يحاول الرجل أن يجرى على أقصى سرعة وأن يدفع بجسده كله وقوته إلى الأمام، ولكن الجلباب الذى انفتح على أقصى سعته عند رجلى الرجل حتى أوشك أن ينقطع، يعوق الرجل ويمنعه من أن يتقدم برجليه أكثر للأمام، هذه صورة حقيقية لرجل ملتح من مظاهرة الإخوان الجمعة 19/4 الماضى (عنوانها الكاذب تطهير القضاء)، بينما تهدف فى الحقيقة لزرع قضاة موالين لهم لضمان أحكام على هواهم، الرجل الإخوانى يرتدى جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويحمل طوباً فى يديه يلقيه على معارضى الجماعة، أثارت الصورة الكثير من الابتسام والضحك والسخرية وتفتحت قريحة الكثيرين، فرسموا مناظر كثيرة للرجل حتى أنهم رقََََصوه الباليه بالجلباب (وفى يده الحجارة) مع الباليرنات، وتقريباً رأينا كل قيادات الإخوان يرتدون ذلك الجلباب وتلك الطاقية فى مناسبات مختلفة وبخاصة الإسلامية. لماذا أثارت هذه الصورة كل هذا الضحك؟ الرجل بالصورة التى عليها يبدو كما لو كان آتياً من زمن قديم ومن بلاد متخلفة ليحارب على مطلع كوبرى أكتوبر، الناس لا تضحك على البلاد المتقدمة وإنما تعجب وتنبهر بها وبأناقة ناسها وتحاول تقليد الفعل العصرى، الناس تضحك على من يرتدى الطربوش باعتبار أن الزمن جاوز الشكل القديم والفكر القديم، ومن حيث أراد الإخوانى إظهار القوة والقدرة والشجاعة، فإن شكله القديم المعبر والمرتبط والناتج عن منهج ومضمون تفكيره أظهره قاصراً وكاريكاتيراً فى المعركة التى يخوضها، ولذا نال منه الآخرون حين رأوا الجلابية تعوقه وتمنعه، بينما لم يسخروا من زميله الذى لم يرتدِ الجلباب ويفعل نفس الفعلة، السخرية تؤكد أن الساخرين لا يرون ذلك شكلاً إسلامياً عكس الرجل وإخوانه، والغريب أنه يرتدى بنطالاً أسفل الجلباب مما يعبر عن صراعه وأمثاله ما بين القديم والجديد شكلاً وموضوعاً. الصورة تثير الشفقة أيضاً، فالأمل أن يصل أى إنسان إلى أقصى كفاءته فى أى عمل (ليس طبعاً فى الإثم والعدوان) ولكنك ترى الجلباب وباعتباره يعبر عن منهج تفكير غير علمى وغير عملى، يظهر لك خيبة الإنسان وما يفعله بنفسه بما يحمله من أفكار، فيقلص حركته وبالتالى حريته ثم فكره وبذا يصير عدو نفسه الأول، إن المسافة التى يصل إليها رجل يرتدى الجلباب هى بالقطع أقصر من تلك التى يقطعها من يرتدى البنطلون، وهكذا فإن العقل سيتوقف عمله عند نقطة كان مفروضاً أن يتجاوزها وبذا لن يصل إلى مداه فى التفكر والتدبر، لأن هناك قيداً على حركة الجسد وحركته بدعاوى ما، والنتيجة إعاقة التقدم. إن راكب الأتوبيس الذى يرتدى جلابية يتعطل أو ينقلب على وجهه، لأن من خلفه داس على جلبابه فى الصعود والنزول، منهج التفكير هذا لم يدرك أنه لا يمكن التمسك بمظهر وفكر زمن فات ومكان اندثر، الكوميديا نشأت لمخالفة العقل والواقع، فظهر الفعل عبثياً غير منتج، الصورة تعنى أن هذا الشكل الذى يعبر عن مضمونه وتفكيره يحمل فى جوهره أسباب فشله ولن يستمر ولن ينتصر.