بعد قطيعة استمرت ل10 أعوام، أنهت الكوريتين التوتر بينهما اليوم، بعقد قمة تاريخية، حيث التقى الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي إن، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج - أون، في المنطقة العازلة على الحدود بين الكوريتين "بانجوم"، في خطوة بالغة الأهمية ناتجة عن جهود دبلوماسية حثيثة شهدتها شبه الجزيرة خلال الأشهر الأخيرة، وبذلك يصبح كيم أول زعيم كوري شمالي يطأ التراب الكوري الجنوبي منذ نهاية الحرب الكورية 1950- 1953. وفي بداية اللقاء، رحب مون بكيم عند خط ترسيم الحدود العسكرية بكيم كأول زعيم كوري شمالي تطأ قدماه الجنوب منذ الحرب الكورية، وللمرة الأولى تعرض على الهواء مباشرة لقطات بارزة مثل عبور كيم الحدود إلى الجنوب ومصافحة الزعيمين وتوجههما إلى بيت السلام لإجراء المحادثات، وقال رئيس كوريا الجنوبية لنظيره الشمالي: "أنا سعيد بلقائك"، بينما كتب الزعيم الكوري الشمالي في دفتر الزوار في كوريا الجنوبية، عبارة "تاريخ جديد يبدأ الآن"، مع لقائه بنظيره الجنوبي، مبديا استعداده لزيارة سول في أي وقت، وفقا لوكالة "فرانس برس". كما تعهد الزعيمين على العمل لتخليص شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بعد عقد قمة تاريخية، واتفقا على عدة نقاط، أبرزها الدفع باتجاه تحويل الهدنة التي أنهت الحرب الكورية عام 1953 إلى معاهدة سلام هذا العام، نهاية الأنشطة المعادية بين البلدين، وتغيير المنطقة منزوعة السلاح التي تقسم البلاد إلى منطقة سلام عن طريق وقف بث الدعاية، وتخفيض الأسلحة في المنطقة في انتظار تخفيف التوتر العسكري، والدفع باتجاه محادثات ثلاثية تشمل الولاياتالمتحدة والصين، وتنظيم لم شمل العائلات التي خلفتها الحرب، وربط وتحديث السكك الحديدية والطرق عبر الحدود، ومزيد من المشاركة المشتركة في الأحداث الرياضية بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية لهذا العام، بحسب موقع "بي بي سي" الإخباري. وتعتبر تلك القمة هي الثالثة في تاريخ الكوريتين، كانت أولهما في يونيو 2000، والتي ساهمت في إبعاد الدولتين عن مواجهات حرب باردة وتقريبهما من مصالحة وحوار، حينها أدهش الزعيم الكوري الشمالي الأسبق كيم جونغ إيل العالم بخطوة نادرة على المسرح الدولي بتوجهه شخصيا إلى المطار لاستقبال الرئيس الجنوبي السابق كيم داي جونغ، في مشاهد مؤثرة تم بثها مباشرة في كوريا الشمالية، واصطف مئات آلاف الأشخاص بينهم نسوة يرتدين الاثواب التقليدية الزاهية الألوان والتي يطلق عليها في الجنوب "هانبوك" وفي الشمال "جوسيون-أوت"، فيما ارتدى الرجال سترات وربطات العنق ولوح جميعهم بزهور ورقية حمراء وزهرية اللون، على جانبي الطريق لاستقبال كيم داي-جونغ كالأبطال في مراسم محضرة بدقة، وقال الزائر لمضيفه "تسعدني رؤيتك، لطالما أردت ذلك منذ مدة طويلة"، وقال كيم جونغ إيل "نحن شعب جوسون (الكوري) نفسه"، بحسب "فرانس برس". وخلال الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، وقع الزعيمان اتفاقا بشأن خفض التوتر وتعزيز الجهود لإعادة التوحيد ومنها الانتقال إلى سلام دائم على شبه الجزيرة الكورية، والتي بقيت في حالة حرب فعليا منذ وقف إطلاق النار في 1953، ولم شمل العائلات المقسمة، وخلال مأدبة الغداء الوداعية شبك الزعيمان الأيادي وغنيا "أمنيتنا هي التوحيد"، ورحب قادة العالم باللقاء وأشادت الولاياتالمتحدة "بيوم أمل جديد". وساهمت القمة في نيل كيم داي جونغ جائزة نوبل للسلام، ولكن تبين لاحقا أن 500 مليون دولار دُفعت سرا لكوريا الشمالية قبل وقت قصير على القمة، عن طريق مجموعة هيونداي للأعمال، وندد المنتقدون بما وصفوه فضيحة "مال مقابل قمة"، وفقا للوكالة. القمة الثانية بين الكوريتين.. عقدت في أكتوبر 2007، وسط أجواء تفاؤلية في مفاوضات سداسية حول نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، رغم تجربتها النووية الأولى قبل عام، وفي بادرة رمزية كبيرة، سار الرئيس الكوري الجنوبي السابق روه مو هيون مسافة 30 مترا داخل الحدود البالغة التحصين قبل العودة إلى موكبه للتوجه إلى بيونغ يانغ، وقال في تصريحات تلفزيونية إن الحدود "قسمت الأمة لنصف قرن، تسببت بآلام هائلة لأمتنا وأعاقت التنمية". ووقع الزعيمان على إعلان يدعو إلى شبه جزيرة خالية من السلاح النووي ومعاهدة سلام دائم بين الكوريتين، جاء فيه أن "الجنوب والشمال لن يتخذا موقفا عدائيا تجاه بعضهما البعض وسيقومان بخفض التوترات العسكرية وحل قضايا النزاع من خلال الحوار والتفاوض"، كما اتفقا على تعزيز المبادلات التجارية والسياسية والرحلات وعقد قمم بشكل متكرر في المستقبل. ولكن في العام التالي، توقفت سياسة الجنوب المنفتحة للتحاور مع الشمال مع مجيء المحافظ لي ميونغ باك إلى السلطة في السنة التالية، وإثر ذلك انسحب الشمال من المحادثات السداسية قبل القيام بتجربتها النووية الثانية، وتوفي كيم في 2011 وخلفه نجله كيم جونغ أون الذي أشرف على تسارع تقدم التكنولوجيا النووية والصاروخية، بالتزامن مع عقوبات شديدة فرضها مجلس الأمن وآخرون، مع تصاعد الضغوط وصولا إلى التقارب الأخير في أعقاب الألعاب الأولمبية الشتوية في الجنوب هذا العام.