الصلاة الصادقة تحررنا من كل المشاعر الإنسانية الدونية.. تحررنا من شهوة المال، ومن شهوة السلطة، ومن سجن الأنا وما أحب.. وتملؤنا شجاعة رفض السجود لكل ماهو زائل وبخس ومهين لكرامة الإنسان الذي كرمه الله ماعلاقة التدين بالتكشير.. سؤال محيرني فعلا . وكيف يرتبط تزايد انشراح القلب نتيجة التقرب من الله، بتزايد كراهية الآخر وتكفيره والتربص به لاصطياده وتنكيد عيشته .. كيف نجتمع للصلاة وللانتقام في نفس الوقت .. كيف يطلب المتطرفون رحمة الله لأنفسهم، ونقمته لمن يخالفهم العقيدة والرأي والمصلحة. الصلاة الخاشعة ترفعنا إلي حالة من السلام تغمر القلب، وتطهر الفكر، فنعلو عن تفاهات الدنيا، ونتغاضي عن صغائر البشر .. ونعلل سخافاتهم وأخطاءهم وعنادهم تعليلا أساسه الرحمة .. فلا نضعهم في خانة الأعداء، بل نرحم ضعفهم وجهلهم، وعجزهم عن الارتفاع من مستنقع المشاعر العدائية، ونتمني أن يتذوقوا مثلنا حلاوة العشرة مع المشاعر الأخري التي نخرج بها من الصلاة. الصلاة الصادقة تحررنا من كل المشاعر الإنسانية الدونية.. تحررنا من شهوة المال، ومن شهوة السلطة، ومن سجن الأنا وما أحب.. وتملؤنا شجاعة رفض السجود لكل ماهو زائل وبخس ومهين لكرامة الإنسان الذي كرمه الله.. وشهوة المال والسلطة تذل وتستعبد الإنسان، وتسحق كرامته وتغيب العقل، وتذهب بالأخلاق للحضيض، وتلغي الضمير. الصلاة الصادقة ترفعنا.. تحول ذراعينا إلي جناحين يحلقان بنا إلي معجزة الخلق وإبداع الخالق.. نعلو فوق جاذبية شرور وأطماع الحياة.. فنري معناها وألوانها وجمالها الحقيقي .. وننظر للأرض فنراها مصيدة لاصطياد الفئران التي تجازف بحياتها مقابل التهام قطعة الجبن المسممة.. ولا تتعظ أبدا من تجارب موت الفئران السابقة هذه الميتة المهينة.. لذلك ما أسهل اصطياد الفئران .. وما أروع حياة الطيور المنطلقة فرحا بما منحها الله بوفرة وسخاء من طعام ومأوي وحرية، وحنجرة لتشدو وتسبح فيضاعف الله عطاءه لها، وينير بصيرتنا وقت الصلاة لنري ونفهم ونعلو إليه بقلوبنا وننبذ التعصب. قبل الثورة كان يزعجني الإنسان المتطرف المتعصب، وأتجنبه بقدر الإمكان حتي يصلح الله مابه من تحجر قلب وعقل وعمي بصيرة .. لكن بعد الثورة، وبعد فوز د. مرسي بالرئاسة هجم علينا كلنا هؤلاء المتعصبون .. استأسدوا وزمجروا وكأنهم لم يعودوا مصريين .. من كان منهم يغض البصر تدينا، ونتقبل منه هذا الحياء ونعتبره صادقا في جهاده مع نفسه، أصبح يحرقنا بنظرات الغضب والإدانة والتشفي.. وتفرغ ليحفر لنا صغائر المكائد بشماته عجيبة!!.. تتنافر مع صحيح الإيمان والتقوي. ومن كان متفرجا أصبح مهاجما متوعدا !!.وفي الحالتين كلاهما ينتقم لنفسه أولا !!. هل نجحت خطة تقسيم المجتمع المصري، وضربته الفوضي الخلاقة التي نادت بها كونداليزا رايس وباركتها بالمال والابتسامات، ووصل كارتر لمراقبة سلامة لجان الإخوان والسلفيين بنفسه ويشد أزرهم.. الظاهر يوحي بذلك، لكن المصريين لم ولن يسلموا الوطن لأمريكا وإسرائيل والخليج. وأقول لمن يستقوون الآن بأمريكا .. خير ياجماعة .. كيف تبدل حالكم من أعداء إلي أصدقاء بمجرد فوز الدكتور مرسي بالرئاسة.. كما أقول لمن يحاولون إنشاء حزب للإخوان المسيحيين فكركم مرفوض.. والتقسيم الطائفي مرفوض.. ومن يعرف ربه يحافظ علي وطنه ويرعي أهله ويدافع عنهم بدون تمييز.. ويحارب أعداء الحياة والمرتزقة، ويجاهد للتعمير وليس للتدمير بالفتن والقتل والتكفير والتكشير. وأطلب منكم في صلاتكم القادمة أن تطلبوا من الله أن يشرح صدركم.. ويصلح فكركم.. وتمارسوا الديمقراطية التي أعلنتموها شعارا للدولة.. فتتقبلوا المصري الآخر الذي تحاربونه وتقتلونه لأنه مختلف عنكم إما في العقيدة وإما في الفكر كما اعتديتم علي النائب حمدي الفخراني بالبصق والضرب وتمزيق ملابسه لأنه عارض قرار د. مرسي المخالف للقانون .. لأنكم بذلك تمزقون الوطن بأيديكم. الحياة منحة وهبها لنا الله، لنعمر الأرض وننعم بخيراتها.. وميزنا عن الحيوانات بالعقل، لنفكر ونفهم ونميز ونتدبر ونتعلم.. ونعمل ليعم الخير والسلام.. ونفرح بثمار عملنا.. والأرض التي ترتوي بالماء تطرح ثمرا يسري ويروي العقل والبدن.. أما الأرض التي ترتوي بالغباء والتعصب والدماء، التي تبذر الخوف، فتطرح شياطين تحرق العقول والحقول. الخطة الأمريكية الإسرائيلية الخليجية، والإيرانية، كلها واضحة ومكشوفة للعامة.. وهي تفتيت مصر وتقسيمها وتدميرها ذاتيا من داخل أبنائها.. لأن حروب تقسيم المنطقة العربية أنهكت الاقتصاد الأمريكي.. والحرب الأهم لأمريكا الآن هي مع النمور الآسيوية.. الصين هي عدو الاقتصاد الأمريكي والإسرائيلي المرعب.. والحرب الآن حرب مصالح اقتصادية، وانهيارنا ينشط اقتصادهم ببيع السلاح والمخدرات.. نحن محاصرون مغيبون كالدراويش.. نشتري السلاح ونقتل بعضنا، فيسقطون عنا الديون بالمليارات ويجزلون المعونات الكاذبة.. فأفيقوا يرحمكم الله وينقذكم من أنفسكم ومن أعدائكم .. وياريت نصلي بوجوهنا وقلوبنا ونوايانا الحقيقية.. ونصلي بضمير صالح، ودون أقنعة لأن ربنا لا يكره إلا المنافقين، والجبناء، ويمقت الكاذبين جدا .. ربنا يتقبل صلواتنا جميعا، ويرحمنا من القوم المكشرين .. آمين.