طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، الرئيس محمد مرسى بضرورة تعديل قانون حرية التظاهر، وقالت فى خطاب موجه إلى الرئاسة ووزير العدل، إن مشروع القانون الذى تقدمه الحكومة، يفرض قيودا شديدة على الحق فى التجمع السلمى وسيزيد من عنف الشرطة، ورصد الخطاب أوجه القصور فى مشروع القانون فى ضوء التزامات مصر المتعلقة بحقوق الإنسان والمعايير القانونية الدولية. وكانت وزارة العدل انتهت من صياغة «قانون حماية الحق فى التظاهر السلمى فى الأماكن العامة»، ووافق مجلس الوزراء على مسودته النهائية 12 فبراير 2013، وجرى إرسال المشروع إلى مجلس الشورى، بتاريخ 17 فبراير، لإقراره. وأشارت المنظمة فى خطابها إلى أن أوجه القصور الرئيسية فى مشروع القانون شملت 9 نقاط، أبرزها: العبارات المبهمة فى المادة «4» من القانون التى تحظر المظاهرات المؤدية إلى تعطيل «مصالح المواطنين» أو حركة المرور، أو الاعتداء على حرية العمل، موضحة أن الأمر الأكثر إشكالية هو أن أية مخالفة للمادة 4 تسمح للشرطة بتفريق المظاهرة بالقوة؛ ويرقى هذا فعلياً إلى مرتبة العقاب الجماعى للمتظاهرين، بما أن اعتداء متظاهر واحد على رجل شرطة سيعد سبباً كافياً لتفريق الشرطة للمظاهرة كلها، حتى لو كانت أغلبية المتظاهرين العظمى سلمية. وتحظر المادة «9» من مشروع القانون على المتظاهرين الاقتراب حتى 200 متر من المبانى الحكومية أو التشريعية أو القضائية، ومقار الحكم المحلى، كما جاء فى الخطاب، وإن هذا القيد سيؤدى إلى إبعاد المتظاهرين عن مرأى ومسمع أى مسئول تقريباً فى البلاد، وقالت المنظمة إنه «شرط مبالغ فيه ويمثل قيداً جوهرياً على حق المواطنين فى إيصال رسالة للمسئولين عن طريق التجمع السلمى». وفى المادة «13» قائمة بجرائم سبق تجريمها كاملة فى قانون العقوبات، مثل التعدى على الممتلكات العامة أو الخاصة، ويفرض عقوبة إضافية هى الحبس لمدة لا تقل عن أسبوع، وغرامة باهظة تتراوح بين 20 و50 ألف جنيه مصرى، على أى مخالفة لأحكام المادة 13. وتحظر المادة 13 على المتظاهرين أيضاً ارتداء الأقنعة أو تغطية وجوههم، مما يعد تمييزاً واضحاً ضد المصريات اللواتى يرتدين النقاب، وبسؤال المستشار أحمد مكى، وزير العدل، عن هذا فى مقابلة حية على المحطة التليفزيونية المصرية «سى بى سى»، أجاب الوزير أن من ترتدى النقاب عليها أن «تلزم بيتها». وتشترط المادة 5 من مشروع القانون أن يقدم المتظاهرون إخطاراً مكتوباً قبل المظاهرة ب3 أيام، فيما تنص المادة 8 على ضرورة لجوء وزارة الداخلية إلى قاض لإلغاء مظاهرة، لكن المادة لا تشترط أن يصدر القاضى حكمه فى موعد مناسب ضمن مهلة الأيام الثلاثة، وهو ما من شأنه إثارة غموض بشأن الوضع القانونى للمظاهرة، فضلا عن أن القانون أخفق فى توفير استثناء للمظاهرات الأصغر حجماً، التى لا تسبب أى ارتباكات، ولا للمظاهرات العفوية العاجلة استجابة للأخبار. وحسب تقرير المنظمة، فإن مشروع القانون، قصر حق التظاهر على المصريين فقط، إذ ورد فى المادة «2» أن «للمواطنين حق الدعوة إلى المظاهرات وتنظيمها والانضمام لها»، وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن هذا النص تمييزى حيث يوفر القانون الدولى هذا الحق لأى شخص على تراب أى بلد. وأتاحت المادة 16 للشرطة استخدام القوة بأزيد مما نص عليه قانون هيئة الشرطة، ما يمنح الشرطة سلطة تقديرية مفرطة فى استخدام الذخيرة الحية لتفريق المظاهرات، فى حين تقرر مبادئ الأممالمتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة من قبل موظفى إنفاذ القانون أن الاستخدام العمدى المميت للأسلحة النارية لا يجوز إلا «حين لا يكون له بديل لحماية الأرواح». وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن القانون يخفق فى وضع حدود واضحة لكيفية استخدام الشرطة للقوة فى تفريق المظاهرات، من حيث الأسلوب المستخدم أو شروط التصعيد فى رد الشرطة، فبدلاً عن النص على إلزام واضح للشرطة يتفق مع المعايير الدولية باستخدام القوة فقط إذا أثبتت الوسائل غير العنيفة عدم فعاليتها و«ممارسة ضبط النفس فى هذا الاستخدام والتصرف بالتناسب مع جسامة المخالفة»، تكتفى المادة 15 باقتراح أن «يراعى بقدر الإمكان» اتخاذ الشرطة لإجراءات تبدأ بالإنذار وتتدرج حتى مدافع المياه والغاز المسيل للدموع. وأضافت المنظمة أن مشروع القانون يخفق فى حماية جوهر الحق فى التجمع السلمى كما يوضحه الدستور، فالمادة 50 من الدستور المصرى تقرر: للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية، غير حاملين سلاحاً، بناءً على إخطار ينظمه القانون.