سعر الريال السعودي اليوم مقابل الجنيه المصري في البنوك    500 مليون جنيه دعما.. برلماني يبشر بانخفاض أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة    الاتحاد الأوروبي يتعهد بتقديم 68 مليون يورو إضافية لمساعدة غزة    جيش الاحتلال الإسرائيلي: قصف مبان في جنوب لبنان كان بها عناصر لحزب الله    إدارة بايدن تتراجع عن فرض عقوبات على كتائب إسرائيلية منها نتساح يهودا    وزير الرياضة يشهد افتتاح بطولة الأندية الإفريقية لسيدات الطائرة    كلوب: حل أزمة محمد صلاح سيجعلني الأغنى في العالم    بيراميدز يهزم الزمالك ويتوج بدوري الجمهورية 2009    الأرصاد الجوية : رياح ترابية وسحب رعدية وفرص لسقوط الأمطار    تامر حسنى يعتذر لبدرية طلبة.. ورد مفاجئ من الأخيرة    سيد رجب يلبي رغبة عروسين بالتصوير معهما في الإسكندرية    تراجع إيرادات الأفلام في شباك التذاكر وتحقق 3 ملايين جنيه أمس    «بيت السناري» يستضيف ندوة «المكون الثقافي والسياسات الخارجية المصرية»    طريقة عمل كرواسون الفسيخ بالأفوكادو في البيت.. استعدي لشم النسيم    أسبوع الآلام.. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بختام الصوم الكبير 2024    45 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    بدء الفرز.. غلق باب التصويت بانتخابات التجديد النصفى لنقابة أطباء الأسنان    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    محافظ أسوان يوجه بمتابعة تطبيق المواعيد الصيفية للمحال التجارية    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    الإسكان: 20 ألف طلب لتقنين أراضى توسعات مدينة الشروق    مواعيد صرف منحة عيد العمال للعمالة غير المنتظمة    رئيس «كوب 28» يدعو لتعزيز التعاون الدولي لتنفيذ اتفاق الإمارات التاريخي    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    وكيل أوقاف دمياط يفتتح مسجد الفردوس في محافظة دمياط    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    المفتي: ثورة 30 يونيو كانت تحريرًا لأرض مصر من أفكار خاطئة (فيديو)    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل ضمن «الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة»    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    أرتيتا: لاعبان يمثلان صداع لي.. ولا يمكننا السيطرة على مانشستر سيتي    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: سببان لتسمية يوم الجمعة بهذا الاسم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رحلة فنية قصيرة مازالت في القلوب .. ذكرى ميلاد هالة فؤاد    زيلينسكي يدعو إلى الاستثمار في صناعة الدفاع الأوكرانية    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماء شهداء الألتراس تروي بذور الثورة من جديد..فيديو
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 23 - 02 - 2012

'اخويا مات شهيد بالغدر في بورسعيد ويوم ما افرط في حقه هاكون ميت أكيد' هكذا تبدلت كلمات أغنية شباب الألتراس الشهيرة والتي كانت من قبل 'يوم ما ابطل أشجع هاكون ميت أكيد' معلنة بدء مرحلة وتغير جديد في حياة شباب الألتراس وفي أهدافهم ومطالبهم..
تغير يشعر به كل من شاركهم في المسيرة التي انطلقت من أمام النادي الاهلي حتي دار القضاء العالي مطالبة بالقصاص لشهداء مجزرة بور سعيد التي راح ضحيتها اكثر من 74 شهيدا طبقا لاحصائيات وزارة الصحة التي كذبها شباب الألتراس مؤكدين أن أعداد الشهداء وصلت إلي 194 شهيدًا.
هذه المسيرة التي امتزجت فيها مشاعر الغضب والحزن والإصرار علي القصاص الشهداء، والتي أكدت وعي شباب الألتراس وحرصهم علي سلمية المسيرة وتنظيمها وعلي الا يستغلهم أي فصيل سياسي وهو ما تأكد من رفضهم انضمام حركة 6 ابريل بما ترفعه من هتافات وشعارات وأعلن قياداتهم في المسيرة التي شاركهم فيها مئات من فئات الشعب المختلفة انهم لن يفرطوا في حقوق اخوانهم ولن يتنازلوا عن القصاص.
تستطيع ان تشعر ببركان الغضب والحزن الذي يحمله كل شاب وطفل من التراس الاهلي الذين كانوا شهود عيان وضحايا لمجزرة بورسعيد إذا ما وقفت إلي جوار أي منهم في المسيرة وسمعته وهو يهتف ويردد شعارات الألتراس الجديدة التي تجسد حجم المأساة.. تشعر أن الأرض تهتز من تحت أقدامهم حتي تكاد أن تخرج نيرانها وهم يقفزون مع كل كلمة من كلمات هذه الهتافات التي تصدر من قلوب تشعر بالغدر وبأنها تدفع ثمن دورها في ثورة يناير وتحديها لقوات الأمن من دماء وأجساد خيرة شبابها وأطفالها، يهتفون بقوة '.. لابس تيشرت أحمر رايح علي بورسعيد.. راجع بكفني أبيض وفي بلدي بقيت شهيد، في الجنة ياشهيد.. الثورة من جديد'
يحمل كل منهم عشرات القصص والمشاهد التي تجسد فصول المجزرة، فالكثير منهم شاهدوا اخوانهم وأصدقاء عمرهم ينحرون أمامهم وهم عاجزون عن انقاذهم لايملكون الا أن يحملوا جثثهم إلي أسرهم، ومنهم من شاهد الرعب في عيون أطفال لا تتعدي أعمارهم 15 عامًا وهم يواجهون القتل بأبشع الطرق دون أن يتمكن من إنقاذه، ذهب كل منهم وهو يغني بطبلة وصفارة مرتديا فانلة ناديه الحمراء وعاد جثة في كيس بلاستيك أو مصابا يحمل جثة أعز الاصدقاء.
جاء بعضهم من المحافظات المختلفة يحملون صور أصدقائهم الشهداء أو يحيطون بأمهاتهم وأسرهم يهتفون معا 'يانجيب حقهم يانموت زيهم'، فجاء محمد حسن من الاسكندرية يحمل صورة صديقه الشهيد اليتيم غندور كما حمل جثته بعد المجزرة، و جاء محمد جودة من الشرقية حاملا صورة صديقه اسلام محمد الصياد 19 سنة، بينما حملت الفتاة الصغيرة بهجة صورة شقيقها الوحيد الشهيد محمد جمال محمد الذي لا يتجاوز عمره 15 عاما، وحمل أحمد محمود صورة شقيقه محمد الشهير ب 'زيكا' أصغر شهداء المجزرة في الصف الثالث الاعدادي، أمهات يصرخن في المسيرة ليطالبن بالقصاص لأبنائهن الذين قتلوا غدرا ومنهم أم الشهيد حسن فهمي طه الشهير ب 'حمو' 19 سنة، فمعظم شهداء المجزرة تتراوح اعمارهم بين 15، 19 عاما ولا تزيد علي 27 عاما، ينتمون إلي مختلف الطبقات والمناطق فمنهم من يسكن المناطق الشعبية بامبابة وبولاق والعمرانية ومنهم من يسكن أكتوبر وحدائق الاهرام والقاهرة الجديدة، ومنهم طلاب الهندسة والجامعة الامريكية وطلاب المعاهد والشهادات المتوسطة والإعدادية يجمعهم حب الاهلي وقبله حب مصر وصفات أخري كثيرة تخفي عن الكثيرين ممن يحكمون بالظاهر، تستطيع أن تعرفها حين تري خالد أحمد عيسي الصديق المقرب للطفل أنس محيي الدين أحد أصغر ضحايا مجزرة بورسعيد وصاحب الابتسامة الشهيرة التي أبكت الملايين والذي مات مشنوقا في المجزرة، فخالد منذ الحادث وهو مصاب باكتئاب ولم يذهب للمدرسة لأنه لا يستطيع أن يجلس علي مقعده دون أن يكون إلي جواره صديق عمره انس، خالد أصر علي أن يطبع تيشرتات سوداء عليها صورة أنس ليوزعها علي كل زملائه بالمدرسة حتي تظل صورته أمامهم دائما، وتشعر ببشاعة الحادث حين تتخيل صورة كريم عبد الحكيم صديق الشهيد كريم أحمد عبد الله وهو يبحث عنه في وجوه الجثث والمصابين الملقاة بين مقاعد المدرج ويستمع إلي استغاثات وأهات المصابين في الظلام بعد إطفاء أنوار الاستاد دون أن يستطيع مساعدة أي منهم بينما تطاردهم جميعا أسلحة البلطجية ومحترفي الإجرام الذين يبحثون عن أي حي ليكملوا قتله حتي وإن كان مصابا، أما محمود عباس ومحمد مجدي وأحمد علي وسامح شابرو فيحرصون يوميا علي المرور علي أسر أصدقائهم من شهداء المجزرة في مناطق امبابة والدقي والمهندسين واكتوبر خاصة أن الكثير من هؤلاء الشهداء إما عائلاً لأسرته أو ابنًا وحيدًا أو يتيمًا.
في بيوت الشهداء
اذا كنت تحمل في ذهنك صورة عن الألتراس كتلك التي يحاول البعض تصويرها علي أنهم جميعا مجرد شباب خاوين يميلون للعنف ويهوون الشغب وبينهم من يحمل مقومات البلطجة فبالتأكيد ستتغير هذه الأفكار إذا دخلت أي من بيوت شهداء مجزرة بورسعيد واقتربت من حياتهم وصفاتهم وأخلاقهم، إذا سمعت أم الطفل الشهيد محمد جمال الطوخي ونظرت إلي صورته ذات الملامح الملائكية، فمحمد الذي لايزيد عمره علي 15 سنة في الصف الأول الثانوي ابن وحيد لوالدته التي انفصلت عن زوجها منذ 13 عاما وعكفت علي تربية محمد واخته بهجة 17 سنة، كان محمد هادئ الطباع مطيعا حنونا عشق النادي الاهلي وانضم للألتراس منذ عام.
'محمد كان أملي وسندي لبكرة.. كان أبيض ومسالم.. جواه طفل صغير.. كان دايما يقوللي نفس يا أمي أموت شهيد وكنت أقوله ماتقولش كده يا محمد أنا ماليش غيرك.. كنت بخاف عليه جدا لكن الخوف ما يمنعش القدر.. نزل في الثورة وفي أحداث محمد محمود من ورايا ورجع مصاب في رجله ولما عرفت ضربته وقلت له حرام عليك عاوز تضيع شقا السنين.. قاللي يعني يا أمي أسيب اخواتي الشهدا والمصابين وما اشيلهمش لو كل ام عملت زيك مين هينضف البلد'.
عن يوم الحادث تقول الأم المنهارة 'أنا ماكنتش أعرف ان محمد راح بورسعيد لانه عمره ما راح ماتشات خارج القاهرة لكن في اليوم ده كان عند ابوه واستأذنه وراح وانا باتفرج علي الماتش وشفت القلق عرفت من اخته بهجة ان محمد هناك وحسيت بأنه في خطر اتصلت بيه وعاتبته قاللي انتي يا أمي هتفضلي خايفة عليا كده علي طول وحاول يطمني وبعد شوية اتصلت بيه تاني كان صوته خايف وبيرتعش قلت له استخبي تحت الكرسي وعرفت بعدها انه اتصل اخر مكالمة بصاحبه عمرو وقاله انه انضرب في دماغه وبينزف من مناخيره' تبكي الام قائلة 'كان ياحببيي بيطلع في الروح وصوته راح والخط فضل مفتوح، محمد كان بيحب كريم عادل كابو الألتراس وأول ما شافه رايح بورسعيد حاول يرجعه لكن محمد رفض وفي الطريق لما حصل ضرب الطوب عليهم قعد جنبه وقاله أنا قلت لك ماتجيش يا محمد ومحمد قاله انا مش خايف'.
تكمل الام قائلة: 'كان عندي احساس قوي ان محمد مات واخواتي راحوا يدوروا عليه في المطار وفي المستشفيات وتابعنا اسماء المصابين والشهداء لكن محمد مكانش معاه بطاقة ولا اثبات شخصية، لكن في النهاية خاله اتعرف عليه في المشرحة'.
ويكمل أسامة خال محمد قائلا: 'تعرفت علي محمد من بين الجثث المجهولة كان بينزف من أنفه وجسمه سليم والتقرير الطبي كان تأدية واجب بيقول انها اصابة في الجهة إليمني من الرأس وكل الاهالي رفضت التشريح'.
تبكي الام وهي تتذكر آخر أيام محمد قائلة: 'باموت كل ماتخيل ابني لما اتخض واتفزع وهما بيموتوه ده كان طفل مسالم ليه يعملوا كده.. قلبي بيتقطع كل ما افتكره وهو في اخر أيامه بيحضني ويقوللي نفسي أنام في حضنك يا أمي، ومش مسامحة نفسي لأني قلت له انت كبرت دلوقت يا محمد، وفي اليوم اللي مشي فيه دخل علي اخته بهجة وهي نايمة وباسها من جبينها وايدها وقالها انا رايح هتوحشيني خللي بالك من نفسك، كان عطوف حتي علي الحيوانات وكان مربي قطتين ماتوا بعد موته علي طول.. انا مايكفنيش مال الدنيا انا عاوزة القصاص عيالنا اللي ماتوا كانوا أملنا في الدنيا وشباب الألتراس الله يكرمهم هما اللي مهتمين بالقصاص لاخواتهم وبأسرهم'.
مأساة والدة كريم
وفي منزل الشهيد كريم أحمد عبد الله 19 سنة تتجسد كل معاني المأساة حيث استقبلتنا خطيبته نورا التي كان مقررا ان يعقد قرانه عليها آخر العام وأن يتزوجا العام المقبل بعد قصة حب بدأت من الطفولة، فكريم الذي عاش اليتم وهو ابن عامين توفي والده في حادث قطار وتركه ووالدته التي أصبحت أرملة وهي في سن 21 عاما فعاشت تكدح لتربي ابنها لمدة 14 عاما تزوجت بعدها من ضابط شرطة لتعيش مأساة ثانية حيث توفي الزوج في حادث سيارة مع ثلاثة من زملائه الذين صدمهم احد أتوبيسات السياحة التابعة لوزير السياحة الأسبق زهير جرانة قبل ان يمر عام علي زواجه بأم كريم التي تركها حاملاً في شقيقه الأصغر نور الدين الذي لايتعدي عمره عامين الآن.
تقول عزة سيد حسن خالة كريم: 'اختي في حياتها 3 شهدا، وعاشت مأساة استلام جثث أحبائها من المشرحة ثلاث مرات فتسلمت جثة زوجها الاول والد كريم وبعدها جثة زوجها الثاني والد نور الدين والمأساة الاكبر حين تسلمت جثة كريم وهو كل أملها الباقي في الدنيا وسندها اللي شقيت عليه وخطبت له بدري وكان نفسها تفرح بيه المرة دي شديدة عليها قوي وسببت لها أزمة قلبية'.
تبكي والدة كريم التي لم يتجاوز عمرها 40 عامًا: 'انا كنت عشمانة ان كريم يبقي سندي ويربي معايا اخوه اليتيم ابني كان راجل وحاسس بالمسئولية كان بيشتغل في الاجازة وفي الدراسة، السنة دي كان في رابعة سياحة وفنادق وفاضل له سنة ويتخرج ويتجوز. كان بيعشق الاهلي وانضم للالتراس.. كان جميلاً ورياضيًا كان شهرته الماكس يعني الدرع الحامي وكان طول بعرض'، تنهض الام لتحضر صور كريم ومنها آخر صورة التقطها له صديق وهو في القطار إلي بورسعيد ودعوة فرحه وصور خطوبته، تقبل صوره وتنهار بالبكاء 'كان صاحبي واخويا وحبيبي.. قاللي انه بيحب نورا وقلت له يابني ندخل البيوت من بابها وخطبها وكان فرحان لكن أيدي الغدر قتلته.. أصحابه قالوا انه ماجريش وكان بيواجه البلطجية.. كان راجل وبيحلم بالحرية وشارك في الثورة. كنت خايفة عليه وكان بيقوللي انا مش احسن من اللي راحوا ولو مت هتبقي ام الشهيد انا عاوز البلد تنضف من الفساد اللي ظلمك وظلم كل المصريين، يعني يا أمي لو كنا في بلد بتحترم المواطن كان زمانك مرتاحة وليكي حقوق ومعاش يعوضك عن الشقاء ده وكانت الحوادث اللي راح فيها أبويا وجوزك بسبب الفساد ماحصلتش هما علشان كده انتقموا من شباب الألتراس لأنهم حلموا بالحرية وعاوزين يخلصوا البلد من الفساد'.
لتشير خطيبته نورا قائلة: 'كان فيه عبارة دايما كريم بيكتبها ويقولها وهي ولع شمروخ يمحي الظلام.. ينشر حرية يسقط نظام، وكان بيحب الحياة كان مشارك في ساقية الصاوي وفي حملة لا للتحرش وكان بطل كمال اجسام'.
تقول الام 'اخوه نور قبل بداية الماتش قال كريم مات وجاي في الطيارة وزعقت له لكن كان قلبه حاسس بأخوه، وكريم كان في آخر ايامه مهتم بيا قوي وصيته علي أخوه لو حصل لي حاجة كنت فاكرة اني هاموت قبله وهو اللي هيشيلني ويربي اخوه وماكنتش عارفة اني هادفنه بايدي، وقبل الماتش اشتري تيشرت الاهلي ب 130 جنيه وفضل يحضر حاجته طول الليل وقال لخطيبته خللي بالك من ماما وسافر مع صاحبه كريم عبد الحكيم واتصلت بيه في نص الماتش وحاول يطمنني وبعدها تليفونه اتقفل فضلنا نكلم صاحبه كريم اللي ضربوه بحديدة في رأسه وفضل وهو دمه سايح بيدور علي ابني بين الميتين والمصابين في الضلمة بعد ما طفوا عليهم النور وقاللي مش هارجع من غير كريم ادعي لنا نرجع بالسلامة، كنت متأكدة ان ابني مات لأنه حتي لو كان مصاب كان هيحاول يطمني من اي تليفون، كنت بادعي انه يرجع مصاب أو حتي متكسر بس عايش، روحت مشرحة زينهم وشفت كل الجثث كانت حالتهم صعبة ومنهم جثث مشوهة ومكتوب عليها بآلة حادة بورسعيد وعلقة سخنة وشفت ابني كانت رجله مكسرة وجسمه فيه جروح في الرقبة وضهره كله علامات زرقاء'، تقاطعها خالته عزة لتقول 'التقرير الطبي كان طبعة واحدة للكل كدمات وسحجات طفيفة ويتعذر معرفة سبب الوفاة لعدم التشريح، واللي يعترض من الاهالي يقولوا له نشرح ابنك وطبعا الكل رفض، احنا عاوزين نعرف ابننا مات ازاي ومات ليه صاحبه راجع عنده انهيار عصبي بيقول ان اللي شافه مش ممكن حد يتخيله، كانوا بيرموا الاطفال من فوق بعد مايضربوهم والمصابين كانوا بيعملوا ميتين لكن كانوا بيدوروا عليهم ويضربوهم علي راسهم علشان يتأكدوا انهم ماتوا كان معاهم سكاكين وسيوف ومطاوي والامن كان متواطئ'.
تصرخ الام قائلة: 'انا عاوزة حق ابني وحقه مش انهم يقولوا هنديكي تعويض لاني مش هاعرف اشتري ولاد من السوبر ماركت حق ابني لو ماجاش هيخلوني انا وغيري نتحول لبلطجية وحق ابني عند مصر كلها. انا شربت الذل علشان اربيه، اللي ماتوا شباب زي الورد واهاليهم شقيانة عليهم، ومش هنسيب حقهم'.
أشوفه ولو في الحلم
أما الشهيد أحمد اسامة 18 سنة زميل الشهيد كريم في معهد السياحة والفنادق ولكن في الصف الثاني، وتتشابه قصته في بعض الملامح مع قصص باقي الشهداء حيث إنه الابن الوحيد لأسرته وله شقيقة واحدة هي سميحة 14 سنة وتقول والدته 'أحمد سافر لاول مرة خارج القاهرة مع الاهلي بصحبة ابن خالته عبد الرحمن وأول ما شعرنا بالقلق في الماتش حاولنا نتصل بيه لكن ماردش وابن خالته حاول يداري عننا وبعدها تليفونه رد ولقينا واحد بيقول لنا البقاء لله.. أحمد وقع من الزحام والاختناق عند البوابة اللي قفلوها باللحام وابن خالته حاول يركب معاه عربية الاسعاف لكن رفضوا وفضل يجري في شوارع بورسعيد يدور عليه في المستشفيات وهو حافي بعد ما قلع فانلة الاهلي، اتعرفنا علي جثة احمد في المشرحة' تنهار الأم وهي تقول: 'عمري ما تخيلت اني اشوف ابني في المشرحة ذنبه ايه علشان يحصل له كده ده كان فرحان ومالي الدنيا ضحك وهزار كان بيحب الناس كلها وخدوم وفي المباراة كان بيضحك مع أصحابه ووزع عليهم الاكل اللي معاه وقاللهم صوروني.. دول حاصروهم بالموت وراهم وقدامهم.. أنا شايفاه في كل مكان وحاسة انه هييجي يخبط علي، نفسي أشوفه ولو في الحلم'.
دموع الشهيد
أما الشهيد عمرو أحمد محمد عطا 26 سنة فهو ابن وحيد ايضا وله شقيقتين اصغر منه وكان يعمل في شركة استيراد وتصدير ويساعد أسرته في تجهيز شقيقتيه وانضم للالتراس وكان يحرص علي حضور كل المباريات ولم يكن مقررا ان يذهب لمباراة بورسعيد بسبب ظروف العمل ولكنه قرر الحصول علي اجازة كي يسافر.
تقول والدته 'عمرو كان مثالي والابتسامة لا تفارق وجهه وكان حنين علي إخواته البنات جهز لبسه من بالليل واشتري خوذة لكن نسي ياخدها معاه كان فرحان فرحة ماشفتهاش علي وشه قبل كده وكان جدع ومات علشان يفدي غيره لأنه حاول يفتح البوابة ولما اتفتحت كان عاوز يطلع العيال الصغيرة الاول لكن وقع بسبب الزحام.. أول الماتش ما خلص حسيت انه بيناديني، كانوا مش عاوزين يدخلوني اشوفه في المشرحة لكن قلت لهم لازم اكون اخر عين تشوفه ودخلت عليه اتشاهدت وبوسته وقلت له سامحني ياابني لو قصرت معاك لكن انت عمرك ماقصرت معايا.. أبو تريكة ولعيبة الاهلي جم يعزوا فيه وقلت لهم كان نفسي تيجوا تباركوا في فرحه'، ويقول ابن عمته علي عبد العال 'لاحظت شيء غريب عندما تعرفنا علي جثة عمرو واول ما والده قرب منه ولمسه لقيت دموع نزلت من عين عمرو وكأنه بيبكي وظلت علي وجهه حتي تم تغسيله'
رابطة شهداء بورسعيد
أما والد الطفل أنس محيي الدين أحد أصغر شهداء مجزرة بورسعيد فقد أسس رابطة لأسر شهداء ضحايا المجزرة للمطالبة بالقصاص ومتابعة القضية وكل مطالب أسر الشهداء وهي في سبيلها للاشهار وأكد ان الرابطة تضم لجنة قانونية ولجنة مالية وثالثة طبية مشيرًا إلي أن عدد الشهداء حتي الآن 71 شهيدًا اضافة إلي جثة مازالت مجهولة وأن الرابطة تقوم بالتنسيق مع النادي الاهلي والألتراس، وأن هذا لا يتنافي مع تصريحه بأن مسيرة الألتراس لا تعبر عن أسر الشهداء، وأشار إلي أن الرابطة ستطالب بشطب النادي المصري وبيع لاعبيه لصالح أسر شهداء مجزرة بورسعيد والتحقيق مع مجلس إدارة النادي واتهامهم بالتسبب في الحادث وعدم حماية ضيوفهم، وطالب والد أنس النائب زياد العليمي الذي اتهم المجلس العسكري بتقديم الأدلة علي هذا الاتهام مؤكدا أنه سيقاضيه إذا لم يقدم الدليل علي اتهامه إلا إذا اعتذر عن هذا الاتهام مشيرًا إلي أن القضية لا تحتمل الإثارة أو اللعب بالمشاعر، وأضاف إن هناك من يسعي للاستفادة من الحادث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.