شهد معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته العشرين التى عُقدت بين يومى 7 و21 من يوليو الجارى حالة من الزخم والحضور الجماهيرى الواسع، بسبب الندوات التي واكبت أيام المعرض، وكان من أبرزها ندوة تناولت زاوية مجهولة من تاريخ مدينة القاهرة، التى جاءت تحت عنوان (قاهرة ابن دانيال) التى ألقاها الدكتور عمرو عبد العزيز منير، وناقشه الدكتور حامد محمد حامد، وتدور حول كتاب (طيف الخيال) لابن دانيال الموصلي الكحال المتوفى سنة 710ه/ 1310م، الذى يضم ثلاثة بابات «أى مسرحيات لخيال الظل» تعد من أول وأقدم النصوص المسرحية لفن خيال الظل، وهو أحد الفنون المصرية التراثية الأصيلة. ونشر الدكتور عمرو عبد العزيز منير كتاب (طيف الخيال) لابن دانيال في طبعة محققة صدرت عن دار ليدن فى هولندا، كما أصدر دراسة شاملة عن عوالم ابن دانيال فى كتاب (القاهرة المملوكية في بابات ابن دانيال)، الذى صدر عن دار العين بالقاهرة مطلع العام الجاري، ويعد ابن دانيال من الشخصيات الفذة في تاريخ مصر الثقافي، إذ نجح فى تقديم مجموعة من النصوص الأدبية في شكل بابات (مسرحيات) قدمت فى عروض خيال الظل التى كانت منتشرة في قاهرة العصر المملوكي في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، ليكون بذلك مؤسس المسرح المصري، وأحد رواد فن خيال الظل. ■ جانب من ندوة «محمد بن عيسى.. رحلة العطاء والابتكار الثقافي» وقال منير محقق الكتاب - خلال الندوة - إن الكتاب رحلة إلى التاريخ الكامن للقاهرة المملوكية قبل نحو 600 عام، وإلى عالَم سحرى لم يخطر على بالنا وجوده قط: عالم القاهرة السرى والمسكوت عنه فى القرون الوسطى. حيث يقدم لنا سردية تاريخيَّة مغايرة تمامًا للتاريخ الرسمى المعتاد الذى يهيمن عليه السلاطين والأمراء والعلماء والأكابر؛ ليحتل العامةُ البسطاء صدارة المشهد، وعبر بابات ابن دانيال يمكننا التلصص على تفاصيل حياتهم ومعتقداتهم، والطريقة التى رأوا بها حكامهم، ومساخرهم التى لا حد لها، فضلًا عن ألوان المتع السرية التى مارسوها بشراهة منقطعة النظير. ◄ اقرأ أيضًا | مع الظرفاء.. ندوة بالبرنامج الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب وشهد معرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب فى نسخته العشرين إقبالا جماهيريا كبيرا، بعد مشاركة 79 دار نشر مصرية وعربية، وبفضل برنامجه الثقافى الذى نجح فى جمع عشرات الأسماء من مختلف المشارب الثقافية للمشاركة في أكثر من 200 فعالية متنوعة بين ندوات فكرية، وأمسيات أدبية، وورش عمل، وعروض فنية تفاعلية. في غضون ذلك، نظمت مكتبة الإسكندرية ندوة عن شخصية المعرض بعنوان (محمد بن عيسى: رحلة العطاء والابتكار الثقافى)، ضمن فعاليات البرنامج الثقافى المقام على هامش معرضها للكتاب، بمشاركة أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والأديب والمفكر محمد سلماوى، والكاتب الصحفى سليمان جودة، والدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة القاهرة، بينما قدم الندوة الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، يُعد بن عيسى من الشخصيات العربية المرموقة، فهو الوزير والدبلوماسى المغربى الذى رحل عن عالمنا فى مارس الماضى، وكان يشغل منصب عضو مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية. وافتتح الدكتور أحمد زايد، الندوة بالتأكيد على أن الاحتفاء بالمفكر والمثقف محمد بن عيسى، أحد الأيام التاريخية فى مكتبة الإسكندرية، فهو واحد من أهم المفكرين العرب الذى تولى مناصب مهمة من بينها وزارتا الثقافة والخارجية المغربية، وصاحب المشروع الثقافى الرائد فى مدينة أصيلة المغربية، مؤكدًا أنه رغم رحيله إلا أنه لم يغب بفكره وإنجازاته، بينما تحدث المسلمانى عن تجربة محمد بن عيسى الملهمة فى تحويل بلدته الصغيرة أصيلة إلى بلدة معروفة لدى العرب والأفارقة وبعض الدول الأوروبية، بعد أن حولها إلى مقصد سياحى وثقافى مفتوح عبر أزقة المدينة التي تتميز بلون مبانيها الأبيض. وبدوره أكد محمد سلماوى أن محمد بن عيسى قدم النموذج لما يمكن أن تفعله الثقافة عندما تقوم على دعامتين هما الإبداع الثقافى والمحرك الثقافى.