أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    مدير إدارة المساحة العسكرية: رصدنا 2 مليون تعدٍ على أملاك الدولة| حوار    الاتحاد الإفريقي يرفض الاعتراف ب إقليم «أرض الصومال»    ترامب يحذر زيلينسكي: لا يملك أي شيء حتى أوافق أنا عليه    اعتراف إسرائيل بما يسمى بإقليم أرض الصومال يهدد دول الشرق الأوسط.. التفاصيل    فلافيو يكشف عن توقعاته لطرفي المباراة النهائية بأمم إفريقيا    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    أمم إفريقيا – مدرب مالي: كنا نستحق ركلة جزاء إضافية أمام المغرب    القبض على 12 شخصا على حدود لبنان بينهم عناصر وضباط سابقون بنظام الأسد (فيديو)    فين الرجولة والشهامة؟ محمد موسى ينفعل على الهواء بسبب واقعة فتاة الميراث بالشرقية    4 ملايين جنيه تطيح بصلة الرحم| ضرب وسحل بسبب خلاف على ميراث بالشرقية    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    الزوجة والعشيق وراء الجريمة.. كشف لغز العثور على جثة بشوارع أكتوبر    بعد تداول فيديو على السوشيال ميديا.. ضبط سارق بطارية سيارة بالإسكندرية    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    ترشيح وائل جسار لغناء تتر مسلسل "توابع" ل ريهام حجاج    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    في هذا الموعد.. قوافل طبية مجانية في الجيزة لخدمة القرى والمناطق النائية    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    لم يحدث الطوفان واشترى بأموال التبرعات سيارة مرسيدس.. مدعى النبوة الغانى يستغل أتباعه    إخماد حريق داخل أكشاك فى منطقة رمسيس دون إصابات.. صور    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    إدارة المواقف بالبحيرة تحظر جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس    طارق سليمان: شخصية محمد الشناوى الحقيقية ظهرت أمام جنوب أفريقيا    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    منتخب مالي يكسر سلسلة انتصارات المغرب التاريخية    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    محمد خميس يحتفل بزفافه ب «الجلباب الصعيدي» | صور    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    الشدة تكشف الرجال    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 14 - 05 - 2016

"زمان وأنا صغير كنت بحلم أبقى كبير تعب القلب واتحير م الدنيا وم المشاوير".. من أجمل ما غنى هشام عباس في فترة التمانينات – اللي اتولدت فيها - هذه الفترة الحالمة المرحة من الزمن والتي لن تتكرر، والتي تستطيع أن تطلق عليها "زمن الأوفر الحلو" إذا ما اخترنا لها مصطلحًا خاصًا ك"زمن الفن الجميل"، وعلى الرغم من بساطة الأغنية ورهافة اللحن فإنك بمجرد سماعها فهي لا تغازل لا وعيك فحسب، ولكنها أيضًا تضرب دواخلك وعمقك بعنف فتخرج منه أجمل ما فيه، جميع ذكرياتك ولحظات طفولتك وأمنياتك وأحلامك وشجونك أيضًا.
حالة نوستاليجيا عميقة "ضربتني في مقتل"، بدأت بمشوار عند دكتور بابا.. كان المفروض عندنا ميعاد مع الدكتور بس لاقيناه إجازة مش عارفة ده كان لسوء حظ بابا ولا لحسن حظي، انتهزتها فرصة على الفور، وجاء عرضي كالتالى: "بابا عايزة أتفسح معاك شوية بقالي كتير ماخرجتش معاك"، ذهبنا لتناول الآيس كريم وبالأخص من محل كان دايمًا بابا بياخدنا عنده وإحنا صغيرين، نزلنا أنا وهو جبنا اتنين.
"الآيس كريم غلي ومبقاش حلو خالص زي الأول"، قلتها محاولة استرجاع لحظات طفولية ماضية لن تعوض مع أبي الحبيب، علني أقتنص لحظة بعيدة كالقمر منذ زمن فات، وأنجح في الارتكان بجانبها، ولو للحظات قليلة، وخصوصا أنه خيرني بين أكثر من مكان ، إلا أن إصراري كان على اختيار مكان بعينه كنت أظن أن صروف الدنيا لم تطبع عليه هو الآخر، حتى الآيس كريم طعمه مبقاش حلو زي الأول، بابا قالي كنا بنجيبوا نقعد على الكورنيش حتى الكورنيش "سوروه" و"قفلوه"، وكان ردي ساخرًا سخرية حزينة: الاستهلاكية طغت والعالم خلاص بقى بتخنقه "المادة".. هذه الكلمة طالما ظلت عالقة بذهني كأنها لمست شيئًا ما بداخلي رافضًا ومبغضًا لها كلمة "المادة"، والتي ذُكرت في فيلم "حبيبى دائمًا" على لسان الشخصية التي كانت تقوم بدورها الفنانة ماجدة الخطيب، حينما ألقت قصيدة بعنوان "المربع الضيق" وكانت تقول: "لن أسقط في عالم تخنقه الماااادة" مشهد لا ينسى ودائمًا ما تتشبث به أذناي.
فصل أول من حالة نوستالجيا عميقة شعرت بها فى أقل من 3 ساعات. واستكمالًا للحالة.. أخذتنا أقدامنا لمنزل ابن عمي الذي أصبح لديه الآن ولد وبنت.. كل سلمة طلعتها في العمارة اللي فيها شقة عمي، وهو سكن فيها بعده فكرتني بعمي اللي ماعداش على وفاته كتير.. ابن عمي المرفه - دلوعة مامته - بقى بيشتكي من الحال والأحوال.. مفيش حاجة بتفضل على حالها.
النوستالجيا تضرب بعمق من جديد.. 3 ساعات جعلتني أشعر بحنين غريب لكل شيء تعلق بذاكرتي في الطفولة، الأشخاص الأشياء الأماكن، ابن عمي - اللي كان لسه طفل - كبر وبقى عنده ولد وبنت وأخواته اللي هجروا البيت ليس هجرًا مقصودًا بالطبع، ولكنها سنة الحياة فأصبح لكل منهما منزل وأبناء أيضًا، أعياد الميلاد التي كان تبهج كل ركن في منزلهم.. جزء صغير من شريط حياة اختزنته ذاكرة الطفولة انتزعتني من لحظة آنية للحظة ماضية امتزجتا سويًا فخلفتا شجنًا كاد يسكب دمعًا.
في هذه اللقطات السريعة حدث بداخلي مقارنة تلقائية لم أشعر بها سوى بشيء واحد فقط: "خوف من اللي جاي.. لحظة قلت فيها ياريتني فضلت صغيرة".
الأمر بات واقعًا وحقيقة لا تخفى على أحد، فأغلبنا اليوم أصبح يرى بعضه بالصدفة داخل البيت الواحد، وأصبح تجمع أفراد العائلة الواحدة حدثًا عارضًا، وأصبحنا نقابل أبناء عمومتنا وأقاربنا صدفة في الشارع والمواصلات.
ماما أيضًا كانت بمثابة المعلم الأول، فهي دائمًا الموجه المباشر والقائد، هي التي تشكل وعينا ارتضينا أم لم نرتضِ، شعرت أيضًا بحنين لأيامنا التي عكر صفوها الانهماك في العمل و"المااادة" – مفيش فايدة في عفريت ماجدة الخطيب – أمي كدأب أمهات اليوم امرأة عاملة، و"اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، أصبحت أنا الآن أيضًا "ميني" امرأة عاملة، ودون أن نشعر جرفنا العمل ورتم الحياة السريع، السريع جدًا بعيدًا عن لحظات الهناء والصفو القديمة، حينما كنا نذهب أيضًا لتناول الآيس كريم – يمكن عشان كده بحب الآيس كريم جدًا دلوقتي - كل ده كان بيحصل بعد لفة كبيرة أوي وجميلة أوي في وسط البلد، تكون قد انتقت لي فيها أجمل وأشيك الثياب، وهو ما أصبحت أقوم أنا به الآن سواء بمفردي أو مع شقيقتيّ أو الأصدقاء.. الحنين القاتل ليس هينًا.. الاشتياق لهذه اللحطات الأثيرية المفقودة الآن لا يمر بنا مرور الكرام.. لم يعد الحال كما كان ذي قبل ليس لشيء ولكنها طبيعة الحياة، وحينما تضربني الذكريات في عمقي أعود لأقول ياريتني فضلت صغيرة.
الطفولة لا تعني شيئًا دون الأب والأم وذكرياتك معهما، لذلك كان الحديث بالتحديد عنهما وعن لحظات سعيدة قضيتها معهما والتي لا تُحصى، بالطبع حياة كبيرة مليئة بالمواقف والفرح والاحتواء والأمان ولا تخلو أيضًا من الشجن اختزالًا لهذه الفترة، لتبقى بقية الأشياء والأشخاص والأماكن تفاصيل تغذي الحكاية أو الحدوتة القديمة، لأنك حينها لم تكن ترى غيرهما حتى ذاتك وأنت لم تكن تراها، هي الفترة اللي كان شعورنا بهما أشبه بالطيور ننتظر من يطعمها في أفواهها، ولم نكن نأبه فيها لشيء، وهو ما نفتقده اليوم على الرغم من وجودهما بجانبنا، الإحساس اللي خلى هشام عباس يقول "ولقيت الكون كله بيتغير قلت ياريتني فضلت صغير".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.