أكد قيادي مقرب من منظر تيار السلفية الجهادية في الأردن عاصم البرقاوي، المعروف بأبي محمد المقدسي في تصريحات ل"سي ان ان" بالعربية، صحة ما نشر من مقاطع وتسجيلات صوتية مطلع الأسبوع الماضي، توثق التفاوض بين المقدسي وزعيم تنظيم "داعش" بشأن الإفراج عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتله تنظيم داعش حرقًا، والتي حملت عنوان" كسر الصنم"، مقابل الإفراج عن ساجدة الريشاوي، "كمصلحة شرعية - كما ورد على لسان المقدسي- . وقال القيادي المقرب من المقدسي، إن المقدسي أفرج عنه بالفعل قبل أسبوع من إعلان السلطات الأردنية رسميًا ذلك، وتم نقله إلى غرفة عمليات تديرها أجهزة أمنية لإجراء الاتصالات مع داعش للتفاوض، وأن المقدسي كان "حريصا على نجاح التبادل"، ويعتقد أنه تم الإفراج عنه لدوره في الوساطة. ووفق تقرير لشبكة "سي ان ان" ، لا يعتقد القيادي أن ما نشر من تسجيلات للمقدسي يتناقض مع ما قاله في مقابلته المتلفزة التي بثتها "قناة رؤيا" المحلية الأردنية في يوم الإفراج الرسمي، إذ تم تنسيقها مع أجهزة رسمية وبمشاورة قيادات في التيار السلفي، "وبما يتفق مع الرؤية الشرعية للتيار ومصلحته التي تقتضي توجيه رسالة لقواعد التيار، قبل الكشف عن المفاوضات" التي سعت الجهات الرسمية للإعلان عنها عبر المقدسي. وأشار القيادي إلى أنه "لم نتفاجئ بما نشرته (داعش) وقد تحدث عن المفاوضات في لقاء التلفزيون.. المرحلة كانت تتطلب ذلك". وكان المقدسي قد كشف في اللقاء المتلفز عن رسائل رفعها عبر وسطاء إلى أبو بكر البغدادي وأبو محمد العدناني، فيما أكدت مصادر أن المقدسي لم يسبق له التعرف إليهما أو الاتصال بهما، بخلاف زعيم تنظيم القاعدة السابق في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي. في أثناء ذلك، تشير مصادر جهادية ل"سي ان ان" بالعربية، إلى أن المقدسي لم تكن لديه الرغبة بالخروج عبر شاشة التلفزيون للحديث، كما لم يجبر بالمقابل على تسجيل اللقاء وأن إحدى القيادات البارزة في التيار نصحته بأن يكون اللقاء "فرصة غير مسبوقة لمخاطبة القواعد السلفية للمرة الأولى عبر شاشة تلفزيون محلي يحظى بمشاهدة وافرة، للتأكيد على الموقف الفقهي المخالف لداعش ونبذ نهجها". ويبدو أن تقدير قيادات سلفيي الأردن أصابت أهدافها رغم الحملة التي أطلقتها "داعش" ضد المقدسي، عبر وسم "المقدسي من السجن إلى الاستوديو" على تويتر، حيث طلب التيار بحسب ما علمت "سي ان ان" بالعربية من مصادر فيه عقد اجتماع موسع "قاست فيه أداء الشيخ المقدسي ورسالته الشرعية". ونشر منظر السلفية الجهادية في أوروبا، عمر محمود عثمان، "أبو قتادة" على صفحته الرسمية على تويتر، السبت، تغريدة نصرة للمقدسي الذي كان أول من التقاه عند الإفراج عنه قال فيها: "حفظ الله شيخنا أبا محمد المقدسي فقد فضحهم وأتعبهم فخرجوا لأول مرة يعتذرون بالكذب، فحالهم هو اللف والدوران، لكنّ الحبل يدور على أعناقهم". اللقاء الذي مضى عليه أسابيع، أشعل حربًا كلامية إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عند طرفي أنصار داعش والمقدسي، وأطلق أنصار الأخير حملة تضامنية من مختلف الدول العربية حملت أيضا وسم "الانتصار لشيخ المجاهدين والانصار"، كما رد آخرون بحملة مستوحاة من عبارة "كسرُ الصنم" لتكون وسم" أبي محمد المقدسي كسَرَ الصنم." وبالرجوع إلى التسجيلات، تشير بالفعل إلى أن المفاوضات قد استغرقت عدة أسابيع قبل أن تنتهي بخذلان المقدسي، رغم ما تضمنته من هجوم وتهكم على المقدسي واتهامه بالعمالة للمخابرات الأردنية والأمريكية. ويعزز التسجيل فرضية قتل داعش للكساسبة قبل بدء عملية التفاوض، حين يذكر المقدسي للوسيط المفاوض أن الأردن قد أعاد تطبيق عقوبة الإعدام قبل أسبوعين (وهو تاريخ 21 ديسمبر 2013) قائلا إن "هذه الأخت أصبحت تنتظر دورها"، وان الله أرسل مفتاح هذه الأخت وهو بأيديكم" في إشارة إلى ساجدة الريشاوي. وكان تنظيم الدولة قد أعلن قتل الكساسبة في 3 شباط الجاري، في الوقت الذي أكدت فيه السلطات الأردنية مقتله قبل شهر من هذا الموعد، إذ وقع بيد داعش في 24 ديسمبر من نهاية العام الماضي.