إمتاز صوت الشيخ محمود على البنا بأنه كان به مساحات واسعة من خلال رخامة الأداء، مما أهله ليكون واحداً من أهم القراء فى العصر الحديث وجعله يخلف الشيخ محمود خليل الحصرى فى القراءة بمسجد الإمام الحسين. عرف عن "البنا" إنحيازه الشديد للبسطاء لدرجة أنه كان إذا قرأ فى مأتم وعرف أن صاحبه فقير كان لا يطالب بأجر القراءة ولذلك إشتهر بأنه "مقرء الفقراء". ولذلك أقام مجمعاً إسلامياً بقريته "شبرا باص" بمحافظة المنوفية وهى القرية التى ولد فيها عام 1926، وقد تضمن هذا المجمع المكون من طابقين مسجداً ومكتبة بها المئات من كتب الفقه والشريعة، بالإضافة إلى "كتاب" لتحفيظ صغار القرية القرآن الكريم. وهكذا لم ينس الشيخ مكان مولده بعد أن أصبح أحد أعلام المقرئين فى العالم الإسلامى والذى يطلب بالأسم فى كبرى المناسبات، وكان له عادة هامة وهى إحياء ذكرى جمال عبدالناصر منذ وفاته عام 1970، وظل مواظباً عليها لمدة 15 سنة حتى رحيله عام 1985. بالإضافة إلى ذلك فقد كان "البنا" قارئاً لجمعية الشباب المسلمين فى بداية حياته، وقد حضر على ماهر باشا رئيس الوزراء وقتها الحفل الذى أقامته الجمعية بمناسبة بداية العام الهجرى، فطالبه على ماهر بأ، يلتحق بالإذاعة. وكان ذلك فى بداية عام 1948، وكان عمر الشيخ وقتها لا يتجاوز الثالثة والعشرين، وكان بذلك أصغر قارئ القرآن فى الإذاعة، وقد أفتتح القراءة فيها بسورة هود، وقدمته لأول مرة الإذاعية القديرة "صفية المهندس"، وقد أكمل "الشيخ البنا" القرآن مسجلاً عام 1967. وقد ذاع صيت "البنا" فى البلدان الإسلامية فقرأ فى المراكز الإسلامية المختلفة الأسيوية والإفريقية والأوروبية. فقرأ فى عدد كبير من المساجد الكبرى نذكر منها المسجد الأقصى بفلسطين والمسجد النبوى بالمدينة، والمسجد الملكى، كما شارك فى كرئيس للجان تحكيم حفظ القرآن الكريم فى كثير من البلدان الإسلامية. وكان وضع الشيخ البنا مواصفات للقارئ الجيد وهى أن يكون حافظاً للقرآن الكريم ومحوداً له. عارفاً بكل أحكام التلاوة وأن يكون ذا موهبته فى الأدلاء بحيث يكون صوته حسناً، وأن يكون ذا مظهر حسن يتناسب مع جمال القرآن وسحره وعظمته. ولم تغرالقاهرة وأضوائها الشيخ البنا فرغم أنه ظل قارئاً لمسجد الملك بمنطقة حدائق القبة لمدة خمس سنوات، ثم لمسجد الرفاعى بمصر القديمة لمدة خمس سنوات - أيضاً - إلا أنه فضل أن يكون مقرءًا للمسجد الأحمدى بمدينة طنطا الذى ظل به لمدة ثلاثة وعشرين عاماً وظل به حتى وفاته عام 1985. وربما يعود ذلك إلى وفاء الشيخ للمكان الأول الذى تعلم فيه أحكام التجويد والتلاوة على يد مشايخة وأشهرهم الشيخ إبراهيم سلامة ومن الأشياء التى إستفاد منها "البنا" فى تجويد صوته، أنه كان يمتلك مكتبة موسيقية، وقد تعلم المقامات الموسيقية على يد الشيخ درويش الحريرى. بالإضافة إلى عشقه للأستماع إلى أصوات المشايخ مثل الشعشاعى ومحمد رفعت ومحمد السعودى. استمع الي التلاوة المباركة