مُلقياً رأسه على كرسى سيارة ميكروباص تقله من مسقط رأسه إلى العاصمة.. الطريق الطويل لا يكفى لسرد حلقة واحدة من ذكرياته الحاضرة دائماً، سائقو خط «طنطا - القاهرة» يعرفونه جميعاً من كثرة ذهابه وإيابه معهم، الطالب الجامعى مداوم المجىء للعاصمة فى مهمة واحدة تحتل قمة اهتماماته.. طاوياً أحزانه وأوجاعه بين لفافة أوراق تلازم يده دائماً، «كريم عبدالهادى» شقيق الدكتور «علاء» -شهيد مجلس الوزراء- قاطعاً عهداً وملتزماً بتوصية والدته بالبحث عن حق شهيده، مفضلاً العمل فى صمت بعيداً عن «تنفيض» الحكومة وإهمالها فى القضية «اللى إيده فى الميه غير اللى إيده فى النار». هناك أمام النادى الأهلى بالجزيرة أخذته أقدامه باحثاً عن فرحة ينتظرها تتحقق بداخله.. ليجدها فى عيون آخرين بعضهم لا يعرفه ولا يعلم عن أمره شيئاً «الدم غالى وعلى قد ما فرحت قد ما حزنت على الأب والأم وعلى فقد أبنائنا وأخويا طبعاً».. مشوار طويل فى المحكمة شارك فيه «طالب الآداب» عناصر مشجعى النادى الأهلى وهو لا يهوى الرياضة.. فدم الشهداء جمعهم بلا موعد مسبق «إحنا دفعنا التمن مشترك فأى بيت فيه شهيد أو مصاب بيجمعنا معاه حاجة واحدة هى الحق والقصاص» هكذا يرى «كريم» أواصر علاقة أسرته ومشاعر والدته المتداخلة مع أسر شهداء الثورة «كلهم ولادها واللى يرضى واحدة يرضى الكل». الشهيد «علاء» الأخ الوحيد لكريم، ذهب إلى الحياة الدائمة تاركاً «أخاه الصغير» فريداً يركض بحثاً عن حقه ممن صوب فوهة بندقيته صوب رأسه أمام مجلس الوزراء بشارع قصر العينى فى شهر ديسمبر 2011، «بدور على أدلة الإدانة والمتهمين بنفسى وعاملين مجموعة بتضم أسر شهداء ومصابى مجلس الوزراء بتتابع الأخبار وسير التحقيقات عشان نفكر الحكومة بحقوقنا».. هذا ما يملك الشاب العشرينى فعله لإراحة ضميره وتنقية جوفه ناحية أخيه الراحل، علاء عبدالهادى غمرته فرحة الحكم فى مجزرة بورسعيد «كان ليهم حق وخدوه ولو عرفنا نجيب حق حد تانى تبقى فرحة لينا كلنا» بجملة كلها إحساس جماعة وشمولى يتحدث عن أسر الشهداء، ويوقن فى عودة حق أخيه فى القريب «حقه هييجى يعنى هييجى». ولأن «الإيد الواحدة ماتصقفش».. يتعشم «كريم» فى مساندة أصحاب مهنة الطب.. دفاعاً عن فقيدهم، مُكتفياً بما يقدمه أطباء جامعة عين شمس من الشباب زملاء شقيقه، إضافة للقانون كأداة شرعية «البركة فى الدكاترة اللى بيتحركوا فى فعاليات، لكن الباقيين فى الحكومة والنقابة منفضين»، مؤكداً أن اليأس لم يمر بجواره يوماً ما لينشغل به عن القصاص للدكتور الشهيد، منذ استشهاد «علاء» يعد الطالب الجامعى تقريراً شهرياً عن أدلة قتل متظاهرى مجلس الوزراء «الحكومة مش عاوزة يكون فيه قضية أساساً». يناضل بطريقته واضعاً القصاص لشقيقه نصب عينيه.. من أجل هدفه كل الخيارات لديه مطروحة «إحنا دلوقتى بنتصدى للفساد فى إفساد الأدلة ولو حسينا مفيش فايدة يبقى التصعيد والضغط هو الحل»، مستفيداً من تجربة ألتراس أهلاوى «الحاجات اللى عملوها خوفت الدولة ورجعتلهم حقهم»، بنبرة خافتة تشعر بالحزن والوحدة.. يلقى ابن قرية «محلة مرحوم» بطنطا حموله على خالقه «بدور لوحدى على كل حاجة وربنا هيرجع لأخويا حقه ولو أنا معرفتش أجيبه فى الدنيا هييجى فى الآخرة». أخبار متعلقة: هؤلاء يطلبون القصاص عائلة «جيكا»: الشهداء فى مصر «كلاب».. بتيجى عربية الصيد تلمهم والد «شهاب»: «لو حق ابنى مرجعشى هعمل زى الألتراس.. الدم بالدم» شقيق «جرجس»: «فى عهد مرسى مفيش حقوق هترجع»