قادة وجنود.. القادة يرتدون مسوح «الربانية» ويمسكون بمسبحة ويطلقون لحى أنيقة، ثم يتحدثون عن ضرورة «الأخوة فى الله» وهم يجلسون على أرائك وثيرة ويتنفسون هواء التكييفات. وجنود.. تستدعيهم القيادة فقط وقت المحن والأزمات ليضربون بهم من يعتقدون أنهم أعداء عودة الإسلام ونهضة الوطن، ولو شك أحدهم يوماً أنه ربما يكون على غير هدى وأنه ربما بسط يده ليقتل به أخاً له فى الدين والوطن، أخرجوا له من صندوق أدبياتهم الأسود مقولات «يجب أن تثق فى قيادتك يا أخى إنهم لن يجتمعوا على ضلالة أبداً». يرسل الجنود شهرياً 10% من أموالهم لتصب فى خزائن المقطم، وليس من حقهم أن يتساءلون أين ذهبت وفيما جمعت «إنها لله وبها أدخل الجنة». لكن رسالة ما قد وصلت للجنود بعد نكستهم فى غزوة المقطم الأخيرة، وبعد أن ضلوا الطريق فى صحراء التيه واختبأت القيادة التى كانت بالأمس تتحدث عن الجهاد فى سبيل الله، وباتت اليوم ترفل فى ثياب الأبهة والسيارات الفارهة، ولم يتركوا لهم سوى قلوب كارهة غاضبة أخذت ثأرها من الجنود بعد أن هربت القيادة. ذهبوا ليحموا «بيتهم» الذى لم يدخلوه ولو مرة، فالجنود لا يدخلون مقرات القادة، ظلوا ينظرون إلى قادتهم من بعيد لا يحلم أحدهم بأن يرى قائده، أو أن يحادثه، فأدبيات الجماعة تقضى أن يظل القيادى بعيداً دوماً عن الجنود وأن يظل يبهرهم دوماً. «الوطن» تفتح الملف الشائك داخل التنظيم حول المحظوظين الذين يتولون المناصب، و«المطحونين» الذين يدفعون بهم إلى المعارك، فيدفعون الثمن وربما يسحلون ويموتون.