«مندور»: انتظام في اللجان.. وتوفير بيئة مثالية للطلاب بامتحانات كلية الطب    لليوم الثاني.. استمرار تلقي الطعون على الكشوف المبدئية لمرشحي مجلس الشيوخ بالمنيا    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    غدًا.. اللقاء التشاورى الثالث للقائمة الوطنية بمقر حزب الجبهة    د. عبد الراضي رضوان يكتب: نحو استراتيجية واعية لحراسة الهُويَّة    برلمانية تطالب برفع سن التقدم للوظائف الحكومية إلى 45 عامًا    وزير الدولة للإنتاج الحربي يتفقد خطوط الإنتاج بشركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية    أسعار الفراخ البيضاء و البيض اليوم السبت 12 يوليو 2025    وزيرة التنمية المحلية توجه بمشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة    وزير الإسكان يوجه بطرح الأراضي المتاحة للمستثمرين لتحقيق أقصى استفادة    وزيرة البيئة تستقبل سفيرة المكسيك بمصر لبحث سبل التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في مواجهة التحديات البيئية    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة ل"القابضة الكيماوية" لاعتماد الموازنة    «هو الحُثالة الحقيقية»| القصة الكاملة لأعنف تلاسن بين ترامب وحاكم كاليفورنيا    إعلام فلسطينى: 60 شهيدا بنيران الاحتلال فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    صراع إنجليزي قوي على ضم كاسادو من برشلونة    ديمبيلي سلاح باريس سان جيرمان الفتاك أمام تشيلسي.. الأكثر تسجيلا في 2025    قبل انطلاق النهائي| تاريخ بطولة كأس العالم للأندية    الأهلي يبحث ترضية وسام أبو علي لإغلاق ملف الرحيل في الصيف    التفاصيل الكاملة للسيطرة على حريق ركن فاروق.. «السياحة والآثار»: بعيد عن المتحف    حرارة 42 ورطوبة مرتفعة.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    تحرير 137 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق    «أمسية شعرية عامية» على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    أحمد فهمي عن فكرة الزواج مجددا: بدور على شريك يكمل معايا    "متحف ركن فاروق" في حلوان بخير.. لا صحة لادعاءات الحريق | صور    خبير مصري عالمي في علاج الجلوكوما يجري 6 جراحات دقيقة «مجانا» بدمنهور    هيئة الرعاية الصحية تعن أبرز انجازاتها في مجال التدريب وتنمية الموارد البشرية    فوائد وأضرار شرب المياه بعد الوجبات مباشرةً    فريق طبي جامعة أسيوط ينجح في إنقاذ حياه مريض يعاني من ضيق حرج بالشريان السباتي    ضبط شخصين بمطار القاهرة حاولا تهريب «عملات محلية وأجنبية»    يورجن كلوب: لا أستطيع تجاوز صدمة وفاة جوتا    أردوغان: تشكيل لجنة برلمانية لمناقشة المتطلبات القانونية لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    غدا.. «من القلب إلى القلب: الأم حارسة تراث أغاني الأطفال» مائدة مستديرة بالمجلس الأعلى للثقافة    عضو مجلس الزمالك: لولا الأهلي كان زيزو جدد معانا    ريال مدريد يدعم مركز الظهير ويتعاقد مع كاريراس    القبض على لص الدراجات النارية بحي غرب سوهاج    اليوم.. بدء محاكمة المتهمين بقتل طالب «المعهد التكنولوجي» في العاشر من رمضان    بالمشاركة المجتمعية.. إنشاء وحدة غسيل كلوي بوحدة طب الأسرة بكودية الإسلام في أسيوط    محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه    آمال رمزي: "اتجوزت نور الشريف بعد ما خطفته من نجلاء فتحي.. وسعاد حسني كانت متجوزة عبد الحليم"    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    المعاينة تكشف عدم اشتعال أى حرائق داخل ركن فاروق في حلوان    «أموى»: نتطلع إلى استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركى والإداري    ريال مدريد يهنئ فينيسيوس جونيور بعيد ميلاده ال25    التجارة العالمية عند مفترق طرق.. تصاعد النزعات الحمائية وتغير خارطة التحالفات الدولية    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    129 قتيلًا و166 مفقودًا بفيضانات تكساس    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    حظك اليوم السبت 12 يوليو وتوقعات الأبراج    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    منى الشاذلي عن أزمة مها الصغير: مزيطاش في الزيطة    نجم تشيلسي: قادرون على تحقيق المفاجأة أمام ريال مدريد    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكمة من الابتلآء
نشر في شباب مصر يوم 02 - 01 - 2011


(وَبَشرِ الصابِرِينَ)
الحمد لله القائل: {وَلَنَبلُوَنكُم بِشَيء منَ الخَوف وَالجُوعِ وَنَقصٍ منَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثمَراتِ وَبَشرِ الصابِرِينَ (155) الذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مصِيبَةٌ قَالُوا إِنا لِلهِ وَإِنا إِلَيهِ راجِعونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ من ربهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ}. [البقرة:155-157]. والصلاة والسلام على رسول الله الذي ابتُلي بأنواع من البلاء، فصبر وشكر، وعلى آله وصحابته المبتلين الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً
ثم أما بعد
فإن الابتلاء سنة كونية وحكمة ربانية ، وكما أنها من مقتضيات الألوهية فإن الصبر عليها من مقتضيات العبودية، فالعبد مبتلى بالعبادة وأعماله عليه مستحقة، وطالما أنه عبد فهو مملوك لربه يضعه حيث شاء ويأمره بما يريد .
وقد يبتلى العبد بالسراء تارة وبالضراء أخرى فلا السراء علامة على رضا الله ولا الضراء كذلك واسمع لقول الحكيم الخبير لتعلم وتفهم ما أراده الله بكلاهما .
قال الحق سبحانة وتعالى (( فاما الانسان إذا ماابتلاه ربه فاكرمه فيقول ربى اكرمن وأما اذا ماابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى اهانن ))
فليس الأمر كما تظنون فأنكر جلّ ثناؤه أن يكون سبب كرامته من أكرم كثرة ماله، وسبب إهانته من أهان قلة ماله ؟
فلم يكن ينبغي أن يكون فهم الناس هكذا، وإنما كان ينبغي أن يحمدوه على الأمرين جميعا، على الغنى والفقر، فلا العطاء دليل رضا ولا المنع دليل سخط ، فإنما أعطى الله لحكمة وأخر لحكمة
فما الحكمة إذا من الابتلاء ؟
و الإجابة جاءت عن هذا السؤال في موقع (الإسلام سؤال وجواب)
الحمد لله ... نعم للابتلاء حكم عظيمة منها
1- تحقيق العبودية لله رب العالمين
فإن كثيراً من الناس عبدٌ لهواه وليس عبداً لله ، يعلن أنه عبد لله ، ولكن إذا ابتلي نكص على عقبيه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين , قال تعالى
(( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِين ))ُ
2 - الابتلاء إعداد للمؤمنين للتمكين في الأرض
قيل للإمام الشافعي رحمه الله : أَيّهما أَفضل : الصَّبر أو المِحنة أو التَّمكين ؟ فقال : التَّمكين درجة الأنبياء ، ولا يكون التَّمكين إلا بعد المحنة ، فإذا امتحن صبر ، وإذا صبر مكن
3- كفارة للذنوب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم
( مايزال البلاء بالمؤمن والمؤمنه فى نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وماعليه خطيئه )
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
4 - حصول الأجر ورفعة الدرجات
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً )
5- الابتلاء فرصة للتفكير في العيوب ، عيوب النفس وأخطاء المرحلة الماضية
لأنه إن كان عقوبة فأين الخطأ ؟
6- البلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكل
يطلعك عمليّاً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف ، لا حول لك ولا قوة إلا بربك ، فتتوكل عليه حق التوكل ، وتلجأ إليه حق اللجوء ، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء ، والعجب والغرور والغفلة ، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه ، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه
قال ابن القيم
فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله ، يستفرغ به من الأدواء المهلكة ، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه : أهَّله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه انتهى
7- الابتلاء يخرج العجب من النفوس ويجعلها أقرب إلى الله
قال ابن حجر : " قَوْله : ( وَيَوْم حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ ) رَوَى يُونُس بْن بُكَيْر فِي " زِيَادَات الْمَغَازِي " عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس قَالَ : قَالَ رَجُل يَوْم حُنَيْنٍ : لَنْ نُغْلَب الْيَوْم مِنْ قِلَّة , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ الْهَزِيمَة .."
قال ابن القيم زاد المعاد (3/477
" واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عَدَدِهم وعُدَدِهم وقوة شوكتهم ليضع رؤوسا رفعت بالفتح ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله واضعا رأسه منحنيا على فرسه حتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه وخضوعا لعظمته واستكانة لعزته
وقال الله تعالى
( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ )
" أي لينقّيهم ويخلّصهم من الذنوب ، ومن آفات النفوس . وأيضاً فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين ، فتميزوا منهم. .........ثم ذكر حكمة أخرى وهي
أى يهلكهم( ويمحق الكافرين )
، فإنهم إذا ظفروا بَغَوا وبطروا ، فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ، إذ جرت سنّة الله تعالى إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيّض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم ، ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسليط عليهم ... وقد محق الله الذي حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأصروا على الكفر جميعاً
8 - إظهار حقائق الناس ومعادنهم . فهناك ناس لا يعرف فضلهم إلا في المحن
قال الفضيل بن عياض
الناس ما داموا في عافية مستورون ، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم ؛ فصار المؤمن إلى إيمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه
ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّلائِل" عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : اُفْتُتِنَ نَاس كَثِير - يَعْنِي عَقِب الإِسْرَاء - فَجَاءَ نَاس إِلَى أَبِي بَكْر فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ : أَشْهَد أَنَّهُ صَادِق . فَقَالُوا : وَتُصَدِّقهُ بِأَنَّهُ أَتَى الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة ؟ قَالَ نَعَمْ , إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَد مِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء , قَالَ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ الصِّدِّيق
9 - الابتلاء يربي الرجال ويعدهم
لقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم العيش الشديد الذي تتخلله الشدائد ، منذ صغره ليعده للمهمة العظمى التي تنتظره والتي لا يمكن أن يصبر عليها إلا أشداء الرجال ، الذين عركتهم الشدائد فصمدوا لها ، وابتلوا بالمصائب فصبروا عليها
نشأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتيماً ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى ماتت أمه أيضاً
والله سبحانه وتعالى يُذكّر النبي صلّى اللّه عليه وآله بهذا فيقول (ألم يجدك يتيماً فآوى )
فكأن الله تعالى أرد إعداد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تحمل المسئولية ومعاناة الشدائد من صغره
10 - ومن حكم هذه الابتلاءات والشدائد :
أن الإنسان يميز بين الأصدقاء الحقيقيين وأصدقاء المصلحة
كما قال الشاعر
جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي من صديقي
11 - الابتلاء يذكرك بذنوبك لتتوب منها
ويقول سبحانه وتعالى ( وماأصابك من سيئة فمن نفسك ) وأيضا يقول سبحانه وتعالى (ماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير )
فالبلاء فرصة للتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر يوم القيامة ؛ فإنَّ الله تعالى يقول
( وَلَنُذِيقَنهُم منَ العَذَابِ الأدنَى دُونَ العَذَابِ الأكبَرِ لَعَلهُم يَرجِعُونَ )
والعذاب الأدنى هو نكد الدنيا ونغصها وما يصيب الإنسان من سوء وشر
وإذا استمرت الحياة هانئة ، فسوف يصل الإنسان إلى مرحلة الغرور والكبر ويظن نفسه مستغنياً عن الله ، فمن رحمته سبحانه أن يبتلي الإنسان حتى يعود اليه
12 - الابتلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور
وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا ، في حياة لا مرض فيها ولا تعب
( وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ )
أما هذه الدنيا فنكد وتعب وهمٌّ ( لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ )
13- الابتلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك بالصحة والعافية
فإنَّ هذه المصيبة تشرح لك بأبلغ بيان معنى الصحة والعافية التي كنت تمتعت بهما سنين طويلة ، ولم تتذوق حلاوتهما ، ولم تقدِّرهما حق قدرهما
المصائب تذكرك بالمنعِم والنعم ، فتكون سبباً في شكر الله سبحانه على نعمته وحمده
14 - الشوق إلى الجنة
لن تشتاق إلى الجنة إلا إذا ذقت مرارة الدنيا , فكيف تشتاق للجنة وأنت هانئ في الدنيا ؟
فهذه بعض الحكم والمصالح المترتبة على حصول الابتلاء وحكمة الله تعالى أعظم وأجل
والله تعالى أعلم
وختاماً إخوتي الفضلاء
أنقل لكم بعض وصيا أهل العلم
ولا تنس
أن تبحث في البلاء عن الأجر، ولا سبيل إليه إلاَّ بالصبر، ولا سبيل إلى الصبر إلاَّ بعزيمةٍ إيمانيةٍ وإرادةٍ قوية
ولا تنس
ذكر الله تعالى شكراً على العطاء، وصبراً على البلاء، وليكن ذلك إخلاصاً وخفية بينك وبين ربك
ولا تنس
أنَّ الله تعالى يراك، ويعلم ما بك، وأنَّه أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين، فلا تشكونَّ إلاَّ إليه واعلم بأنَّك إذا شكوت الى ابن ادم فكأنما تشكو الرحيم الى الذى لا يرحم
لا تنس
إذا أُصبت بأمرٍ عارضٍ، أن تحمد الله أنَّك لم تُصَب بعرضٍ أشدَّ منه، وأنَّه وإن ابتلاك فقد عافاك، وإن أخذ منك فقد أعطاك.
ولا تنس
أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأنَّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وأنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب، ودع الجزع فإنَّه لن يفيدكَ شيئاً، وإنما سيضاعف مصيبتك، ويفوِّت عليك الأجر، ويعرضك للإثم.
ولا تنس
أنَّه مهما بلغ مصابك، فلن يبلغ مصاب الأمة جمعاء بفقد حبيبها عليه الصلاة والسلام، فتعزَّ بذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنَّها من أعظم المصائب" [ رواه البيهقي وصححه الألباني
ولا تنس
إذا أصابتك أيُّ مصيبةٍ أن تقول: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أجِرْني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها. فإنَّك إن قلت ذلك؛ أجارك الله في مصيبتك، وخلفها عليك بخير.
ولاتنس
أن لا يأس من روح الله مهما بلغ بك البلاء، فإنَّ الله سبحانه يقول: {فَإِن مَعَ العُسرِ يُسراً (5) إِن مَعَ العُسرِ يُسراً}. [ الشرح: 5-6 ]. ولن يغلب عسرٌ يسرين، كما قال عمر الفاروق رضي الله عنه. ثم حذارِ أن تنسى فضل الله عليك إذا عادت إليك العافية، فتكون ممن قال الله عنه: {وَإِذَا مَس الإِنسانَ ضُر دَعَا رَبهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُم إِذَا خَولَهُ نِعمَةً منهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ...} الآية [ الزمر: 8 ].
ثم لا تنس
أن البلاء يذكرك بساعةٍ آتيةٍ لا مفر منها، وأجلٍ قريبٍ لا ريب فيه، وأنَّ الحياة الدنيا ليست دار مقرٍ. فاعمل لآخرتك؛ لتجد الحياة التي لا منغِّص لها.
وقبل الوداع أذكِّرك وأُبشرك بما بدأت به،
وهو قول الحق جلَّ وعلا: {وَلَنَبلُوَنكُم بِشَيء منَ الخَوف وَالجُوعِ وَنَقصٍ منَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثمَراتِ وَبَشرِ الصابِرِينَ (155) الذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مصِيبَةٌ قَالُوا إِنا لِلهِ وَإِنا إِلَيهِ راجِعونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ من ربهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ}. [البقرة:155-157].
علاء عبدالحق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.