انطلقت فعاليات المؤتمر الإقليمي لبحث تداعيات الأزمة النفطية على إدارة الاقتصادات العربية، اليوم، والذي تعقده المنظمة العربية للتنمية الإدارية المنبثقة عن جامعة الدول العربية، وتستضيفه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة علي مدى يومين، تحت رعاية المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية. وأكد الدكتور ناصر الهتلان القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية على ضرورة مواجهة تداعيات الازمة النفطية التي يمر بها العالم الآن وانعكاساتها على إدارة الاقتصادات العربية ولفت إلى أن الاقتصاد العالمي يمر منذ فترة ليست بالقصيرة بإحدى أكبر الأزمات في التاريخ الحديث، بسبب الانخفاض الحاد والمتسارع في أسعار النفط العالمية، وانعكاسات ذلك على اقتصاديات كافة الدول قاطبة بما في ذلك الدول العربية سواء ما كان منها منتجاً أو مصدراً أو مستهلكاً، وبحكم تأثير ذلك على معدلات النمو وموازين المدفوعات وأسعار السلع والخدمات. وأضاف الهتلان في تصريحات صحفية، إن المتابع لأسعار النفط يرى انخفاض حاد لسعر برميل النفط، فمنذ نحو أواسط عام 2014 وأسعار النفط – والتي كانت آنذاك بحدود 120 دولاراً للبرميل الواحد – تتجه نحو الانحدار بحيث أصبحت أسعار نفوط الإشارة المعتمدة لمعظم التعاملات مثل نفط برنت من بحر الشمال والنفط الأمريكي أقل من 30 دولاراً للبرميل كما وهبط سعر سلة نفوط أوبك إلى أقل من 25 دولارا (منتصف شهر يناير 2016) وبذلك يكون النفط قد فقد ما يزيد عن 70% من سعره وأصبح السعر أقل مما كان عليه بأسعار الدولار في الثمانينات. وتابع: "لا بل وأصبحت أسعار بعض أنواع النفوط الثقيلة والتي تتزايد معدلات إنتاجها بالقياس للنفوط الخفيفة أقل من 20 دولاراً، ما أربك الأسواق العالمية بما في ذلك أسعار الأسهم والسندات والعملات والمعادن والمواد الغذائية والخدمات إضافة إلى توقف الكثير من المشاريع وتسريح أعداد كبيرة من العاملين وانعكس ذلك على موازنات الدول وأربك حسابات مسؤولي التخطيط الاقتصادي والمالي". وأشار إلى أنه من المعروف أن الدول العربية مجتمعة تحتوي على ما يقرب من ثلثي الاحتياط النفطي العالمي، وبشكل أخص الدول العربية المطلة على الخليج العربي وشمال إفريقيا، إضافة إلى طاقات إنتاجية كبيرة، بحيث أنها تزود الأسواق العالمية في الظروف الاعتيادية بما يقرب من 30% من الاستهلاك العالمي الذي يصل اليوم لأكثر من 93 مليون برميل يومياً. وعزا مدير عام المنظمة الإدارية أسباب هذا الهبوط الحاد إلى عدة عوامل متباينة، وبحسب قوله: "تباينت الآراء وتعددت الأسباب لهذا الهبوط ويستمر تراشق الاتهامات والنتيجة واحدة ألا وهي استمرار الانحدار خلال الأيام الأولى لعام 2016، فهناك ما يعزي السبب إلى وفرة الإنتاج وضخ كميات تفوق حاجة الأسواق بخاصة بعد الازدياد المطرد في إنتاج النفط الصخري الأمريكي ومن ثم إلغاء الولاياتالمتحدة لقيود تصدير النفط الأمريكي أو زيادة معدلات الإنتاج من قبل العديد من الدول سواء كانت ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك)، بخاصة بعد استمرار العمل بسياستها التي اعتمدتها في ديسمبر 2014، والتي تستهدف المحافظة على حصتها من الأسواق العالمية مقابل زيادة المعروض من النفوط عالية الكلف، كالنفط الصخري والنفوط المنتجة من الحقول الهامشية بالمقارنة مع نفوط دول الأوبك المعروفة بانخفاض كلف إنتاجها، ورافق ذلك إصرار الدول المنتجة خارج الأوبك (وهي مسؤولة عن ثلثي الإنتاج) كروسيا ودول من أمريكا اللاتينية وغيرها على رفع معدلات إنتاجها بحيث تفوقت كل من أمريكا وروسيا على المملكة العربية السعودية بمعدلات إنتاجها السنوية والإصرار على إلقاء مسؤولية الحفاظ على الأسعار على كاهل دول الأوبك وبشكل خاص الدول العربية منها والمطلة على الخليج العربي. أضف إلى ذلك، ولأسباب متعددة، انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي عدم نمو معدلات الطلب على النفط كما كان متوقعاً من قبل وكالات الطاقة والمتخصصين في هذا المجال وبشكل خاص انخفاض معدلات النمو والطلب في دول آسيوية وعلى رأسها الصين". من جانبه، أوضح الدكتور بسمان الفيصل مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية ومنسق عام المؤتمر أن الهدف من عقد المؤتمر هو تسليط الضوء بموضوعية على أسباب الأزمة، ومن ثم المساهمة في إدراك خارطة طريق وحلول لمواجهة آثارها وتداعياتها، وأضاف يتحدث في المؤتمر نخبة من المتخصصين والخبراء في هذا المجال من منظمات دولية وإقليمية يناقشون محاوره التي تتناول أسباب الأزمة النفطية، والنفط ما بعد أزمة 2016 ومستقبل أسعار النفط في السوق العالمي، والنفط الصخري، وآثار الأزمة النفطية على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والعالم، وأشاد الدكتور الفيصل بتعاون شركتي "سوميد" و"إنبي" في دعم فعاليات المؤتمر وإثراء فعالياته.