ربما لم ينل قارئ للقرآن تكريماً وأوسمه بقدر ما نال الشيخ مصطفى إسماعيل صاحب الصوت الملائكى، الذى جاب كل الآفاق وترددت أصداؤه فى معظم بلدان العالم فى باريس وبن ولندن والمسجد الأقصى فقد استمع العالم إلى صوته وهو يرتل آيات الذكر الحكيم من القدس حيث كان يرافق الرئيس السادات فى زيارته للقدس. وكان أول من سجلة قراءته على إسطوانات، ونال وسام الدولة فى عيد العلم سنة 1965. وقد ولد الشيخ "مصطفى إسماعيل"، بقرية ميت غزال قرب مدينة طنطا عام 1915، ومنها كانت البداية والإنطلاق، أكمل ضغط القرآن وتجويده فى المسجد الأحمدى، ولفت الأنتباه إليه، وذاع صيته فى مدينته، ثم نصحه بعض المقربين إليه بالسفر إلى القاهرة والقراءة فى الإذاعة المصرية. ثم بدأ فى القراءة فى مسجد الحسين فلاقى إعجاب المستمعين حتى أن الشيخ محمد رفعت قال عنه "إن الله تعالى يخلق فى كل يوم من يخدم القرآن، وأن هذا الفتى سيكون له شأن عظيم". وفى شبابه ابتسمت له الحياة بفضل موهبته حيث كلبه مراج محسن باشا نار الخاصية الملكية بقصر عابدين ليسمع ترتيله للقرآن. وحين بدأ الشيخ فى القراءة تجمع حوله كل العاملين وموظفى القصر وخرج الملك من غرفته ليستمع إليه، وفى نهاية التلاوة أصدر قراراً بأن ينضم الشيخ "مصطفى إسماعيل" إلى مقرئى القصر الملكى. وقد ذكر المؤرخ الموسيقى كمال النجمى أن الشيخ "مصطفى" قد قرأ 53 ألف و96 ساعة خلال حياته، لكن لم يسجل منها سوى 300 ساعة فقط. وكان الشيخ "مصطفى" كما أشرنا سابقاً رحالة عاشق للسفر، فقد زار 25 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، وقرأ القرآن الكريم ليلة الإسراء والمعراج فى القدس عام 1960 وسط الجموع الغفيرة من المصلين. ومن أهم الخصائص الأدائية التى تميزت بها شخصية الشيخ "مصطفى إسماعيل" كمقرء متمكن أن صوته ذو مساحات عريضة ويتسم بعذوبة خاصة، بالإضافة إلى دراسته الواسعة للموسيقى الشرقية، فقد كانت الموسيقى هى إحدى هواياته، التى يمارسها فى وقت الفراغ فكان يجيد العزف على العود وآلة الكمان والبيانو. لكنه - مع ذلك - كان مؤمن إيماناً عميقاً بأن قراءة القرآن تحمل قدسية وجلال، وأن تتضافر وتناسق الجمل والعبارات داخل الآيات القرآنية تحمل أبعاد روحية أسمى. ومن الاشياء الرئيسية فى شخصيته أنه كام مقرءاً بقروتيه، فقد خصص بعض الأوقات من العام للذهاب إلى قريته ليقرأ للبسطاء من أهلها دون أجر، وأوصى فى نهاية حياته بأن يدفن فى القرية التى ولد وتربى فيها وبالفعل أقامت الدولة ضريحاً له فى منزله هناك. وقد توفى الشيخ فى 26 ديسمبر 1978، وكانت آخر قراءة له فى مدينة دمياط عند أفتتاح "مسجد البحر"، - بعد حياة حافلة بالكفاح والشهرة والتكريم، فقد أستطاع الشيخ الجليل أن يجمع بين لقبين "مقرء البسطاء" و"مقرئ الملوك". استمع الي التلاوة المباركة