جاهين، أو فؤاد حداد أو أحمد فؤاد نجم، أو أحمد شوقى، أو حافظ إبراهيم أو فاروق جويدة، أو عبدالرحمن الشرقاوى، أو الغيطانى أو القعيد، أو.. أو..والقائمة تحتاج مئات الصفحات.. ولأنك صاحب حضارة تتحدى الزمن، وتطل شامخة على العالم، من مختلف أنحاء الجمهورية، فأنت معرض لهجمة شرسة على معالمك الحضارية، ويخرج عليك من يُطالب بكل بجاحة، بهدم الأهرام وأبوالهول ومعابد أبوسمبل وغيرها، مدعياً أنها «أوثان»؟.. استهدفت الحرب الجرثومية «تكريس» الشعور بالدونية.. فالمصرى لا يصلح إلا لاستهلاك ما ينتجه الغرب «الكافر»، وهو غير قادر على الابتكار أو الاختراع أو النبوغ، على أساس أن سميرة موسى، ومصطفى مشرفة، لم يكونا علامتين فى مجال الذرة، وأن أحمد زويل، ومجدى يعقوب، وفاروق الباز، ومحمد غنيم، هبطوا من كوكب آخر، ورغم أن ما ذكرته، غيض من فيض، فإن كارهى هذا الوطن، لم يلقوا سلاح حربهم الجرثومية، ضد كل ما يحق للمصرى أن يفخر به من إنجازات، ويحاولون إطفاء كل مصابيح الأمل فى غد مشرق، مستظلاً بوطن كريم، وآخر تجليات هذه الحرب الجرثومية الخبيثة ضد الكبرياء الوطنى، الحملة المفزعة التى شنها هؤلاء على جهاز اكتشاف الفيروس سى، والعلاج من هذا الداء اللعين، فالحرب، تركت معايير الإعلان عن الكشف العلمى جانباً، وانهالوا بمعاول السخرية المفعمة بالشماتة الحاقدة وبالكراهية المفزعة لجيشنا، تفوقت على كراهية الجيش الإسرائيلى له، وكأن نبوغ عالم مصرى وتوصله إلى اختراع علمى يضيف إلى الإنسانية ويخفف عنها بعضاً من آلامها، ضرب من المستحيلات، أكثر استحالة من الغول والعنقاء والخل الوفى!! وربما، لا يكون الجهاز الذى أطلق الهيستيريا من عقالها، بالكفاءة التى تم الإعلان عنها، وإن كنت أعتقد أنه إنجاز حقيقى، حيث علمت أن عدداً من مرضى الكبد قد أكدوا شفاءهم بعد العلاج بواسطته، لكن يبقى السؤال: هل يُواجه أى إنجاز علمى، حتى لو لم تكن نسبة نجاحه 100٪ بمثل هذه الحملة الضارية للنيل من جيشنا، وكأنه ليس الجيش الذى حطم خط بارلييف، بل والنيل من هويتنا المصرية.. التى ملأت رئتى فخراً واعتزازاً، طوال حياتى، وكما حدث يوماً، وأنا أشاهد فيلماً تسجيلياً فى التليفزيون الفرنسى، عرض حيرة أكثر الدول تقدماً فى العلوم والتكنولوجيا، أمام كيفية بناء الأهرام، وأعيتها السبل، للتوصل إلى أسرار، العبقرية المصرية، التى تمكنت من رفع أحجار تزن أطناناً إلى قمة الهرم، ولم تسعفها كافة النظريات والاحتمالات المتوفرة لديها فى حل «اللغز المصرى» الفرعونى العتيد.. فهل يخشى هؤلاء، أن تكون هذه «العبقرية» كامنة، وأن تكون عودة الروح إلى كل مناحى الحياة إيذاناً بتشييد «أهرامات» جديدة فى كافة المجالات العلمية بعد إنقاذ مصرنا الحبيبة من بين مخالبهم، التى كانت تنفذ مخطط، جر المحروسة، إلى عصور سحيقة؟ سوف تبوء «حربهم الجرثومية» المقيتة، بالفشل، بل لقد انتصرنا عليها عندما قلنا بصوت واحد: «إرفع راسك فوق إنت مصرى».. مخترعاً ومبتكراً ومبدعاً.