أمام عربة فول فى ميدان شعبى اكتظ الناس يحصلون على جرعتهم اليومية من هذا «المخدر السحرى» الذى يجعلهم يبدأون اليوم وهم فى حالة من البلاهة اللذيذة والقدرة على قبول جنون الحياة وهيستريا الواقع وصعوبات لقمة العيش، حدث الحوار التالى: الرجل: صباح الخير يا أستاذ، تاخد بصل؟ العبد لله: خايف أنام، لأن البصل عامل زى المضاد الحيوى صعب جداً جداً! الرجل: وماذا يحدث إذا نمت يا أستاذ؟ العبد لله: لن أعرف أن أمارس عملى، وسوف أتأخر عن إنجاز أى شىء له قيمة! الرجل: وما قيمة عملك أو عمل أى إنسان، البلد رايحة فى ستين داهية. العبدلله: لا يا راجل، هناك بعض المشاكل، لكن مستقبل مصر مشرق بإذن الله. الرجل: يا باشا الدنيا بقت صعبة، أسعار كل شىء زادت الضعف والمرتب انخفض للنصف! العبدلله: هذه ظروف تواجه أى مجتمع بعد الثورات، ويتم تجاوزها بعد المرحلة الانتقالية. الرجل متسائلاً: ويعنى إيه مرحلة انتقالية يا أستاذ؟ العبدلله: هى تلك المرحلة التى تعبر عليها الأنظمة والشعوب من حالة صعبة إلى حالة أفضل، وهى تلك التى يتم فيها تأسيس أعمدة النظام الجديد الذى اختاره الشعب. الرجل: يا أستاذ نحن لم نرَ ذلك منذ الثورة، كل ما رأيناه صراعات ومظاهرات ودماء وانفلات أمنى واحتجاجات واعتصامات وهيستيريا على الفضائيات، وحروب كلامية فى الصحف! العبدلله: ولكن للإنصاف كانت هناك استفتاءات وانتخابات ومحاكمات وقوانين إيجابية وتداول سلمى للسلطة عبر الانتخابات عقب 64 عاماً من حكم المؤسسة العسكرية. الرجل: ولكن أنا لا يعنينى دستور ولا انتخابات، ولا يعنينى أن يحكمنى رجل يرتدى بدلة عسكرية أو عمامة دينية أو بدلة صناعة أجنبية، أنا يعنينى أن يزيد دخلى وتنخفض أسعار وتكاليف حياتى وليس العكس! العبدلله: تاخد بصل أحسن يا أستاذ؟! الرجل: قلت لك البصل مع الفول أحسن أداء للنوم، وأحسن مخدر كى ينسى الإنسان هذه الأيام الصعبة. وأكلنا أنا وهو بصلة عظمى كى ننسى!