الإسكان: إعادة معالجة مياه الصرف الصحى من أجل الزراعة..المحليات: تغريم وحبس المواطنين المسرفين فى الاستهلاك الأرز والموز أول المحاصيل.. والقصب والبرسيم والخضر الأكثر استهلاكًا للمياه محافظ الفيوم: الحرمان من السماد عقوبة عدم الالتزام بنظام الرى محاصيل مهددة بالانقراض بسبب نقص المياه 7 محطات صرف صحى لمعالجة المياه بمحافظة الجيزة 9 مليارات متر مكعب سنوياًاستهلاك محصول الأرز بات حديث الساعة هو ترشيد المياه من خلال الوزارات والمحليات والمحافظات والخبراء، فالجميع الآن بات شغلهم الشاغل هو الحفاظ على كل قطرة مياه، حتى تتصدى مصر لكل الأزمات التى سوف تواجهها مستقبلًا.
الفيوم أولى المحافظات المتضررة من نقص المياه، فى مركز يوسف الصديق الواقع على أطراف المحافظة غربًا، اعتاد المزارعون على زراعة التقطير، التى لا تحتاج إلى توفير كميات مياه كبيرة، مثل زراعة القمح الجبلى والذرة، وفى قارون يعتمدون على زراعة شجيرات الزيتون والبصل، كانت محافظة الفيوم هى الأولى منذ 12 عاما فى إنتاج الأرز البلدى إلا أنها بعد قرار وزير الزراعة بمنع زراعة الأرز فى المحافظات التى تعانى نقص المياه تراجعت زراعته، وهو ما تعانى منها قريتا الغرق والحجر، التابعتان لمركز إطسا شمال المحافظة، وعقب جفاف بحر الجرجية الذى كان منشقًا من بحر يوسف مما استدعى كبار المزارعين من شراء ماكينات رفع المياه وشبكات التقطير. يروى محمد عوضى ( مزارع ) أن الرقعة الزراعية الواسعة بالمحافظة تعانى فقرًا واضحًا لمصادر المياه العذبة والجوفية، حيث لا يوجد بها سوى بحر يوسف الذى تتغذى عليه المحافظة البالغ مساحتها: 1٬827 كم²ويعيش بها 3215000 نسمة. يضيف خالد متولى ( مزارع ): أولى خطوات الحكومة لمواجهة تقشف المياه كان حرمان المزارعين من حصصهم من السماد حال عدم التزامهم بالطرق الحديثة للرى، حفاظًا على المقننات المائية، خاصة أن المحافظة بها 90 ألف فدان ليس لها مقنن مائى تابع لمركز يوسف الصديق وإطسا. ويقول المحاسب كمال سلومة رئيس مجلس مدينة الواسطى: تسعى المحافظة لترشيد استهلاك المياه عبر زراعة نوع جديد من سنبور المياه داخل المؤسسات الحكومية ويعمل على تقطير المياه وليس بدفعها، لافتًا أى أنه ينبغى على وزارة الزراعة والرى عمل بروتوكول تعاون مع شركات تصنيع الطلمبات وشبكات التقطير، ثم يتعاقد المزارع بحيازة أرضه عبر الجمعية الزراعية حتى يستطيع صغار المزارعين شراءها، ففى بنى سويف عزف صغار الفلاحين عن الزراعة بعد تخفيض حصص مياه الرى لعدم قدرتهم على شراء الطلمبات. فى المقابل يؤكد حسام الإمام المتحدث الإعلامى لوزارة الرى، وجود خطة من قبل الوزارة بالتنسيق مع المزارعين فى محافظة الفيوم، لترشيد استهلاك المياه فى المناطق التى تم تقنين المساحات بها، وذلك باستخدام شبكات التقطير. مشيرًا إلى أن الجفاف نتج عن عدم وصول مياه الرى فى بعض المناطق بالمحافظات لأن المزارعين يزرعون مساحات لم يتم وضعها ضمن خريطة الزراعة.
القبض على 8 مواطنين منذ أيام أعلن اللواء أبوبكر الجندى وزير التنمية المحلية، أنه على جميع المحافظين تنفيذ قرار تحصيل غرامة 500 جنيه عن السلوكيات الخاطئة من البعض فى استخدام المياه والإسراف فيها مثل غسيل السيارات فى الشارع ورش المياه أمام المحال وترك خراطيم المياه وكل صور الإهدار، مشيرًا إلى أن قضية المياه أمن قومى ويجب على الجميع التكاتف للحفاظ عليها. بناء عليه يحذر اللواء كمال الدالى محافظ الجيزة، جميع رؤساء الأحياء والمراكز والمدن من التراخى فى تنفيذ قرار المحافظة بتحصيل الغرامة، ومن هنا تم تشكيل لجان للمرور الدائم بالشارع، لتحرير محاضر ضد المخالفين ورفع الوعى لدى المواطن من خلال ندوات تثقيفية بالمساجد والكنائس والمدارس للتوعية بخطورة الإسراف. ومؤخرًا تم إلقاء القبض على ما يقرب من 8 مواطنين، بسبب غسل السيارة بالطريق العام واستخدام كمية كبيرة من المياه، وتم حبس أحدهم لمدة 8 أيام مع دفع غرامة 500 جنيه، وبعض المقبوض عليهم تم ضبطهم أثناء رش المياه العذبة فى الشارع وتم حبسهم لمدة 4 أيام مع تسديد الغرامة.
تطوير الصرف الصحى يفيد المهندس حنفى محمد حنفى رئيس هيئة مياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، بأن محطات المعالجة الجديدة تعمل على معالجة ثلاثية وثنائية، حيث يعاد معالجة مياه الصرف الصحى مرة ثانية لتكون صالحة لرى أنواع معينة من الزراعة مثل القطن والنخل والكتان والشعير والبرتقال، لكن لا يجوز استخدامها فى زراعة الطماطم ولا محاصيل الأخرى، لافتًا إلى أن محافظة الجيزة تحتوى على 7 محطات صرف صحى لمعالجة المياه، ويتم الآن إنشاء محطة مياه البدرشين، حيث كان يتم افتتاحه على أنها محطة ثلاثية، ولكن المحطة يتم معالجتها الآن على أنها محطة ثنائية، لأن الثلاثية تستهلك مياهًا بكثافة، وتم تطبيق ذلك على كل المحطات، حيث إن محطات الصرف الصحى هى أكثر المحطات التى تستهلك مياهًا كثيرة، وبالتالى الترشيد الآن بات فى إعادة ترشيد تلك المياه.
مشروع ال 100 ألف صوبة
تبدأ وزارة الزراعة مشروع ال 100 ألف صوبة زراعية، ترشيدًا للمياه، ويؤكد الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى فى كلية الزراعة جامعة القاهرة، ضرورة الاهتمام بفكرة الصوب الزراعية، لأن زراعة الخضر فى صوبة زراعية على مساحة فدان يستهلك فقط ألفى متر مكعب بدلا من 10 آلاف بالرى بالغمر، و7 آلاف بالتنقيط. وحسب مصادر بوزارة الرى، فإن هناك خطة بدأتها الحكومة لتحلية مياه البحر، بالإضافة إلى قيام وزارة الرى بحملات بالتعاون مع قنوات تليفزيونية وصحف للتوعية بأهمية نقطة المياه. ويفيد صيام، بأن المحاصيل الصيفية هى الأكثر تأثرًا بنقص المياه من المحاصيل الشتوية لأن حاجتها للمياه أكثر، موضحًا أن الأرز على رأس المحاصيل الصيفية المتأثرة لأنه يستهلك ما يقرب من 9 مليارات متر مكعب سنويًا، وأن المستهدف خفض المساحات المنزرعة به إلى النصف، مشيرًا إلى أن ذلك يحوله من محصول تصديرى إلى محصول استيرادى، مع احتمال ارتفاع إلى سعر الكيلو منه إلى 15 جنيهًا، أما المحصول الثانى الأكثر استهلاكا للمياه فهو الموز، الذى يزرع على المياه الجوفية فى الأراضى الصحراوية، ناصحًا بضرورة تحجيم زراعته. ويوضح أن الأزمة تتمثل فى أراضى شمال الدلتا، بعد تقليل مساحة الأرز إلى 750 ألف فدان، لتعرضها لخطر توغل مياه البحر المالحة فيها حال تقليل مساحات الأرز وتعرضها للتملح، خاصة أراضى كفر الشيخ والبحيرة ودمياط، والأزمة الأكبر هى أن مصر لا تعلم كمية المياه التى ستحصل عليها فى العام المقبل، لافتًا إلى أن المساحات المخفضة من الأرز، يمكن أن تزرع بمحاصيل القطن أو الذرة، لكن الجدوى الاقتصادية لهذه المحاصيل ليست مربحة بالنسبة للمزارعين، وعلى الحكومة رفع أسعار شراء القطن منهم. يحذر أيضًا من زراعة القصب لأنه أحد المحاصيل الشرهة للمياه لكن له وضعية خاصة، وأن الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق حاول تخفيض المساحات المنزرعة منه، إلا أنه فشل، مشيرًا إلى أنه يستهلك نفس كمية المياه التى يستهلكها فدان الأرز، وأن المساحة المزروعة بالقصب تبلغ حوالى 300 ألف فدان فى قنا وسوهاج، وتقوم عليها صناعة كبيرة، لافتًا إلى أن البرسيم أيضًا يستهلك كميات كبيرة من المياه تصل إلى 4 آلاف متر مكعب للفدان سنويًا، مشيرًا إلى احتمال التوسع فى زراعة القمح على حساب البرسيم، وزراعة القطن على حساب الأرز، مع توفير دعم وتشجيع من الحكومة، أما زراعات الخضر والفاكهة التى تبلغ مساحتها مليونًا ونصف مليون فدان من إجمالى الأراضى الزراعية البالغة 8.5 إلى 9 ملايين فدان، ستتأثر بنقص المياه، فمحصول مثل الطماطم يستهلك الفدان منه 10 آلاف متر سنويًا، لذا ينبغى وضع خطة بالتركيب المحصولى للأراضى بعد دراسات وافية لمتطلبات السوق المصرية واحتياجات الفلاحين وتقليل الاستيراد. من جانبه يؤكد المهندس محمدى البدرى، عضو مجلس النقابة العامة للزراعيين، أن اتجاه الدولة هو الحفاظ على الموارد المائية فى ظل زيادة الطلب على المياه الناتجة عن الزيادة السكانية وكذلك الآثار السلبية المرتقبة لسد النهضة الإثيوبى، لذا لابد من تقنين زراعة المحاصيل الشرهة للمياه مثل الأرز والموز فهناك محاصيل زراعية أخرى أكثر أهمية، طبقًا للمعطيات المتاحة من مساحة الأرض الزراعية وكميات المياه المتاحة. فى المقابل يفيد مزارعو الأرز فى الإسماعيلية، بأن قرار الحكومة بتقليص المساحة المزروعة بمحصول الأرز بنحو 300 ألف فدان، أثار موجة غضب واسعة بين أوساط الفلاحين وتجار الأرز، مؤكدين أن القرار سيضاعف من سعر الأرز المصرى، ويضر بمصلحة الفلاح ويسهم فى القضاء على الزراعة المحلية لصالح المستوردة.
حلول خارج الصندوق
يقول مغاورى دياب رئيس الجمعية العربية للمياه إنه من الضرورى أن يتم التصدى لكل من يحاول الإهدار فى منسوب المياه من خلال ترشيد المياه عن طريق عمل مشروع تحت مسمى «وفرة المياه» باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة يتم من خلالها استخلاص 2000 لتر على الأقل من المياه يوميًا فى الأماكن التى لا تستطيع أن تدخل إليها مياه شرب طبيعية عن طريق استخدام الطاقة المتجددة، إضافة إلى تحديد مساحات معينة من المحاصيل التى تستحوذ على كمية كبيرة من المياه كقصب السكر والموز إضافة إلى عمل أبيار جوفية لتلك المساحات.
ينبه دكتور ضياء القوصى الخبير المائى، أن الدولة لابد أن تأخذ بعين الاعتبار عند وضعها للخطة الزراعية مفهوم المياه الافتراضية، وتبنى نظم إنتاج زراعى أقل استخدامًا للمياه، مشيرا إلى أحد الحلول التى تلجأ إليها مصر كمصدر بديل لسد النقص فى حصتها عن طريق تحلية مياه البحر بكميات كبيرة للأراضى الصحراوية والمدن الساحلية بالإضافة إلى معالجة مياه الصرف الصحى والزراعى والصناعى والتى يمكن أن توفر مليارات الأمتار من المياه التى تستخدم بالزراعة أو الصناعة.
ويتابع: على المواطنين الانتباه إلى ضرورة الاستهلاك العادل للمياه عن طريق استهلاك ما يحتاجه كل فرد بعيدًا عن الإسراف الشخصى والمنزلى بحق المياه والتى تبلغ ذروتها فى حاله الرش بالخرطوم، مطالبًا الجهات المعنية والدولة بخفض عدد ملاعب الجولف، والتى وصل عددها إلى 40 ملعبًا حيث يستهلك الواحد كمية كبيرة من المياه تقدر ب 800 ألف متر مكعب سنويًا، أى ما يكفى احتياجات 15 ألف نسمة سنويًا.