طالعتنا جريدة الوطن فى عدد الأربعاء 30/5/2012 بتعليق للأستاذ «صبحى صالح» على نشر صورة التقطت فى حفل خطبة نجله مع خطيبته غير المحجبة فى مواقع التواصل الاجتماعى ويظهر نجل الأستاذ فى الصورة متوسطاً خطيبته ووالده. قال الأستاذ: إن نشر تلك الصورة يعد تدخلاً فى حياة ابنه الخاصة ولا يجوز لأحد التدخل فى الأعراض وأن ابنه ليس إخوانياً وزوجته ليست إخوانية وأن ابنه حر فى نفسه.. وسيدنا نوح كان نبياً وابنه كان كافراً. نقول نعم ابن الأستاذ حر فى نفسه ولكننا لا نتهمه بالكفر كما نرفض وصف أبيه بالنبوة. وإذا صحت الحرية لابن الأستاذ صحت لأبناء المصريين وسائر البشر، وإذا صحت الحرية لخطيبة ابن الأستاذ صحت كذلك لبنات المصريين وسائر البشر.. هذا ما طال زمان الإسلام يدويه ولا حياة لمن تنادى، النصوص الشرعية تدوى أن الناس أحرار فى أنفسهم، لا وصاية لأحد على أحد، لا سيطرة لفكر على فكر، لا مصادرة لفقه على فقه. نعم كل البشر أحرار ونبينا لم يأت من أجل أن يقيم شرع الله بالسلطة كما يلبسه الأدعياء المولعون باستعباد الناس، ولم يأت من أجل أن يدشن دولة الإسلام التى تبلع سائر الدول كما يزينه أصحاب الأهواء ممن يشتهى الوصاية على الناس. إن وظيفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هى إقامة العدل بين البشر ومنع استعباد بعضهم بعضاً والتبليغ والتذكير بالعبادات التكليفية الشخصية على أوجه فقهية متعددة. وهذا ما سطره الله -تعالى- فى فطرة الإنسان وهى كتاب الله الكونى، وفى القرآن الكريم وهو كتاب الله اللفظى. وقد عرفنا فطرة الأب المكلوم من شدة الأذى بالتعيير أن يقبل ابنه التقدم لخطبة فتاة مسلمة غير محجبة وليست من جماعته التى كان يستنكر على ذكورها الزواج من غير بناتها، ومع ذلك فإنه بارك ابنه اختياره وجلس مع ابنه وخطيبته غير المحجبة ووافق على التقاط صورة تذكارية لهما تحت رعايته من باب رحمة الأب الفطرية بابنه وحب الوالد لولده.. وعندما طاردته تلك الصورة نطق بفطرته: ابنى حر فى نفسه وليس إخوانياً. بهذا تكلمت الفطرة بحكم الله: «فطرة الله التى فطر الناس عليها» (الروم: 30). وهذا ما جاء فى كتاب الله الملفوظ: «وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه» (الإسراء 13). وقوله: «لا إكراه فى الدين» (البقرة 256). ولا يقول أحد إن هذه الآيات جاءت فى العقيدة، بل هى عامة وتشمل الشريعة. وأن الاختيار من الأقوال الفقهية حق لكل مسلم كما قال النبى -صلى الله عليه وسلم-: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك». ولكن لماذا لا تظهر كلمة الحق ويصدق القول بحكم الله إلا عند الأوجاع والآلام؟.. طالما سمعنا ورأينا رموز النظام السابق مغرورين بعيدين عن كلمات التواضع، وبعد السجن، وما هم فيه من محنة، وجدنا كتاب الله بأيديهم وذكر الله على ألسنتهم. هل يدفع الناس ذلك الدعاء على دعاة الغلو ومن فرضوا أنفسهم أوصياء عليهم بأن تنصب عليهم وعلى ذويهم الأوجاع حتى يجدوا لأنفسهم مخرجاً للحرية والرحمة فينال الناس منها؟ يجب أن ننتزع حريتنا وأن نستمتع برحمة ربنا التى منحنا إياها وجعلها حقاً إنسانياً دون منة من أحد.