مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي.. اعرفها بعد تغيير الساعة    رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف يؤدي خطبة الجمعة اليوم من سيناء    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    انطلاق فعاليات انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان    أسعار الجمبرى والكابوريا اليوم الجمعة 26-4-2024 في محافظة قنا    أقل جرام يسجل 2060 جنيهًا.. تراجع كبير يضرب أسعار الذهب اليوم    خبير: الدولة تستهدف الوصول إلى تريليون جنيه استثمارات في سيناء    بدء المحادثات الأمريكية الصينية.. وسط توقعات بالوصول لتفاهمات في القضايا الخلافية    بسبب مظاهرات دعم فلسطين.. جامعة كولومبيا تنفي استدعاء شرطة نيويورك    جيش الاحتلال يعلن وفاة مدني في هجوم حزب الله على جبل دوف    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    آخرها الخروج من ابطال آسيأ.. المعاناة تضرب موسم الهلال التاريخي    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    موعد تسليم لقب الدوري الفرنسي لباريس سان جيرمان    أمطار على القاهرة.. المحافظة تتخذ إجراءات احترازية    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    بعد حفل تحرير سيناء.. تامر حسني فى العين السخنة ب أولى حفلات الصيف    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا لمكارم الأخلاق وصلة الأرحام    رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    كريم فهمي يروج لفيلم «السرب»: انتظرونا 1 مايو    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة .. واربع لمونات


الأديبة المصرية الكويتية سالي عبد العزيز
الإهداء.....
إلى (سلفراس زايد )






هتسألني مين الشجرة، ومين هُمّه بقى الأربع لامونات، وليه شجرة اللمون بالذات؟!
هقولك شجرة الليمون دي عاملة كده زي الحقيقة، عمرها طويل ومبتموتش بسهولة.. أما بقى الأربع لامونات، فهمه الأربع بنات القمرات اللي حلاوتهم من كتر ما هيا زياده ومفحفحة، عاملة زي ما تكون بتشم ريحة ورق اللمون المنعنش كده.. عارفها؟.. الريحة دي اللي بتدخل على القلب تفوقه وتفرفشه.. أهي هيا دي حالتك لو بختك جالك وعينيك شافت اللمونات... قصدي البنات القمرات.
ده لكل واحدة حلاوة تفرقها عن التانية، بس مكانتش الحلاوة لوحدها اللي لمت شملهم.. ده كان أخونا الفقر واحد منهم، وهيا دي شلتهم.. أساسها الفقر وعمدانها الحلاوة الزايدة أما السقف فمكنش ليه حدود في أحلامهم..
حقهم.. ما حلاوتهم متتوصفش وجمالهم مايتوزنش.. وقبل ما احكي حكايتهم، عاوزه افصصهم فص فص (قصدي اوصفهم بنت بنت)..
اللمونة الأولانية: (مشمش)
مشمش وده دلع مشيرة.. يالا، هو الدلع بفلوس؟... وستنا مشمش دي كانت اقصر اللمونات في الطول.. يوووووه، أقصد البنات.. بس مش هعتبرها قصيره لو قارنتها بباقي البنات لأنهم كانوا فِرعين أوي... بس مشمش كان عليها رصة شعر بني محمر مفرود على ضهرها عينك مشفتش زيها، ولا التوكة اللي ما قدرت في يوم تلمها... على فكرة مشمش مكنش شعرها ناعم طبيعي، دي كانت بتحط عليه كريم للفرد.. انما مش من اللي بيتباع في المحلات دي، عشان مشمش متقدرش على تمنها.. ومكنتش بتقولنا بتحط ايه، بس كانت طول النهار بتتنقع في الشمس وهيا حطاها على راسها، وبعدين نلاقي شعرها ده بقى ناعم ومدي ضَيّ على حَمار، وطبعا محدش فاهم حاجه والكل فاكرة نعومة أصلي.. (ده سر)
نيجي للعينين العسلية، وبياض البشرة اللي من كثر ما هوه صافي تعرف تشوف المايا اللي بتشربها، من تحت جلدها وهيا معدية.. أما تفصيلة الجسم فكان زي الكتاب ما قال، وكانت دايما تمشي بمياصة وشعرها يرقص مع كل لمسة من رجليها على الأرض، لأن البيه كان دايما مفكوك وسايب... ومن مياصة مشيتها سماها ولاد حتتها مشيرة سوسته.. نيجي بقى للعيشة اللي عايشاها اليتمية... أبوها مات وهيا عندها 6 سنين، يعني يادوب عرفت ملامحه وسابها وراح، وأمها عايشة على الصدقة اللي بتيجي كل حين ومين من أهل الخير... وطبعا مكنتش بتلبس الا اللبس الدايب اللي اتلبس قبل ما يغطي جسمها يجي ألف لبسه قبل كده.. ومكنتش مشمش من النوع المهتم أوي بلبسه يعني تقدر تقول كانت مِستَكفية بكسرة طرف عينها العسلية وطول شعرها وماشية السوسته اللي كانت مدوبة قلب شباب البلد وشيبتها، وكانت في مدرستها شاطرة ومعديه
اللمونة التانية (بدرية)
دي بقى من قوة حَمار خدودها، مكنتش فيه أبله في مدرستها تصدّق انه ربّاني الاّ بعد ماتمسك المنديل وتعدّيه على وشّها وتمسح.. والعين تتكسف لما تلاقيه نظيف، أما لمعة خدودها متتفهمش.. بس تلاقي نفسك قصادها بتكلّم نفسك برضه: (البت دي بتاكل ايه مخلي خدودها دي عاملة كده؟).. وحصل وسألتها مرّه، وقالتلي قال ايه بتشرب موز بلبن على الرّيق.. قال موز بلبن قال!.. يعني لو الاخوة في السودان شربو موز بلبن كل يوم على الّريق، هيبيضّوا ويلمعوا ويحمروا ويحلوّا كده... ياللا..
كانت هانم أم بدرية من كتر جمال بنتها لما كانت تيجي تخبز قدام الفرن، تحط بدرية على القش اللي جمب الفرن وهيا بتعجن.. ولما كان حد من الحبايب يعدّي يسلم وياخدو رغيفين عيش، كانت تطرح على بدرية حتة قماش وتغطّيها زي ما بتغطّي العيش السخن وهوه ملهلب وطالع من الفرن، علشان تحميه من الدبان..
الشعر كان بني غامق زي العينين وكانت بترفعه من الجنبين علشان تبين جمال وحَمار وشها، وتوريك طعامة غمازة أمها.. بدرية كان عندها غمازة واحده بس في خدها اليمين تاخد روحك لو ضحكت في وشك، وتندمك على عمرك اللي فات وانت مش شايفها... الغريب في بدرية - واللي ما أقدرش أقول انه عيب فيها لأنه كان مميزها - هوه لسانها الطويل وألفاظها اللي مكنتش تعرف للأدب دليل.. مسمعتهاش أيام صحبتنا بتقول جملة خالية من شتمة.. طب ماهي متعرفش ومينفعش ومتبقاش بدرية.. والأغرب بقى ان محدش كان بيزعل منها... جمالها كان بيسيطر على اللي قدامها، والشتمة من لسانها كانت زي الهبة اللي بتنعم عليها باللي بتشتمه... نعمل ايه في نعم الجمال؟
نيجي بقى للسيد الوالد عبد الرازق.. فحضرته كان شغال في مصنع نسيج، كان قاعد على نول يدوي، يحط الخيط على الخيط علشان يطلع نسيج.. والسيدة الوالدة اللي كان اسمها هانم -معرفش ازّاي بس سبق وقلت الأسماء هيا الحاجه الوحيده اللي بنختارها ببلاش- كانت طول اليوم ماسكة الموس وبتطّاهر في عيال البلد... كانت عاملة مسح لتلات أرباع العيال... أهي هانم دي لما كانت تعدّي في أي زقاق، كانوا عيال الحتّة يخبّوا نفسهم منها.
بدرية بقى كانت شياكتها ايه... تشوفها تقول دي بنت ناظر عزبة ولا حتى بنت باشا من التراكوة الحمر دول... كانت تموت في اللبس والشياكة، وطبعا الايد قصيرة بس ميمنعش ان كل فين وفين هانم تجيبلها هدمة جديدة.. ده غير ذكاء بدورة وتفانينها في حبكت الهدوم وتهذيبها علشان تطلع في أحسن صورة... بدرية على قد فقرها مكنتش تلبس فستان فيه كسرة، وطبعا مكنش للمكوى تعريف في قاموس فقرهم.. وبعدين ما القاموس كان خالي اساسا من كلمة كهرباء، بس بذكائها - واللي مكانتش بتستغله الا في الحاجات دي بس - كانت تملا بؤها مايه و.. أوووووووف جامدة، ترش بيها المية على الفستان -بدل البخاخ يعني- وبعدين ترفع المرتبة القطن اللي تقلها يلوي الدراع وتنزل تحتها وتسندها بضهرها وتفرد الفستان بدقة، كسرة كسرة، وترجع تسحب نفسها بشويش وتنزِّل المرتبة، وهوبااا.. تنام فوقها لغاية اليوم التاني، على ماتكون بقيت العيلة برضه نامت على المرتبة، والفستان خد فردته المضبوطة وايه، ولا أجدع مكوجي... أما بقى تنانيرها اللي كانت فوق ركبتها دي، ومنفوشة كده، كانت تاعبة أعصاب البشر.. ماهي رجليها كانت حلوة وركبها كانت أنعم من خدودها كمان... خلينا في التنورة أكرملنا، وازّاي كانت بتنفشها علشان تبقى شبه بنات البهوات، اللي ما يجوش في نص حلاوتها، غيرشي بس اللبس وشوية النظافة اللي عليهم (ده كان كلامها).. كانت بتنفش التنورة من دول بمايّة سلق المعكرونة، ماهي أصلها بتكون مليانه نشا..
كانت بدرية تمشي معانا، اللبس مفرود، والشعر من الجنبين معقود، والجمال طبيعي مش مشحوت، أما الغمازة فكانت عليها انها توقع أتخن عكّازة، ولو كانت حتى معدية قصادك يا جنازة.
اللمونة التالته (خديجة بنت ماتيلدا)
أهي دي بنت النيل بحق.. اللون المصري الحقيقي.. كانت أسمر واحده فينا، والاّ يمكن احنا اللّي كان بياضنا زيادة؟!
الشعر كان ناعم سايح، والقُصة كانت على عينها مبتترفعش... معرفش كانت بتشوف قدامها ازاي من القُصة النايحة دي، اللي سايحة على عيونها؟... وطول الجسم كان ايه، طول بحق.. أما اللفة بتاعته على تقسيمته كأنهم متفقين يطلعولنا موديل تمشي على منصة العرض.. بس للي ليها بخت غير بخت خديجة الغلبانه اللي اتولدت.. محدش يعرفلها أب...
من وهيا عندها سبع سنين، أمها عيوشة ماتت وسابتها لجارتهم الست الطيبة - اللي كل البلد بتحلف بحياتها ومعروفة بحنيتها وأصلها الطيب - ماتيلدا وجوزها متولي، تتربى وسط عيالهم التلاته.. وبعد سنة - ومن سواد بخت خديجة - لحقت الست جارتهم ماتيلدا، عيوشة أم خديجة، وماتت بعد صراعها مع السرطان سنين.. وسابت البت الغلبانة خديجة تشيل حمل ملهاش بيه اي صله غير البخت ياعيني.. عَيّلة عندها تَمَن سنين، تربي تلات أطفال، وكمان تسلّي عم متولي أبوهم اللي مرحمش طفولتها ولا جهلها، وخد عذريّتها من غير حتى ما تقاوم.. ده أبوها متولي، وهوه أبوها متولي هيعمل ايه غير الصّح!!.. ماهو أصله كان معتبر خديجة هيا هدية ماتيلدا ليه على فراقها.. ماهو أصل ماتيلدا دي وقفت قصاد اهلها زمان واتجوزته على الرغم من اختلاف ديانتها عنه، هيا مسيحية وهوه مسلم.. بس في العشق بقى العقل بيبرك زي الجمل مبيبرك تمام، ويخلى بصاحبه.. واتجوزت ماتيلدا متولي..
لحظة ما متولي كان بينهش عفّة المسكينة خديجة، كانت هي بتسأل نفسها من غير متنطقها بلسانها: ليه أبويا متولي بيوجعني كده؟!.. والأغرب انها بتناديه أبويا!..
وكِبّرِت خديجة على الوضع ده.. الصبح.. تعض ديل فستان ماتيلدا -الله يرحمها- مرات أبوها الوسخ متولي بسنانها، عشان طبعا طويل على سنها، و تجريلها شوية ورا عربية الرش، وبعدين تدخل تعمل حاجه تاكلها هيا والعيال.. وآخر النهار.. يرجع أبوها متولي، ياخد لقمة من الأكل.. وهبرة من لحم خديجة الطري، وينام من التعب.. وخديجة تنام من كتر الهَدَّة اللي بتهدها لنفسها طول النهار... وكبرت وهيا فاكرة ان اللي بيحصل بينها وبين الراجل ده هوه الطبيعي بين البشر، لحد ما اتعرفت على شلة شجرة الليمون وفهمومها حقيقة الوحل اللي هيا مغروسة فيه، اللي اسمه (بابا متولي).
اللمونة الرابعة (بنت سندس)
أما آخر لمونه في الشجرة دي، كانت أنا... مَكانليش اسم غير "البت بنت سندس الشغالة".. بس عمري مَكُنت غلبانه، ولا اللقب ده كسرني... كنت عارفه ان حلاوتي تكسر لسان اللي يعيبني، بس ظروفي كانت عكس حلاوتي... أمي كانت شغاله في بيت بيه.. مكنش أي بيه، ده كان أغني رجالة بلدنا أيامها، وهرجع أحكي عنه بالتفصيل بعد شوية..
وأنا هاروح منه فين!!
أما ابويا فكان بيصلح بواجير الجاز، والباجور ده حاجه كده كان الغلابة اللي زينا بيطبخوا عليها.. شبه البوتاجاز الأعور بتاع اليومين دول، بس كان بيشتغل بالجاز مش بالغاز.. أما اذا كنت باشا وهتسألني: ايه البوتاجاز الأعور ده كمان، فهوه البوتاجاز ابو عين واحده.. و معنديش شرح اكتر من كده ليه.
ولازم أوصف شكلي، واديني حقي زي ما اديته للامونات شجرتي..
الجسم لاهو طويل ولاهو قصير.. مليانه في كل مكان لازم يكون مليان، ورفيعه في اللي لازم يكون رفيع، زي الوسط اللي عينك متمشيش من اوله الا50 سم عشان توصل لآخره.. تيجي لشعري فكان عسلي فاتح أوي، عامل زي ديل الفرسة والعين خضرا والبشرة بيضاء انجليزي، وكنت عارفة كويس أوي ان حلاوتي كثير على اني أعيش العيشة دي!
خدمت مع أمي في بيت البيه.. وبنات البيه كانوا شبه أمهم آمال هانم، وحشين أوي على كلمة بنات.. وطبعا كانوا بيكرهوا وشي، وبيعاملوني باذلال علشان عينيا كانت بتقولهم اني اجمل منهم، وهمه كانوا بيقروا ده في عينيا لدرجة انهم كانو بيخافو يدوني لبسهم القديم حتى لو مقطع، لانهم عارفين انه عليا - ولو كان دايب - هبان فيه ستهم، فكانوا بيوزعوه على البنات اللي من سني في البلد قدامي، وبتكون روحي هتطلع على حتة من اللي بيدوه لغيري.. لكن ايدي كانت لسة في السلسلة، والمفتاح مكنش لسة معايا.. ومش هوصف اللي كانوا بيعملوه فيا، عشان بيئذيني اوي لمجرد اني افتكر عمايلهم، انما هَوصف اللي عملته أنا فيهم، عشان هيئذيهم..
الجدعان ولاد البيه كانوا حلوين وطيبين معايا، وعماد بيه الابن الاكبر هوه اللي علمني بقى اقرا واكتب، عشان يشجعني استقرا القرآن الكريم.. و ابنه جمال بيه الصغير - وهو طبعا أكبر مني - فمكنتش بقرب منه.. لأنه كان حلم بعيد وأنا مش غبية أحلمه، ده غير ان أمي سندس كانت عارفة ازاي تحاصرني كويس لما جمال بيه كان بيرجع البلد ايام أجازة مدرسته الخواجاتي اللي في مصر، عشان هيا عارفه اني أنا مخدش في ايده غلوه، وبعدين ده يبوظلها خطتها... خطة الفرج اللي كانت رسماها سندس..
عماد بيه لما بكون فاضية بيقعد يعلمني الحروف، وكان أكتر حد في العيلة دي بيعاملني على اني انسانة وبحس.. بس عمره ماعمل حاجه، ولا حتى لمح لحاجه وحشه معايا، غيرشي بس باخد بالي لما بكون بقرا ومركزة في كلمة طالب مني اكتبها، وشعري ينزل على الورق واجي ارميه لورا يقوم متزحلق حبة منه جوة الجلبية عند صدري، ألاقي عينين عماد بيه ساعتها هتفط من وشه علشان اللحظة اللي هطلع فيها الشعر من جوه، لعله يتنعم بنظرة على اللي مكتنز.. يالاّ اديني بعمل نفسي مش واخده بالي واكمل كتابة..بس اللي خدت بالها، والخوف ضرب بدنها أمّه الست آمال.. كانت جتّة.. طول بعرض، وسمرا، وصوتها تخين.. انا عارفه ازاي دي متصنفة في خانة النسوان.. يدي الحلق للي بلاودان.. بس دي بلا ودان وبلا سنان.. كمان!
نهايته.. اتمنعت دروس القرآن، بحجة ان عماد بيه هينزل يخطب في مصر واحده بنت عيله ومحترمة.. قال محترمة قال!.. ياما شفتهم في العزبة بعد كده، زانقها بيبوسها.. ومرة سمعت من فلاحين العزبة انهم - عماد بيه وخطيبته يعني - جم باتو كذا مرة في فيلة العزبة بالليل، ويتسحبوا من بدري قبل ماحد ياخد باله.. ف كل الاحوال، مكنتش العين على عماد بيه، ما اهو اصله غصن من شجرة، وأمي كانت عينها على الشجرة بذات نفسها...
الشجرة: الحاج سعد.. رمز المال
رجل سبعيني.. طوله حوالي 155سم، تخين وبكرش عشان الجمال يكمل!... اسمر بس مش غامق.. اقرع بس الجناب فيها شعر ابيض ماهوش ناعم... الشفاتير سودا ومدلدله ودايما ملحق بيها حتة رياله!... أما عينيه فمكنش ليها لون... باينها كانت بني، بس مع السن دخل عليها لون رصاصي.. بقت عين عويله، بس لراجل ايده طويلة!
بس الحق كان عصامي.. او حتى حرامي... وكان أغنى وأبخل راجل في البلد، وكان بذكاءه مشغل اخواته وقرايبه كلهم تحت ايده، علشان الامان يعني... اتجوز آمال هانم عشان هيا بنت اصول، وعيلة غنية.. يعني القصة الروتينيه.. فلوس وعيلة، عشان المصلحة تكبر وتكبر...
على سن 12 سنة بلغت.. وبدأت علامات البلوغ تبان عليا قبل كل اصحابي، وحتى بنات البيه اللي اكبر مني.. كانو ناشفين ومعصعصين، ومعندهومش اي تضاريس!.. انما انا كنت ملفوفة ومليانة شوية، وكل حتة فيا عليها لمبة رباني، والكهربا مجاني، فكنت بنور فالليل والنهار.. وعشان كده لما الحج كان بييجي البلد، كانت امي تديني شغل في الدور اللي بيقعد فيه.. بس كانت الهانم متهنيش امي، ودايما تلحق البيه قبل ماعينه تاخد حتّة مني ومن حلاوتي، وبسرعة الهانم تحت تنزلني.
غراميات اللمونات
وبعد سنين قليلة، كبرنا الأربع قمرات، وبقينا نمشي في البلد جمب بعض على الطرقات، و دبة رجلينا كانت بتخلي كفة ميزانك يا بلد تميل تحتنا، من كتر قوة فجرك يا جمالنا..
كنا حلوين.. وتقدر تقول ملناش أهل نخاف منهم، أو حتى عليهم.. وكل واحده مننا خدت من الفقر جمب، لأنه من يوم ما اتولدنا والفقر جمبنا ووسطنا وقدامنا... كان الفقر هوه حيطان بيوتنا... ونوينا نمشي على سطر واحد، حالفين لنخرج من بابك يا فقر، ونولع في الباب بجاز وسخ كمان، عشان حتى لو واحدة مننا تاهت، تروح في أي داهية تانية..
بس مترجعلوش.
خديجة.. وسي الأستاذ صالح
وقفت خديجة على الطريق بعد ما سلمت على الثلاث لمونات والحيرة في قلبها باينة على عينيها.. وفضلت تبص عليهم وهمه حجمهم بيكش كل ما بيبعدوا عنها شوية بشوية لغاية ماحل مكانهم السواد، وصوت الصراصير اللي على الترعه... بس رجليها مش مطاوعاها - رغم خوفها من وحدة الطريق - انها تروح..
هَرَّوح البيت وهلاقي أبويا متولي مستنيني... معقولة الكلام اللي البنات دول قالوهولي... معقولة ابويا متولي ده وحش وبياكل في لحمي... بس أنا عمري ما حسيت انه بيضرني ابدا، غيرشي بس انه كان ايام كتير بكون هلكانة من اللف ورا العيال اخواتي والشغل في البيت، وكان بيلزم عليا برضه انام جمبه غصب عني، ويغطيني بملايته علشان محدش من العيال اللي نايمين معانا في نفس الحتة يشوفو اللي بيعملو فيا... اه هوه مكنش بيرحم تعبي... بس ده مكنش قصده... لااااا.. ده كلب زي ما بدرية قالت، استغلني ومرحمش طفولتي و أخد مني حاجه قالوا اسمها... العزوبية!.. اه العزربيه.... وأنا اللي كنت فاكراه بيحبني أكتر واحده في اخواتي؟.. طب هروح البيت تاني ازاي؟... هدخل كده وابص في وشه ازاي؟... اسكت ولا اقولو؟... ولو مقلتش، ماهو هينميني جمبه و... برضه زي كل مرة!
نزلت على ركبها وعيطت على حالها... محدش هيرضى يتجوزني!... واستاذ صالح، يالاهوي... ده متعلم، يعني برضه عارف معنى الكلام اللي البنات قالوهولي.. اللي تخسر عزربيتها متشوفش جواز... يعني مش هيرضى يتجوزني لو عرف!.. ده كان هيكلم ابويا متولي ويطلب ايدي، وانا من يوم ما شفته وانا مبقيتش بعوز اشوف راجل غيرو... ومع ذكر اسمه على بالها افتكرت.. ومنيش فاهمه الاحساس ده يعني ايه؟.. ولا شغلت فكري بمعناه.. انا اللي اعرفه اني لما بشوف الاستاذ صالح بتسمر في مكاني كده، و جتتي بتتصلب.. أصله بييجي عند جارتنا عشان يدي عيالها درس فرنساوي، ولما يطلع من عندها يلاقيني وقفاله، فيبصلي كده ويقرب ويقولي:
- ازيك يا بت يا خديجة وازي ابوكي؟
بضحك وبرد عليه:
- وانت مالك ومال ابويا!!
- خلاص.. ازيك انت يا ست البنات
- يسلم زيك يا استاذ
- ماتيجي يابت اديكي درس فرنساوي
- جتك ايه يا استاذ.. هوه انا بعرف استقرا عربي، لما هتعلمني ابصر ايه ده؟
- ماهو ده حلاوته ده.. انتي كده هتبقى مشفيه، وهتدوسي في الفرنساوي.. اسأليني أنا.. أنا خبرة وعارف.
- لا انا مش عاوزه اتعلم
- ما هو ده احلى ما فيكي يا خديجة.. انك محدش علمك اي حاجه.
ومسك طرف صوابعي وقالي:
- اوه.. ضوافرك عاملة زي حوافر الجمل كده ليه؟.. وايه السواد اللي فيها من جوه ده؟
مسحبتش صوابعي من ايده.. وهوه ينفع اعمل حاجه غير اللي بيعملها استاذ صالح بنفسه؟
- اللي في صوابعي من جوه هيكون ايه يعني... طينة متعرفهاش؟!
-لا... لا... البنت الحلوة اللي زيك، لازم دايما تنضف ضوافرها.
وساب ايدي.. فحطيت صابعي بين سناني من كسوفي..
- شفتي بقى؟.. أهو اقل ضرر، ان الطينه هتدخل في معدتك.
سحبت صابعي من بقى، وشبكت ايديا الاتنين ورا ضهري، وقلتلو:
- اللي تقولو انا هعملو يا استاذ
ضحك وطبطب على كتفي... يالاهوييييييييي يا ني... ومشي..
صوت مجموعة ناس جايا من بعيد، رجاله على ستات، وبيتكلموا ويضحكوا زي ما يكونوا عيلة واحده وراجعه على الطريق من فرح... صوت ضحكهم فوقها من فكرها.. راحت واقفة بسرعه، ونفضت تراب الأرض عن جلبيتها، وجريت على البيت وهيا بتنشف خدودها من دموعها..
على اول الحارة لقت عم متولي.. راجل في الخمسين من عمره، بس الكرمشة اللي في جلده بتحكي عن عمر أبعد بكتير من الخمسين.. والنحافة واكله من كل حتة في جسمه، دي حتى واكله من طوله.. كان قصير - وعلى رأي أم لسان طويل بدوره: ناشف ومقدد كده، وعاملي راجل.. جته داهية تاخده.
واقف و السيجارة رمادها اطول من اللي فاضل فيها.. واقف ساكت حيران، مش عارف خديجة اتأخرت كده ليه... يكون حد خطفها؟
بمجرد ماظهرت خديجة من بعيد، وقبل ما تلمحه سحب النفس الأخير في السجاره مرة واحده ورماها على الأرض، ومشي بسرعه برجليه القصيرة دي قبل ما تاخد بالها وتشوفه، ودخل من عتبة الباب، وقعد عمل نفسه بياكل وبيشتم في العيال اللي كانت بتتنطط حواليه..
خطت خديجة العتبة، ولقت الباب متوارب.. زقته بايدها وهيا موطية رقبتها وخايفه..
- كتي فين يا بنت الكلب
خديجة متجاهلة السؤال:
- اكلت يا با؟؟
-امال هستناكي ياروح امك...
سكت شويه وقالها:
- منتيش جعانا؟؟.. تعالي كلي لك لقمة وانتي صفرة كده
- ماشي
وربعت رجليها وقعدت بعيد عنه، ومدت ايدها في طبق الرز، ومد عم متولي ايده، فخبطت في ايديها، راحت نافضاها بفزع... راح باصصلها بكل ما يملك..
وهو على تهالكه ده، مكنش يملك الا عينين جاحظة، وعلى ما اذكر، عينيه كانت أكبر عضو فيه!.. لأ وايه، بيبرأ لها بيهم..
- لدغتك عقربة يابت؟.. انت فيكي ايه؟
- انا حاسة اني سخنة اوي، ولازم انام
وراحت دفست نفسها وسط اخواتها واتغطت، وفضلت تحت الغطا - اللي مغطي حتى وشها- مفتحه عينيها، بتترعش.. خايفه من لحظة ما هيناديها، علشان تتنقل وتطلع تنام جمبه..
بس عم متولي ما نداهلهاش الليله دي، ورحم حرارتها اللي ادعتها... وبذكاء الفلاحين، عقل عم متولي أبصر ان فيه حاجه حصلت.
طلع الصبح وقام عم متولي لفلاحته، ما هو فلاح في الأرض بتاعته.. وهيا صحيت بعده فرحانه مهلله، انه أول يوم عدى، وابوها متولي ما اقربلهاش.
النهارده معاد درس الفرنساوي... غسلت شعرها وسرحته، وماتعبهاش في تسريحه.. ماهو ناعم زي اللؤلؤ الاسود.. ومنسيتش تنظف ضوافرها بخشبة صغيرة، كسرتها من غابة القصب، وهاتك يا تنظيف... ولبست المرة دي فستان أخضر مقلم بالعرض أبيض، محزق من على الوسط ونازل على واسع لغاية تحت الركبة بشوية.. كانت سالفاه من مشمش المعداوي الله يكرمها، وطلعت وقفت قدام البيت، لغاية ما ظهر استاذ صالح... والضحكة ليها، من بعيد منه، عليها جايا.. لحد ما قرب..
-اش اش!.. ايه ده؟.. فستان... حلو عليكي اوي.
-والنبي بجد؟؟.. عجبك؟..أنا لابساهولك.. انا واخداه لفة من البت مشمش.
-اه.. مشمش بنت العدوي
-عليك نور... عليا احلى ولا عليها؟
-خديجة، انت من غير ما تاخدي فساتين من حد، انت حلوة.. كل حاجه فيكي حلوة
اتكسفت، وحطت اديها على شفايفها.. بس دي حركة صياعه منها.. عاوزه توريه النظافه اللي حلت على حوافرها.. ضوافرها..
- أوهوهو.. انت صوابعك منورة النهارده، الله... فاضل بقى تقصيهم بالمقص.
بصتلو سهير بعينيها وتعلقها بيه بيزيد... اول مره حد يعلمها حاجه، ويفهمها تعمل ايه، وايه الأحسن ليها..
ويحن عليها كده..
ده حتى المرة اللي فاتت طبطب عليها بشويش أوي..
- طيب
- مسمهاش طيب يا خديجة... لما حد يقولك كلمة كويسة، تقوليل مرسي
-مارسي
-ميرسي يا خديجة!
-ميرسي
-يالا، خدي بالك من روحك.. عاوزه حاجه قبل ما امشي؟
-ما... ميرسي
-اه بالحق.. ابوكي متولي فين؟
-في الارض... عاوزه في ايه؟
-عاوز اخدك منه
فتحت بؤها وعينيها وقفلتهم في ثانية.. وراحت ماسكه طرف الفستان، ونسيت انه فستان - ما هي متعوده على الجلبان- وبان اللي بان وهيا بتجري جمب الحيطان.. مش عارفه من فرحتها تميز بين البيبان، لحد ما لقت باب بيتهم واتكنت فيه بأمان.
عم متولي قاعد تحت الشجرة بيريح ضهره واستاذ صالح جاي عليه..
- السلام عليكم يا عم متولي
- اهلااااااا اهلا اهلا باستاذنا.. ازيك يا ابني، وازي ابوك وعمك بتاع مصر؟.. بيودّكو ولا قطع بعد ما اتغنى؟..
- واحده واحده ياعم متولي عليّا..احنا كلنا بخير والحمد لله، بس انا عاوزك في حكاية كده
- هتطول يا ابني؟.. اصل الشمس قربت تغرب وانا هاروح
- ده كلمتين ياعم متولي ورد غطاهم
- قول يا ابني وخلصني
- انا كنت عاوز اتجوز خديجة اللي انت اتوليت تربيتها.. انا طبعا عارف الخير اللي انت عملته، وكل البلد عارفة
اتفرد ضهر عم متولي المحني، والقوة جتلو متعرف منين، واتنفض من قعدته:
-انا لازم اروّح.. العيال لوحدهم، والبت خديجة بقت حمّه، ومش قادره تراعيهم
-يعني مرديتش على كلامي
-كلام ايه ياد انت ياد؟.. هوه فيه حد بيتكلم في الحاجات دي، في الطريق كده على عينك يا تاجر؟.. انت متعلمتش الأدب؟
-الله الله!.. ليه كده يا عم متولي؟.. انت بتشتمني؟!
-وسع الله يسهلك..
ومشي عم متولي يهمهم:(عيال فاضية).. دخل عم متولي البيت لقاه نظيف على غير العادة، وخديجة جواها فرحه طالعه على وشها، وحطت الغدا لأبوها متولي زي كل يوم، واتلموا على الطبليه ياكلو.. وبعدين طلع على عتبة البيت، ولف سيجارة وقعد يمزمز فيها علشان متخلصش منه بسرعه..
- تكونش البت عارفه، ان الواد صالح هيطلبها مني؟... ماهي زي القرده النهارده أهي!.. لاسخونية ولا نصيبة!... طب أنا هعمل ايه؟..أما انا حمار اوي، مخطرش في بالي انها كبرت وانها ممكن تتجوز وتمشي... أنا كنت فاكر انها عوض ربنا عليا بعد صبري على مرض مراتي وخدمتي ليها في عياها.. دي لما ماتت أم خديجة، وخدتها ماتيلدا، كانت البت مدكوكة في الأرض كده ومتعديش السبع سنين..
نفخ الدخان وابتسم: هاتروح منك يامتولي الحاجه الوحيده الحلوه اللّي في مر ايامك.. خلاص هتروح منك.. لأ ولمين؟.. لسي الاستاذ صالح بذات نفسه... ماهي قمر الزّمان، وهوه أقرع وبكرش مليان بط من بط أمه، جتها هم مطرح ماراحت.. تجيش نصيبة تاخد ابنها وتريحني؟.. ما أنا مش هسيب نوّارة عمري لا ليه ولا لغيرو... أنا هتجوزها.. أنا هاروح وأتجوزها على يد مأذون، عشان محدش يطمع فيها... ايوة.. وغصب عنها تسمع كلامي، أنا ابوها اللي رباها ومتقليش لأ ابدا... ايوه هتجوزها، مفيش غير كده...
راح ناطر السيجارة بطرف صابعه بعصبية وعنطظه، زي ارشميدس لما اكتشف قانون الطفو، وقال "وجدتها وجدتها"، بس الفرق ان عم متولي قال "هتجوزها هتجوزها"
فتح الباب بقوة جديده عليه، ورمى عينه على خديجة مالاقاهاش.. بس شاف عودها الممشوق بيترعش تحت الملايه وسط عياله التلاته على الأرض..
- بت يا خديجة.. انتي يابت.. لو ما رديتيش، لآجي أجيبك من شعرك
- نعم يابا
- اطلعي يابت السرير هنا فوق عندي
- انا هنام هنا يابا وسط اخواتي
- ليه ان شاء الله؟.. بقالك ليلتين بتنامي تحت
- مفيش.. بس من يوم ورايح، مش هنام الا تحت.. وسط اخواتي
- اتلمي واطلعي ومتجاءرينيش
- ارحمني يابا، ده انا زي بناتك برضه
- يابنت الكلب
وقام عم متولي سحبها من شعرها.. بس هيا كانت جاهزة المره دي بسكينة تحت جلبيتها، وشهرتها قدامه.. والعيال صحيو، واتلموا على بعض، والرعب ماليهم وبيتنادوا:
- والنبي يابا متضربها
- مين يا بت اللي فتح عينك؟... صالح قلتيله ايه؟.. اوعي تكوني فاكراه هيرضى يتجوزك.. انت عورة وميرضاش بيكي غيري الا أنا.. انا يابت بس اللي ممكن يستر عليكي.. انا.. وعشان كده قلت افرحك.. انا خلاص يا بت، هاخدك البلد جوه واجيبلك فستان عروسة، وهتجوزك
- ورحمة امي لو قربتلي لجيب بطنك شقين، وانزِّل مصرينك الناشفه قدام عيالك.. ياراجل ياشايب
اتهد عم متولي وخاف، عشان خلاص فهم ان القطة المغمضة بقت نمر بينحر اللي قدامه، حتى وهو مش حاسس بالجوع
الصبح طلع.. وكانت ساعاته - على ما نوره شق الظلام- ليلتها تقيله عليها.. وطارت على شلة اللمون، بس ملقتيش الا مشمش، وسألت عن بدرية وبنت سندس، قالتلها مشمش:
- بدرية عند البت بنت سندس، بتديها حاجه - أنا شاكه انها جواب لجمال ومخبياه عني - وجايا.. بس بنت سندس مش هتيجي، اصل امها مش هتخرجها
شوية وظهرت بدرية، وأول ما شافت خديجة قالتلها:
- ايه يا منيله على عينك اللي مدهول خلقتك كده؟
خديجة:
- طلعتله السكينة وكنت هدبحه
مشمش:
- يالاهوي يالاهوي!!.. ليه يا بت؟.. انطقي.. حصل ايه؟
بدرية:
- متقولي يا بت، هوه عمل حاجه ولا ايه؟
خديجة:
- يقدر!.. انا من يوم ما انتوا وعيتوني على عيشتي وعلى اللي عملوا فيا الراجل الواطي ده وانا مدارية السكينة ده هي تحت هدومي.. وامبارح قال ايه بيقولي هيجيبلي فستان ابيض ويتجوزني
مشمش:
- طب ده حل كويس.. ماهو لو فكرتي بعقلك، مفيش حد هيرضى بوضعك ده غيرو
بدرية: (بتتهكم على جملة مشمش وبتسرسع في صوتها) "مفيش حد هيرضى بوضعك غيرو".. وضع ايه يا ام وضع؟.. بت انتي... انتي مش سبق وقلتي ان الاستاذ صالح عينه منك؟
خديجة:
- ايوه.. ده حتى راح قابل ابويا متولي امبارح.. أنا عرفت لما ابويا متولي قالي انت قلتي ايه لاستاذ صالح، وهوه كان قايلي انه عاوزه عشان يخطبني منه
مشمش:
- اه.. قلتيلي بقى.. وعشان كده قلب الترابيزة، وقالك امبارح بالذات أتجوزك انا..قبل ما تطيري منو
خديجة:
- طربيزة ايه يا مشمش؟.. احنا عندنا طبلية
بدرية:
- بت يا منيلة.. انتي تعرفي بيت الاستاذ صالح.
- ها؟...
بدرية:
- جتك هوّ.. تعرفي بيته ولا لأ؟
مشمش:
- انا عارفاه
بدرية:
- طب هموا.. البسو في ريجليكو وهموا ورايا.. يالا مش وقت لكاعه ابوس ايديك وايد أهلك يا مشيرة انت بالذات تهمي، عشان انا مليش طقاطان على برود اهلك ده
مشمش:
- حاضر حاضر اهو
خديجة:
- هنروح على فين؟
بدرية:
- على بيت الاستاذ.. متشليش هم انتي، بس اتكتمي وانا هتكلم
خديجة:
- بدرية.. انت هتفضحيني وتكشفيله ستري؟... هيسيبني
بدرية:
- اسمعي يابنت العبيطة.. انتي معندكيش حل تاني، ولو هوه بيحبك بجد، هيشيل البيعه.. اهي محاولة، ان مكسبتش مش هتخسر.. وساعتها مقدمكيش غير تتجوزي الحبّيب متولي.. هاااااااااااااااااا
مشيوا التلاته في البلد في عزك يا صبح، والجمال بتفاصيله كاشفه نور الصباح، ويابخت عينك ياللي مطّلع بيهم على الصبايا الملاح
وصلوا البنات في بير سلم بيت الاستاذ صالح:
- يا ستاذ صالح
- مين بينادي ؟
- يا استاذ.. انا بدرية، ومعايا خديجة بنت متولي، ومشمش العدوي
في ثانية كان باصص من فوق:
- خير!.. في ايه؟
مشمش:
- ممكن كلمة يا استاذ
- طب اغير البيجامة
بدرية:
- لا تغير ولا تعمل يا استاذ.. ده وقت عياقه؟.. انزل انزل والنبي
نزل السلم بهروله، وملحقش حتى يغطي قرعته بالشعر اللي مطوله من الجنب - عشان يطرحه على القرعه - وهوه نازل بيهرول كده، الشعر وقف لفوق، وبدرية تبصله وتضحك.. اما مشمش - لأنها خجولة- فكانت مكتفية بابتسامة، مخبية وراها ضحك بصوت مكتوم.. اما خديجة فكانت شايفاه أحن واجمل راجل جاي عليها
- خير يا بنات؟.. رعبتوني..
خدته بدريه من ايده وبعدت شوية، وفضلت تكلمه بصوت مش مسموع للباقي.. هيا تحكي وهوه عينيه تبص لخديجة، ومع كل بصه ليها، خديجة كانت تقول لمشمش:
- شايفه بيبصلي ازاي؟... خلاص، انا هتجوز ابويا متولي...
وكل ما يبصلها، تقول: "هتجوز ابويا متولي"
خلص الكلام بين بدرية واستاذ صالح، وراح ناحية خديجة...
- انا جبت عنوان خالك في (ايتاي البارود)، وكنت هسافرلو بكره، بعد ما متولي اللي انت عايشه عندو، وعامل نفسه وصي عليكي هزّأني
حط ايده على خدّها بحنيّة مداقتهاش في حياتها:
- انا مش هسيبك، متخافيش.. لو كانت امي عايشه، كنت خدتك تباتي عندي.
بدرية:
- هاخدها عندي يا استاذ، على ما تخلص انت اللي اتفقنا عليه
مشمش:
- انا مش فاهمه حاجه!
خديجة بتعيّط بصوت مكنش ظريف، بس وفقا لهمجيتها كان الصوت مقبول
رجعت بدرية ومشمش بيها على بيت بدرية، وأمها هانم عرفت نص الحكاية، وباختصار شديد... ولأنها ست مجدع قالتلها:
- امك كانت حبيبتي وصحبتي.. ده انا اللي مطاهراكي يا بت، وهشيلك في عيني على ما يجي عريسك
مر يوم والتاني، وعم متولي بيلف البلد زي المجنون، بيدور على خديجة، وبيخبط على كل دار توصّله رجليه عندها.. وطبعا كانت اول دار يروحلها دار سي الاستاذ صالح، بس ابو الاستاذ صالح قاله ان صالح غايب اديلو ليلتين، وميعرفش عنه حاجه.
اما خديجة، فتأخير سي صالح عنها خوفها، وقلبها كَلَها.. يكونش يومها قال انه مش هيسيبني جبر خاطر، او لحظة شهامة، وبعدين لمّا فكر في الحكاية، قال لنفسه ايه البلوة اللي هبلي نفسي بيها دي؟... أمّال غاب كده ليه.. تعالى يا سي صالح بقى، ده انا ماليش غيرك
وفي اليوم التالت، الساعه واحده بعد الضهر، استاذ صالح مسبسب شعره، وجايب في ديله خال خديجة، اخو امها عيوشة لزم، بعد ما كانوا عدوا على عم متولي، وخلصوا معاه الحكاية، و حكموا عليه بخسارته للأبد لخديجة، فاكهة قلبه..
وفي لمح البصر، اتكتب كتابك يا خديجة على سي الاستاذ صالح، واتلموا البنات القمرات عليها، وزغرطولها، ورقصولها.. وماقلكوش على رقص مشمش و بنت سندس (اللي هيا انا طبعا).. لهلب قلوب الجدعان والأعيان.. ما اهو اصل ابو الاستاذ صالح، كان بيشتغل ريس في مصنع البلاستيك بتاع الحاج سعد، وحضوره كان ضروري... وكانت فرحة خديجة وصالح متتقدرش، وخدها على بيت ابوه..
واهي الليمونه الميومنة خرجت من قفص الحرمان، وعقبال كل الجدعان
حكايتي أنا بنت سندس
البت خديجة اهي هتتجوز النهارده.. انا عندي يجي 15 سنة... انا هعَنِّس ولا ايه؟.. امي بتقولي ان خدوجة أحلى مني، إكمنها سبقتني ولقت عدلها...
- أمّا... النهارده هحط احمر في شفايفي.. والنبي يامّا ترضي، دي العيال كلها هتحط
سندس (بلؤم):
- وماله يااختي.. حطي اللي تحطيه، ومتلبسيش جلبية.. انا جبتلك الفستان ده وعوزاكي تلبسيه.
أنا مصدومه لأقسى حد.. ده أمي دايما بتمنعني البس حاجه تطمّع حد فيّا:
- لايه ده يا أمّا؟.. اتحصّلتي على الفستان ده منين؟.. دفعتي فيه فلوس؟... ايه ده؟.. ده مكسم اوي على جسمي!... هلبس فوقه ايد ده؟
- مش هتلبسي فوقه حاجه يا خايبة
وحياة رحمة ابويا - اللي بحلف بحياته وهو عايش، كأنه ميت- ماكنت فاهمة اي حاجه!.. بس ما حاورتش، ده انا ما صدقت ان سندسة مش ف حالتها الطبيعيه، وخفت اسألها مالك يا أمّا ولا أي حوار من ده لتفوق وتتحول تاني، وتقطع عنّي الخير اللي نزل عليا.. فرُحت شدّا الفستان من ايديها، وسدحت الشبشب على صدري، وجريت ع البت بدرية.. ما احنا متفقين نلبس عندها... أمها غير أمي.. امها كده فاكه ومزاجها حلو، ولو اني لسة بخاف منها من يوم ما طاهرتني.. ما بنسلهاش العملة دي فيا ابدا.. يالاّااااااااا.. اللي راح راح
الفرح كان على شكل نصبة في الشارع، قدام بيت الاستاذ صالح.. والشارع عرضه مترين، منصوب مسرح صغير كده، والعرسان قاعدين على كنبة مدوّدة مطروح عليها سجاده عشان تدي شكل حلو، و المسجل شغال، والمكرفون على بلكونة الجيران، والجدعان اترصوا على جناب الشارع، والنسوان قاعده، اللي طارحه عيلها على كتفها عشان تعرف تسقّف مع الاغاني، واللي قاعده بتحفّظ جمب امها، عشان يمكن تستلقط عريس، يقول عليها مختشية، واللي مش فارقه معاها وبترقص علشان تبين حلاوة رقصها.. ماهي دي فرصتها الوحيده للرقص.. وانا ومشمش كنا من النوع الأخراني من المعازيم.. وهاتك يارقص من أول الليلة لآخرها.. على فكرة، البت بدرية رغم كل جمالها وطعامتها، الا انها متعرفش ترقص.. تبان كده بتفقر.. وهيا عارفه الكلام ده، علشان كده لمت نفسها، وقال ايه، عملت نفسها متكبرة، والمكان مش مكانها، واكتفت انها تسقّفلنا، وتراعي خديجة - اللي كانت قمر على الكن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.