فى مساء الأربعاء الماضى، أعلن الفريق أول عبدالفتاح السيسى بيان الثورة المصرية، ثورة الشعب المناضل الصبور البطل، ثورة الملايين التى هبت لتقول لا للدولة الدينية، نعم لمصر المدنية، مصر العصية على الأخونة، مصر الأبية، مصر صاحبة الإسلام الوسطى، مصر التى تضم فى كنفها المسلم والمسيحى، السنى والشيعى، العربى والنوبى. خرج علينا السيسى ليقول كلمة الشعب وبجواره قادة أفرع الجيش، وكل من الإمام الأكبر وقداسة البابا اللذين تعرضا لمهانات من قِبل نظام حكم الإخوان، ولم تكن الإنقاذ وتمرد خافية عن المشهد، إذ وجود الدكتور محمد البرادعى، وممثل تمرد، محمود بدر.. ماذا قال الفريق أول عبدالفتاح السياسى. فى مقدمة سريعة موجزة ومختصرة أنحى البيان باللائمة على الرئيس المعزول لرفض المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن، ورفض السيسى بشكل غير مباشر وصف ما حدث بالانقلاب أو بعبارة أدق تدخل الجيش فى العمل السياسى، وهو توصيف حقيقى من قائد الجيش، الذى أحسن بوضع غالبية أطياف المجتمع حوله لمباركة البيان، الذى استند (وهذا هو السند الشرعى لبيان السيسى) إلى أن ما تقوله المؤسسة العسكرية من قرارات (تالية) جاء استناداً لمسئوليتها الوطنية والتاريخية وبعد التشاور مع القوى الوطنية والشباب والفعاليات الدينية. هنا انتهى الحديث وبدأ السيسى سرد نقاط البيان المؤلف من 12 نقطة، ويمكن إبداء الملاحظات التالية على هذا البيان: - وضع وموقع الرئيس مرسى: هنا نشير إلى أنه كان من المهم أن يصدر بند أول فى بيان السيسى بعزل رئيس الجمهورية الحالى. وهو ما لم يحدث وإن كان مفهوما ضمناً. وذلك حتى لا يتسلل أى وغد ويقفز على هذا الموضوع قضائياً. وإن كانت لا توجد أية فائدة من أية تحركات مضادة من قبيل النظام الإخوانى البائد. - الدستور: هناك 3 بنود تحدثت بشكل مباشر وغير مباشر عن الدستور. فالبند الأول يتحدث عن تعطيل العمل بالدستور الحالى. والبند الرابع يتحدث عن حق رئيس المحكمة الدستورية بصفته رئيساً مؤقتاً بإصدار الإعلانات الدستورية. أما البند السادس، فيتضمن تشكيل لجنة من كافة الأطياف لمراجعة التعديلات الدستورية على الدستور المعطل. هنا يصبح من المؤكد أننا أمام أمرين: - الأول، أن الرئيس المؤقت سيضع إعلانات دستورية جديدة لتسيير الحياة العامة حتى يتم وضع الدستور الجديد للبلاد. والمؤكد أن معظم بنود تلك الإعلانات ستتعلق بتنظيم إدارة المرحلة المقبلة التى جاءت ببيان السيسى، كتشكيل لجان المصالحة والدستور والميثاق الشرفى الإعلامى، وإيقاف قرارات وتشريعات صدرت منذ شهور.. إلخ. الثانى، أننا أمام وضع تعديل للدستور وليس وضع دستور جديد، وذلك تلافياً للبدء من الصفر. بعبارة أخرى، لن يتم العودة للوراء بإضاعة الوقت لعدة أشهر لوضع دستور جديد. أى أن ما سيتم هو تعديل الدستور الحالى، وهناك بالطبع أكثر من 30 تعديلا دستوريا جوهريا، يعتقد أنها سينقح من خلالها الدستور الحالى. المؤكد أن على رأس تلك التعديلات المواد المثيرة للجدل؛ المادة 219 التى تتعلق بالشريعة الإسلامية، والمادة 232 المتصلة بالعزل السياسى لأعضاء الحزب الوطنى دون محاكمات، والمادتان 134 و135 المتعلقتان بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، إضافة للمواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام.. إلخ. - السلطة التشريعية، ويعالجها البند السابع المتصل بعقد انتخابات مجلس النواب. هنا سيتوقف الوضع على عدة أمور، ترتبط بوضع الدستور أولا، لمعرفة مكانة السلطة التشريعية فى النظام السياسى. بعبارة أخرى، لا نريد أن نكرر أخطاءنا، ونجعل الانتخابات قبل الدستور. الدستور يجب أن يُقر قبل الانتخابات. حتى يعلم الجميع النظام الانتخابى للانتخابات، وهل سيكون كما أقره الدستور المعطل أم لا (الثلثين والثلث لصالح القوائم). وكذلك معرفة تركيبة المجلس فيما يخص العمال والفلاحين، وأيضاً هل سنكون أمام غرفة واحدة للبرلمان أم غرفتين. بمعنى هل سنبقى على مجلس الشورى أم نلغيه. وإذا ما أبقينا عليه، ما هو مصير مجلس الشورى الحالى، وهنا نشير إلى أن المحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية قانون الانتخاب المؤسس عليه هذا المجلس، وأن الإبقاء على هذا المجلس جاء لبند فى الدستور المعطل. - السلطة التنفيذية، هنا وضع البيان أمرين أحدهما عاجل وآخر مؤجل: - الأمر العاجل هو تشكيل حكومة كفاءات وطنية لإدارة المرحلة الحالية، تساعد الرئيس المؤقت على إدارة شئون البلاد. هنا المؤكد أن تلك الحكومة سيكون تشكيلها مرتبطا بالشأن الاقتصادى، وستجمع بين التكنوقراط والقيادات الوطنية، كل فى مجال خبرته، بمعنى أنها لن تكون حكومة أهل الثقة، بل حكومة أهل خبرة. - الأمر الآجل، وهو الانتخابات الرئاسية. وهنا ستكون تلك الانتخابات بالضرورة بعد وضع الدستور، لكن من غير الواضح هل ستكون هذه الانتخابات قبل انتخابات البرلمان أم بعدها. بالتأكيد أن هناك وجهات نظر مختلفة فى هذا الشأن. - المصالحة الوطنية: هنا من المطلوب أن يعلم أبناء الثورة الثانية، شركاء الثورة الأولى، درسا فى الصفح والعفو، دون أى تجاوز مع مخطئ أو فاسد. - ميثاق الشرف الإعلامى: وهو أمر قديم جديد، أصبح يستحق منا كل الجهد لترشيد الأداء الإعلامى. هنا من المهم التأكيد على أن أى إجراء استثنائى اتخذ بحق قنوات فضائية محلية ودولية، يجب أن يكون مؤقتا جداً.