الكل يتحدث عن تقسيم الوطن ومخاطر تقسيم مصر، والإعلام يحذر من مخطط خارجى مجهول لتقسيم البلاد، والبعض يحذر من استقلال مدن القناة وإعلان الدولة الإسلامية فى سيناء وما شابها من دولة قبطية وغيرها فى أقاليم مصر المختلفة، وللبداية نقر جميعا أننا وطن واحد وشعب واحد، وتحت هذا المعنى لا أجد معنى لكل التقسيمات سابقة الذكر؛ لأننا يجب أن نكون مبصرين على أنفسنا وأن نعترف أن تقسيم مصر أصبح حقيقة على أرض الواقع، ليس مدن القناة ولا سيناء ولا حتى النوبة، لكن الأصعب من تقسيم الأرض هو تقسيم الشعب الذى يسكن الأرض وتصنيف الناس جماعات وفرقا سلفية و«إخوان» ومجاهدين وسنة ومدا شيعيا وأحزابا و«ألتراس» و«وايت نايتس».. أفلا تنظرون إلى هذا التقسيم الأخطر من تقسيم الأرض؟ إن أغلى ما فى الإنسان هو عقله وليس جسده، وأهم ما يميز قطع الحديد التى نطلق عليها التليفون المحمول هو «السوفت وير»، وهو ما يجعلنا ندفع فيه قيمة مالية كبيرة لشراء العقل الإلكترونى أو «نظام التشغيل». إذا كان التقسيم من خلال أهم ما يميز الإنسان، سواء كان فى ثقافته أو فكره أو علمه فهو أصعب تقسيم من وجهة نظرى؛ لأن الاختلاف فى الفكر وعدم الاتفاق على مبادئ معينة هو ما يدلل على أن مشكلة الوطن كبيرة؛ فهى ليست سهلة، وهو ما يعنى أننا نرفع شعار «لقد اتفقنا على ألا نتفق»، وهو الخطر الأكبر، فإذا كنا مختلفين فكريا فيجب أن نتوحد على أفكار موحدة تحت مظلة الصالح العام، ولكم فى التجربة الماليزية الحكمة والنجاح إن كنتم تعقلون، ولكن أين العقل بعد أن ترحم الناس على أيام حبيب العادلى الظالم وتمنوا عودة حسنى مبارك الفاسد؟ فمن أعطى الفرصة للترحم على أيام هؤلاء؟ والجميع أصبح يبحث عن مصالحه الشخصية وضاعت هيبة الدولة فى خطف الجنود؛ لأننا لم نتحرك عند مقتل زملائهم على الحدود فى شهر رمضان وكأن الحادث لإقالة قيادات الجيش، وهو ما كان سيتكرر مع القيادة الحالية بعد خطف الجنود والكل يبحث فى جماعة الإخوان عن التسكين والتمكين والأخونة، والسلفيون يطالبون بنصيبهم فى الوطن، والألتراس يطلب القصاص ويستخدمه ستاراً مخزياً يخفى فيه خروجه عن النص من اقتحامات وحريق اتحاد الكرة حتى ملاحقة وزير الرياضة، والأحزاب تريد المناصب، و«الإنقاذ» تريد السلطة، ولم يفكر أحد فى مصر ولا شعبها. أيها السادة، مصر فوق الجماعة وأنتم جميعاً مثل الرجل الشاذ الذى نهر أمه وعق والدته وتبرأ ممن أطعمته وكبّرته وجعلته إنساناً. والله أشعر بالخجل أن الأم العظيمة مصر لم تنجب.. نعم «مصر ما خلفتش»؛ لأننا جميعاً أبناء عاقون لا نستحق حنان الوطن ولا دفء مصر مهما حدث من أفراد مقسمين يقطعون الكهرباء ويدمرون التعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية ويقتلون الشباب فى ملاعب الكرة ويقطعون الطرق ويمنعون السولار والبنزين لتصطف الطوابير، إننا نعيش فى جهنم ونحن على قيد الحياة، لكننا جميعا السبب، لا يستثنى أحد نفسه وارجعوا واسألوا أنفسكم: ماذا فعلتم لمصر؟ ولماذا تركتموها للجماعات؟ يا ناس مصر فوق الجماعة وفوق الجماعات اصحوا يا أهل الكهف.. أين النهضة؟ فى إثيوبيا، نعم سد النهضة الإثيوبى اقترب من الانتهاء، ووقتها سنبحث عن نقطة المياه، الحكاية آخرها إيه؟ هىّ الثورة اتسرقت ليه؟ كل يوم حكاية جديدة وبكرة نصحى على كابوس، البلد بتضيع أمام أعيننا، الرياضة ضاعت، حتى قانون الرياضة واللائحة الجديدة قسمت الأندية والاتحادات، والكل بيطعن فى الكل والسياسة ضاعت بين إخوان وجبهة إنقاذ وفيديو لسبعة جنود أبكى الجميع، لكن ممكن يكون البداية عشان نقول مصر فوق الجماعة، مصر فوق الجميع، فوق الألتراس والإخوان والسلفيين، وأقول لمن يعيش على أرض البلد دى: الحقوا بلدكم رجعوها قبل فوات الأوان.