على مدار أكثر من أربعين عاما كان صوت الشيخ "محمود خليل الحصري" هو الأبرز في عالم الترتيل القرآني بالإذاعة المصرية، ومازالت حتى الآن رغم مرور سنوات طويلة على وفاته، وتسجيلاته تمثل حجرة الزواية لأي متعلم وباحث في مجال علم التجويد والتلاوة، فقد تعلمت على يديه أجيال كثيرة حملت لواء الدعوة بالقرآن، حيث كان يؤمن بأن القراءة الجيدة للقرآن تعمل على تقوية أواصر المحبة بين الشعوب. وقد ولد "الشيخ الحصري" عام 1917 بقرية شبرا النملة، وتعلم أحكام التلاوة في كتاب القرية، وفي عام 1944 تم تعينه مقرءا بالإذاعة، وتولى منصب شيخ المقارئ المصرية عام 1960. بالإضافة إلى أنه طاف كل بلاد الدنيا فقرأ القرآن في الكونجرس الأمريكي، مما لفت الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر والذي عبر عن إعجابه بصوته وأدئه، وقدم له الشيخ "هدية" عبارة عن نسخة من "المصحف المجود" بصوته. وقد إنتخب الشيخ الجليل رئيسا لرابطة قراء العالم الإسلامي لأكثر من مرة. وارفق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في كثير من رحلاته إلى الخارج في باكستان والهند وهونج كونج وباريس. ونظرا لما وهبه الله من صوت رخيم وحنجرة ذهبية فقد أسلم على يده ثمانية عشر أمريكيا. وأحيا ليالي رمضان في 65 مسجدا في بكين و27 مسجدا شنغهاي بالإضافة إلى رحلاته المتنوعة إلى مساجد نيويورك ونيوجرسي والمركز الإسلامي بواشنطون، وجامعة سانت لويس وشيكا. ويعد الشيخ الحصري من أكبر المدافعين عن "تراث التلاوة" في العالم الإسلامي، حيث يحرص دائما على البحث والتنقيب عن أهم الكتب والتي تعالج القراءات السبع، وقد حاول في أكثر من منار أن يبسط هذه الشروح للمستمع العادي، وقد سجل مئات الحلقات لتعليم الصغار والكبار من حفظة القرآن هذه القراءات، وتعلم على يديه العشرات من المقرئين الذين واصلوا طريق الإجادة. وهو أول من دعا إلى وجود نقابة للمقرئين تحافظ على حقوقهم في مساعدة من مدير المساعدة منهم، وكان تصوره في ذلك يتم تحصيل بنسبة 25% من أجور مشاهير القراء بالإذاعة في صندوق النقابة، لتكون عونا للمقرئين الفقراء الذين تعوزهم الحاجة، وليكون هذا الصندوق محاولة لمواجهة حالات الطوارئ والمرض والعوز. وأكثر الأشياء التي كان يكرهها الشيخ الحصري أن يستمع إلى قارئ في قراءة القرآن، فقد كان حريصا أن تكون القراءة على قواعد التجويد وللقارئ أن ينغم كما يشاء بشرط الإلتزام بهذه القواعد دون أن ينحرف عنها. وكان يرى أن القراءة في المصحف هي أفضل القراءات من القراءة عن حفظ فالقراءة في المصحف عن نظر هي عبادة في الأساس. ومن أجل الحفاظ على تراث التلاوة فقد سجل "الشيخ الحصري القرآن كاملا على 24 إسطوانة تحتوي على 30 ساعة قراءة، وإعتمد فيها على رواية "حفص"، ثم سجلها مرة أخرى في 30 ساعة قراءة على رواية ورش، نظرا لما في هذه القراءة من أحرف المد. وأثناء عمله كشيخ المقارئ المصرية عمل على تحسين أداء المقرئين ورش دائمة وحلقات دراسية لهم، وتسفيرهم بعد ذلك لعواصم العالم المختلفة لإحياء الليالي الرمضانية وغيرها من المناسبات الدينية. استمع الي التلاوة المباركة