عفواً عزيزى القارىء إن سمحت لنفسى أن أبدأ بالمظلوم قبل المطحون ؛ربما استجداءاً منى ورغبة خفية بأن أبدأ بما هو أقل ألماً عليها ، وربما كون المظلوم هو أمل المطحون الأخير قبل أن ينثر غبار طحنه فى وجه من تسببوا فيما هو فيه الآن (ويا له من غبار) لقد وقع على هذا الجيش فى عقدنا الأخير ظلم بين وآخر هذه المظالم ؛عندما استجابت إرادة السماء مع أنين المطحونين من أهل مصر .خرجت براعمهم وأغصانهم الطاهرة النقية مفجرين أشرف الثورات وأطهرها ، ولم يكن لهذه الثورة قائداً وموجهاً لها .فضرب الجهاز الأمنى للدولة فى مقتل ، وأصبح مشلولاً تماماً ربما بفعل فاعل ؟وبإندفاع ثورى "يعلم الله"فسنحت الفرصة لمتربصى الداخل والخارج ، وكل أجهزة الاستخبارات العالمية ؛ليعبثوا فى مقدرات هذا الوطن ، وخاصة أن حدودنا وسواحلنا ممتدة آلاف الأميال شرقاً وغرباً ..إذن هى الحرب الخفية ، وهى أشرس الحروب الدنيئة (حرب التفتيت والتشتيت) وقرأها الجيش بوطنية منقطعة النظير ، وما زالت هذه الحرب تدور رحاها إلى يومنا هذا ، ويعلم الله متى ستنتهى .ولو تجرد كل منا من معتقداته السياسية لرأى ما أرى من انجازات هذا الجيش العظيم .وسينصف التاريخ هذا الجيش وتصديه لهذه الحرب الخفية .وعندما تضع هذه الحرب أوزارها وينقشع غبارها سنقف جميعا إحتراماً وننحنى إجلالا لما قدمه هذا الجيش للحفاظ على كيان مصر المحروسة .ويقيناً من أعماقى أن هذه الحرب لا تقل روعة عن حربه المنسية أو المتناسية (حرب الاستنزاف المجيدة) .فإن كانت حرب أكتوبر هى تاج المعارك فإن (حرب الاستنزاف)والحرب الخفية لهما الرأس الذى هذا التاج ولو سطرت مجلدات إشادة لهذا الجيش ما وفيته حقه .فطوبى لرجال عاهدوا الله وأوفوا وليصمت من لا يفهم .وأعود إلى المطحون (أى المطحونين)أى الغالبية الساحقة من الشعب المصرى (أى مصر)ولتتحملنى عزيزى القارىء أن أبين عقيدتي وإيماني بمن هو الإنسان المصرى .إن اعتقادي أن الله سبحانه وتعالى قد صاغه من معدن فريد ونفيس .ولما لا وقد حمله المشعل الأول لعمارة أرضه .صاغه من معدن لا ينصهر ولا يذوب والتاريخ يشهد بذلك .عشرات الحضارات غزته واستعمرته ،ولم تستطع أن تذيبه أو تصهره إلا الإسلامية العربية .فقد تتوأم معها سريعاً ؛لأن التوحيد كامن فى أعماقه .والعربية لغة القرآن الكريم ، وكذلك حباه الله بنعمة الصبر .فصبر طويلاً ، وتألم كثيراً ،وجاءت ثورة براعيمه وأغصانه النبيلة الطاهرة ، وانتظر المطحونين مخاض مصر لجنينها الثورى .ليعم الخير والأمن ربوع المحروسة كناموس لكل الثورات الحرة ، ولكن إلى الآن لا مخاض ولا مولود . صدمة تلقاها المطحونون بألم ومرارة .فيأيتها الجماعات ، ويأيتها النخب ..ويا من له فى المعرفة باعاً .أجيبوا المطحونين المعذبين فى الأرض عن الأسئلة التالية:- * أين الجنين الثورى الذى سالت من أجله أذكى الدماء؟! * من المتسبب فى ضياع ما يقرب من نصف مليون فدان زراعى ،وأصبح كتلا خرسانية ؟ * المصانع التى أغلقت؟ * رؤوس الأموال التى هربت؟ * العمال الذين شردوا؟ * السياحة من ضربها؟ * الأمن وعدم استتابه إلى الآن ؟ * الانهيار الإقتصادى ؟ المطحونون يرجون الإجابة ربما يعود المخطئ عن خطأه أو سنجيب نحن عنها .وعند ذلك ستتساقط أوراق التوت الملصقة بالبنكنوت وهى كثيرة وستتعرى أسماء تغنوا بالثورية ، وما هم إلا أبواق للخراب .وسؤال المطحونين الأخير فى حل المعادلة وطلاسمها بين الأم المطحونة (مصر)وإبنها البكر المظلوم (الجيش)وبمكنون المطحونين الحضاري وبفطرتهم السمحة يجيب عن جزء من هذه المعادلة الأم لابنها حافظ على نفسك فالغيوم ملبدة والعقول معطلة ،وأنت عمودى الفقري ،وإني صابرة لبعض الوقت ، ولا تنسى أخواتك ( أزهرى وكنيستى وقضائى). أعقلوها يا أولى الألباب .اللهم قد بلغت ..اللهم فاشهد . وختاماً وليس تطفلاً منى عزيزى القارىء أعرفك على نفسى . لست شاعراً أو ناثراً لست محترف الفنون إنى عاشق أمتى وكتاب ربى المصون خوفى عليها يهزنى ويشدنى نحو الجنون رويداً رويداً دمعتى فربى مٌطَلِعٌ حنون **كاتب المقال من قدماء المحاربين