تفاءل يا كئيب

«تحدانى أحدهم أن أكتب لأسبوع كامل مقالات بعيدة عن الشأن السياسى والإخوان والأربع أصابع وقرف الحالة الراهنة والاتهامات بأنك طابور خامس والهرى والخناق والتخوين ووجع القلب والمزايدة.. وقد قبلت التحدى، وهذا هو اليوم الثالث».
يا أخى تفاءل.. مهما كانت الدنيا سوداء أمام عينك، تفاءل.
مهما كنت لا ترى إلا كآبة المنظر وسوء المنقلب.. تفاءل.
تذكر أن ربنا سبحانه وتعالى موجود.. ولذلك تفاءل.
لو زهقت من الدنيا، فرصة تفكر فى الآخرة، وتتفاءل.
المصائب والابتلاءات قاعدة، ولا يوجد إنسان سعيد فى العالم دون شوائب.. لا توجد سعادة «بيور» لو انت مين، وكل مصائبك لا تأتى «صفر على شمال» مصائب وابتلاءات حدثت مع أنبياء ورسل، ومن أنت بجانب ملائكة ورسل؟ لكنك «مأجور» فى كل ما يحدث لك، ولو كنت نبياً ما حرمك الله من المصائب والابتلاءات، ومع ذلك أنت زعلان ومكتئب رغم أنك لم تخرج من الجنة مثل آدم، ولم يقتل أحد أبنائك الآخر مثلما حدث مع قابيل وهابيل، ولم تكن مصيبتك فى ولدك كما كانت مصيبة نوح مع ابنه الذى رفض أن يؤمن به وقال إنه سيأوى إلى جبل يعصمه، ولم تُلقَ فى النار مثل إبراهيم، ولا أمرك الله بذبح ابنك مثل أبى الأنبياء، ولا كنت أنت الذبيح فقلت لأبيك افعل ما تؤمر وستجدنى إن شاء الله من الصابرين مثل إسماعيل، ولم تفقد ابنك بمكر من إخوته مثلما حدث مع يعقوب، ولم يلقك إخوتك فى غيابة الجب مثلما حدث مع يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم الذى كان نبياً ابن نبى ابن نبى ابن نبى، ومع ذلك دخل السجن، واتهم فى شرفه وعرضه، لكن الله جعله فيما بعد على خزائن الأرض، فى قصة حقيقية هى من أحسن القصص، ولو رأيتها فى فيلم هندى لم تكن لتصدقها، لكن الله، عز وجل، أرادك أن تتعلم، وأن تتفاءل، فتفاءل.
لم يخرجك أهلك من قريتك لأنك وأهلك «أناس يتطهرون» كما حدث مع نبى الله لوط، ولا عشت عمراً فى الظلام فى بطن الحوت لا ترى أحداً ولا تشعر سوى بالخوف والجزع، ولا تملك من أمرك سوى الدعاء، ولا ابتلاك الله بمرض لازمك أغلب عمرك فصبرت عليه مثل أيوب الذى مسه الضر، فتفاءل يا أخى وتذكر أن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء فالأمثل فالأمثل، وحين تدرك هذا المعنى.. تفاءل. انظر لما كنت عليه وما صرت عليه وستجد أنك لا بد أن تتفاءل. تذكر أنك كنت قبل ثلاثة أعوام أو يزيد لا تهتم سوى بسفاسف الأمور، أما الآن فأنت «شايل هم الدنيا والبلد والدين والناس والوطن»، لمجرد أنك عرفت. صحيح أن المعرفة لعنة، لكن وجهها الآخر جنة وحسن تفكر فى الجنة.. تفاءل. انظر لابتسامة أطفالك وتفاءل، تذكر خيراً فعلته لم تكن تظن أنك قادر عليه لكن الله جعلك بطلاً للحظة سحرية كلما تذكرتها قلت سبحان الله، لا لشىء إلا لتتفاءل.
ابحث عن فرحتك فى كل تفاصيل حياتك وتفاءل.. جرب تأكل أيس كريم الآن.. اطلع على الحسين.. افتح «يوتيوب» على «تتر مازنجر».. انظر إلى صورك القديمة.. اتصل بصديقك الذى تشعر دائماً بالتقصير فى حقه.. شاهد هدف أبوتريكة فى الصفاقسى فى الوقت الضائع، وقبّل يد أمك أو ادعُ لها بالرحمة، ومرر يديك على رأس طفل يتيم، أو اذهب لزيارة «57357»، ولتشارك فى مباراة كرة قدم أمام أى مدرسة مع العيال المزوغين، واحمد ربنا إنك بنى آدم ولست طحلباً أو سلحفاة بحرية أو طائر بطريق كل حياته عبارة عن حموم، وابتسم قليلاً، وتفاءل.
تذكر «تفاءلوا بالخير تجدوه» وستجده، وكن على يقين بأن بعد العسر -أياً ما كان ومهما طال- يسراً، وصدق ربنا سبحانه وتعالى حين يقول: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ».. وتفاءل.