"الحاضر الغائب".. أو "عبدالوهاب يسري"، أحد المنظمين لمنتدى شباب العالم، الذي حضرته وفود من دول عربية وإفريقية وأجنبية، غيّبه الموت عن حضور المؤتمر، بعد حادث سير على طريق (دمياط - بورسعيد)، ويحضر بدلا منه عمله مع زملائه، ويمدحه الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام والدته في فعاليات المنتدى، ويحمل أعضاء البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب صورته، في الحفل الختامي للمنتدى. الثلاثاء الماضي، استقل عبدالوهاب سيارته من القاهرة إلى دمياط، لأخذ بعض متعلقاته الشخصية، والمغادرة إلى شرم الشيخ لحضور فعاليات المنتدى، لكن "كلب" ظهر أمام سيارته، حول الخطة تماما إلى النقيض: "حاول يفادي كلب عدى قدامه، وبعد الحادث وقف ونطق الشهادة ووقع على الأرض، وعربية الإسعاف شالته". بحسب شاهد عيان على الحادث. تخرج عبدالوهاب يسري، في كلية التجارة بجامعة المنصورة في العام 2009، ليبدأ حياته العملية "محاسب" في شركة المدثر المسؤولة عن مشروع في العاصمة الإدارية، وانتهى منذ فترة من تحضير رسالة ماجستير "قيد الطباعة"، كان يستعد لمناقشتها، بحسب شقيقه أسامة. الذي زاد: "كان نازل يوم الثلاثاء بالليل، عشان يروح يحدد ميعاد المناقشة مع المشرفين، الرسالة كانت خلصت ناقص الطباعة فقط، وبعدها كان هياخد بدله ويرجع للمنتدي"، لينهي حديثه ويدخل في نوبة بكاء شديدة. "راح في أول أكتوبر عشان يحدد موعد لمناقشة رسالته، والمشرفين قالوله هيحددوا الميعاد آخر الشهر، وتحديدا في اليوم الثاني للحادث"، قال شقيق عبدالوهاب، وأضاف بصوت يملؤه البكاء: "اتدفن في اليوم اللي المفروض هيتحدد له ميعاد المناقشة". وعن آخر مكالمة دارت بينه وبين شقيقه الراحل، يقول أسامة ل"الوطن": "كلمني يوم الثلاثاء وسألني أنا في القاهرة ولا دمياط، وقولتله إني في دمياط فقالي طيب كويس عشان اشوفك وأنا نازل بالليل، فقولتله بلاش تنزل بالليل فقالي ماشي، وبردو نفذ كلامه، ودي كانت آخر مكالمة بيني وبينه". "ابنك ده ابني، وهو من الشباب المجتهدين والناضجين".. كلمات بسيطة لكن معناها عظيما، قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي لوالدة "عبدالوهاب"، خلال تكريمها في الحفل الختامي بمنتدي شباب العالم: "التكريم مش هيعوض عبده، بس طبطب على قلب والدتي ورفع روحنا المعنوية". قال أسامة. ويتذكر أسامة حوارا دار بينه وشقيقه عن الرئيس السيسي، أخبره أنه كان يتناول طعام الغداء ذات يوم مع الرئيس، ولم تفصلهما سوى أمتار بسيطة، قائلا له: "السيسي دا إنسان وشخص طيب". "كان فرحان بالمنتدي جدا، وقالنا لو نجح هيفرق مع مصر في صورتها الخارجية والداخلية، وهيفرق معاها في السياحة وحاجات كتير، وكان نفسه يشوف نجاح المنتدى، كان بيشتغل فيه بسبع أرواح". قال أسامة، عن حب شقيقه الراحل واهتمامه بظهور منتدى شباب العالم بأفضل صورة. "يا حبيبي يا حبيبي".. كلمات اعتاد أسامة سماعها من عبدالوهاب خلال المحادثات التليفونية بينهما، أو بعد عودته من سفره، قائلا: "كان بيقضي معانا يوم الجمعة ونضحك ونهزر مع بعض، ونحكي في الشغل والمشاكل لو حد عنده مشكلة، عبده ده ابني وأخويا". ويسرد أسامة ل "الوطن" آخر ثلاثة ساعات في حياة شقيقه الراحل قائلا: "والدي كلمه الساعة واحدة بعد نص الليل وكان على بوابة دمياط، وقاله خلي بالك من نفسك عشان المنطقة دي ضلمة، وبعدها بساعة اتصل والدي عليه تاني لقى شخص غريب بيقوله عبدالوهاب عمل حادثة والإسعاف شالته". "موبايل وتاب و نظارة شمس".. آخر ما وجدته أسرة الراحل بجوار السيارة التي تهشمت كلها، وبعد عدة اتصالات بين "أسامة" والشرطة والإسعاف، أبلغته الشرطة أن "عبد الوهاب" توفي داخل سيارة الإسعاف قبل وصوله مستشفى بورسعيد، ليتحامل "أسامة" ويبلغ والدته التي سقطت على الأرض مغشيا عليها.