كسر القواعد والعادات المتبعة منذ سنوات عدة.. نهج اختاره في أسلوب حكمه، وكسب مؤيدين له من داخل البلاد وخارجها، والحصول على مصادر الاستفادة لدولته بشتى الطرق، وهو ما دفع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى إزالة القوالب الثابتة وإذابة الجليد بزيارته مصر، اليوم، لأول مرة منذ 40 عاما وعقب ثورة 25 يناير وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم البلاد. محمد عبد العزيز.. هو الرئيس الثامن لموريتانيا منذ الاستقلال، والسادس عسكريا، منذ إطاحته بمحمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس منتخب، حيث انقلب عليه عسكريا في 6 أغسطس 2008 بشهادة الجميع، وكان عبد الله تم انتخابه رئيسا للبلاد في 18 يوليو 2009 بعد انتخابات رئاسية أشرفت عليها المعارضة وفاز فيها من الجولة الأولى. لم يكن يدري المولود في 20 ديسمبر 1956، بمدينة أكجوجت شمال موريتانيا، أنه سيضطر إلى ترك دراسته في بلاده، بطلب من السلطات لقلة عدد الضباط، والانتقال إلى المغرب في الصف الثالث الإعدادي ليلتحق بالأكاديمية العسكرية بمكناس عام 1977، التي تخرج منها برتبة ضابط متخصص في الميكانيكا، ثم انضم لمدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بأطار، حيث حصل منها على رتبة النقيب، كما اكتسب خبرة في مجال اللوجستيك بالجزائر عام 1981، وهم ما فتح الباب على مصراعيه له لكي يتدرج في المناصب العسكرية. تولى "عبد العزيز" عدة وظائف قيادية بقيادة أركان الجيش الوطني الموريتاني، من بينها مرافق عسكري لرئيس الجمهورية 1984، وقائد كتيبة الأمن برئاسة الجمهورية من 1987 إلى 1991، وقائد كتيبة القيادة والخدمات بقيادة الأركان الوطنية من 1991 إلى 1993، وقائد كتيبة الأمن الرئاسي 1998، وقائد الأركان الخالصة لرئيس الجمهورية وقائد كتيبة الأمن الرئاسي 2007. ترأس "ولد عبد العزيز" في آخر مناصبه العسكرية قيادة أقوى فرق الجيش الموريتاني، وهي المهمة التي عهد إليه بها الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع، الذي ساهم بإفشال انقلاب صالح ولد حننا ضده عام 2003، حصل فيها "عبد العزيز" على ترقية لرتبة "عقيد"، وبعد مرور 4 أعوام ساعد الرئيس السابق محمد ولد الشيخ عبد الله في انقلابه للوصول إلى الحكم، فتمت ترقيته إلى رتبة جنرال، كأعلى رتبة في الجيش الموريتاني، كما كلفه بقيادة الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية، وعهد إليه بالملف الأمني، فترأس الحملة ضد ما يسمى بالإرهاب التي انتهت باعتقال من ينتمون إلى التيار السلفي عام 2008. وفي نفس العام، نشب خلاف بين "عبد العزيز" والرئيس أدى إلى إقالته، ليسارع إلى القيام بانقلاب عسكري مع عدد من الضباط برئاسته، تمكنوا فيها من تشكيل هيئة أطلقوا عليها "المجلس الأعلى للدولة"، وإسقاط السلطة، في مواجهة تشبث المعارضة بعودة الرئيس وهو ما أدى إلى انتشار حالة شديدة من الاضطراب السياسي بالبلاد، لم ينتهِ سوى بعد 3 أشهر نتيجة محاولات من المجتمع الدولي توصلت إلى "اتفاق دكار"، الذي قضى باستقالة الرئيس وإطلاق السجناء السياسيين وتكوين حكومة انتقالية تسيِّر الانتخابات الرئاسية، تتسلم فيها المعارضة بعض الوزارات القريبة من تنظيم الانتخابات مثل الداخلية والإعلام والمالية. استقال عقب ذلك "عبد العزيز" من المجلس العسكري وسلم الرئاسة إلى رئيس مجلس الشيوخ، وترشح للانتخابات الرئاسية في 18 يوليو 2009، وفاز فيها من المرحلة الأولى ب52.58% من أصوات الناخبين، لقنص جولة رئاسية أخرى في 21 يونيو 2014، حصل فيها على 81.94% من الأصوات، بفارق كبير عن أقرب منافسيه الخمسة، كما تمكن في خلال تلك الفترة من رئاسة الاتحاد الإفريقي لدورتين متتاليتين، ومجموعة دول الساحل، وحصل على وسام "كوماندر" في نظام الاستحقاق الوطني. لم يسلم الرئيس الموريتاني الذي شارف على الستين من عمره، من الاتهامات، حيث وجَّه له النائب البرلماني الفرنسي نويل مامير اتهاما بأنه "عراب المخدرات وغسيل الأموال في إفريقيا"، الذي ما لبس أن اعتذر له عن ذلك الأمر عام 2014.