نشرت قوات الأمن البريطانية، سيارات مصفحة، اليوم، في منطقة "تاور هاملتس" في شرق العاصمة البريطانية "لندن" في محاولة للتصدي لما وصفه البعض بحرب غير معلنة بين متطرفين إسلاميين يحاولون تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة المتحدة وبين مجموعة أطلقت على نفسها "الدوريات المسيحية" تحاول منعهم والتصدي لهم. وجاءت هذه الخطوة وسط مخاوف لدى البعض خشية ألا تجدى محاولة بريطانيا التصدي للمتطرفين العائدين من سوريا نفعا، حيث من الواضح أن التطرف يعيش بداخلها وينمو ويمثل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت. يذكر أن متطرفين إسلاميين يحملون الجنسية البريطانية كانوا قد نظموا خلال الشهور الماضية ما أطلقوا عليه اسم "الدوريات الإسلامية" والتي هاجمت عددا من الشباب البريطاني بدعوى تناولهم الخمور في الشوارع أو الفتيات بسبب ملابسهم الفاضحة، الأمر الذي أثار الذعر في منطقة "تاور هاملتس" ، ودفع حركة "بريطانيا أولا" اليمينية إلى تنظيم كتيبة موازية لها وأطلقوا عليها اسم "الدوريات المسيحية" لمواجهتهم والتصدي لهم. وكانت المواجهة الأولى بين الجانبين الأسبوع الماضي، عندما اشتبك الطرفان بشكل عنيف في المنطقة، الأمر الذي أجبر الشرطة البريطانية على التدخل وإلقاء القبض على عناصر من الجانبين. وأصدرت محكمة بريطانية الجمعة الماضية، قرارا بسجن ثلاثة عناصر من "المتطرفين الإسلاميين" هم جوردان هورنر "20 عاما"، ورويال بارنز"23 عاما"، وريكاردو ماكفارلين "26 عاما"، لمدة عامين وعشر أشهر خلف القضبان بتهمة التحرش بالمواطنين وإرهابهم في لندن، ومنعت المحكمة الأشخاص الثلاثة أيضا من توزيع أي مواد تتعلق بتطبيق الشريعة الإسلامية على العامة أو حتى عقد اجتماعات بينهم. وهاجم هورنر، الذي أعلن رغبته في تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة المتحدة، من يتعاطون الخمور في الشوارع. وبدأ هؤلاء الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام، وأرادوا "تطبيق الشريعة"، العام الماضي بالتعرض لزوجين كانا يسيران في منطقة وصفت "بالإسلامية" ويمسك كل منهما بيد الآخر. على جانب آخر، صعدت حركة "حزب بريطانيا أولا" من إجراءاتها لمواجهة المتطرفين الإسلاميين في شرق العاصمة مستخدمة ثلاث سيارات "جيب" عسكرية مصفحة" لتوزيع منشورات على المارة. وقال متحدث باسم الحركة اليمينية: "لا يوجد أي نية لإساءة استخدام السيارات العسكرية لترويع العامة. ولكن ممثلون من المنطقة السكنية أدانوا "الدوريات المسيحية" خارج مسجد شرق لندن في منطقة "وايتشابل". وقال المتحدث باسم "حركة بريطانيا أولا" جيمس داونسون: "لدينا ثلاث سيارات "لاند روفر"، نستخدمها في لندن وفي جنوب شرق العاصمة. نخرج وندور في الشوارع لتوزيع منشورات وفي حالة وجود أي مشكلة يمكننا أن نتواجد على الفور"، مضيفا "نريد أن نحمي أمان الناس؛ لأن هؤلاء لديهم عائلات. الشاحنات التي نستخدمها ليست لإخافتهم، ولكن في الحقيقة يوجد أشخاص خطرون جدا في هذه المنطقة، لديهم خبرة قتالية خارجية في سوريا". وقالت الحركة: إن تحركاتها تأتي كرد فعل لما يسمى "بالدوريات الإسلامية" التي تحاول فرض الشريعة الإسلامية في "تاور هاملتس". وقاد رئيس الحركة بول جولدنج "دورية مسيحية" بنفسه، رغم أنه بذلك خالف شروط الإفراج عنه، حيث كان قد اعتقل بعد مهاجمته لأحد الدعاة الاسلاميين، أنجيم شودري. وأعلن حركة "حزب بريطانيا أولا"، أنها اشتبكت الجمعة الماضية، مع مجموعة من المتشددين الإسلاميين في وسط العاصمة البريطانية، مشيرة إلى أنهم هاجموا شخصا مارا وصفوه "بالوغد المسيحي"، لذا فانهم اضطروا لمواجهتهم. وأدانت الشرطة البريطانية والجاليات في "تاور هاملتس"، "الدوريات المسيحية" التي استهدفت مسجد شرق لندن الشهر الماضي. وقال متحدث باسم الشرطة: "سنعمل مع شركاءنا في الشرطة والسكان في "تاور هاملتس"، لتوفير بيئة آمنة لأولئك الذين يعيشون ويعملون في المنطقة. يذكر أن حركة "حزب بريطانيا أولا" قد نظمت الشهر الماضي مظاهرة حاشدة أمام مكتب التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان في منطقة "كريك وود" في شمال لندن، معلنة "إنه لا يجب أن يكون لهذا التنظيم الإرهابي موطئ قدم في بريطانيا، وهم ليسوا موضع ترحيب، فبلادنا ليست الجزيرة التي يمكن أن تكون مرتعا للجهاديين. وتعهدت الحركة، التي أسهها الحزب البريطاني الوطني عام 2011، للدفاع عن الهوية البريطانية، بالصحوة ضد كابوس الإسلاميين الراديكاليين في بريطانيا.ويخشى مراقبون أن تكون القضية أخذة في التصاعد بين الجانبين، وقد تتكرر في مناطق أخرى من العاصمة البريطانية أو في مدن بريطانية أخرى. يذكر أن السلطات البريطانية قد أعربت عن قلقها من وجود نحو 400 بريطاني يقاتلون في صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا ضد النظام السوري، ومن إمكانية نشرهم لثقافة التطرف عند عودتهم للبلاد، إلا أنه من المؤكد أن هذا التطرف موجود بالفعل في بلاد الانجليز، ويمثل قنبلة موقوتة لا يعلم أحد عواقب انفجارها.