نشرة السندات الدولية لاقتراض 20 مليار دولار تكشف حجم المخاطر موجة تضخم تواجه الاقتصاد.. والاقتراض يؤثر سلباً على مستوى المعيشة عدم القدرة على وقف خفض الجنيه أمام الدولار يؤثر على قدرة مصر على سداد ديونها الهجمات الإرهابية وعدم الاستقرار أثرا على السياحة والأوضاع الاقتصادية سد النهضة يؤثر على الزراعة والصناعة..وخبير: النشرة دراسة تحليلية للواقع المالية: التقرير نمطى وعرف دولى والمعلومات على مسئولية الشركة المروجة تعد الأزمات الاقتصادية، التحدى الأساسى لمصر طوال السنوات الماضية، وستظل هى التحدى فى السنوات المقبلة، وهو ما لا تنكره القيادة السياسية، حول وجود أزمات اقتصادية وصل تأثيرها إلى المواطنين فى أسعار كل السلع، وزيادة الدين الداخلى والخارجى لمصر، ما يضع مصر فى تحد رئيسى خلال السنوات المقبلة. الجميع يتحدث عن الاقتصاد دون استناد إلى ما يبرهن على حديثه هذا، وهو ما يطرح تساؤلًا هامًا حول حقيقة الأوضاع الاقتصادية فى مصر؟، وهو ما تجيب عنه «الصباح» من خلال تقارير وأرقام ومعلومات من «فم» الأسد أو الجهات المسئولة نفسها عن حالة الاقتصاد المصرى، وهى وزارة المالية. تقرير «شبه» سرى فى 221 صفحة، منشور على الموقع الإلكترونى لبورصة لوكسمبرج، وممهور بختم وإمضاء وزارة المالية المصرية وعدد من الشركات الأخرى المصرية الكبيرة ورجال الأعمال على رأسها سيتى جروب، المروج، البنك الاستثمارى العالمى، طرحت مصر نشرة سندات دولية لاقتراض مبلغ 20 مليار دولار، كشف عن المخاطر والتحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى. حسب خبراء اقتصاد، فإنه عندما تستعد دولة أو شركة طرح أوراق مالية ومنها السندات، تعد نشرة خاصة وتوزعها على المستثمرين فقط، ولا تنشر تلك النشرة على العامة، لذلك تعتبر شبه سرية، وأن النشرة خاصة بإصدار سندات مصرية ببورصة لوكسمبرج بمبلغ 20 مليار دولار تحت العجز والزيادة حسب الطلب وحسب احتياجات مصر، موضحين أن ذلك المبلغ كبير نسبيًا فى ظروف مصر الاقتصادية، وأنه لا يمكن اقتراضه بالكامل. يوضح الخبراء أن أهمية هذه النشرة الإفصاح عن الأحوال الاقتصادية والسياسية وغيرها من الجهة المصدرة للسندات، وتعد بواسطة شركات أسواق مال دولية فى هذه الحالة مجموعة بنوك أو سماسرة يتصدرها مجموعة سيتى «بنك»، مؤكدين أن الشرط الأساسى للدخول فى البورصات أو الأسواق المالية هو الدقة والأمانة، وإلا تعرضت الجهة المصدرة أى مصر وشركات السمسرة لقضايا وتحكيم دولى. يشدد الشرط الثانى، على الالتزام بقواعد وقوانين كل البورصات والدول التى ستطرح بها هذه السندات، وأى مخالفة بهذه الإجراءات لها أيضًا توابع قانونية غير مُرضية، وتُقسم النشرة إلى أجزاء متعددة بعضها نمطى وبعضها خاص بمصر، وأن هناك ثلاثة أجزاء هامة فى التقرير، أولها المخاطر التى تواجه المستثمر أو المقرض فى مصر، وتوصيف للوضع فى مصر تاريخيًا وسياسيًا واقتصاديًا مع مجموعة من المؤشرات والإحصاءات، وأخيرًا الضمانات التى ستقدمها مصر للمقرض. يحدد الجزء الأول من نشرة طرح السندات، المخاطر التى تواجه الاقتصاد المصرى، حيث يؤكد اقتصاديون أن هذه النشرة تعد أكثر دقة من بيانات صندوق النقد والبنك الدولى أو الحكومة المصرية وجهات التصنيف الإنمائى، لأنه يحكمها الالتزام الصارم بالقضاء والتحكيم الدولى، وأول المخاطر التى تواجه الاقتصاد المصرى، هو عدم الاستقرار السياسى الذى بدأ منذ يناير من عام 2011 والذى قد يستمر ويؤثر سياسيًا على مصر عمومًا والنمو الاقتصادى بصورة خاصة، بالإضافة إلى تأكيدها على استمرار الحكومة فى مواجهة التحديات وعدم الاستقرار. يؤكد التقرير أن الاقتصاد المصرى يواجه موجة من زيادة التضخم والغلاء ولزيادة الاقتراض فإن الديون سيكون لها أثر سلبى على مستوى التضخم باستمرار الاقتراض، بالإضافة إلى أن مصر تواجه موجة من الهجمات الإرهابية؛ أدت إلى آثار سلبية على الاقتصاد مثل السياحة وقد تستمر هذه الموجات من الإرهاب بالمستقبل، ومن هذه الهجمات فى أكتوبر 2015، أعلنت ما يسمى «الدولة الإسلامية» مسئوليتها عن تدمير طائرة روسية فى سيناء، التى كانت تحلق من مطار شرم الشيخ، وقد قتل جميع الطاقم و224 راكبًا. عدم الاستقرار يوضح التقرير فى بند جديد، أن مصر تقع فى منطقة جغرافية بالشرق الأوسط تتصف بعدم الاستقرار السياسى والأمنى، مما يؤثر على الأمن والأمان بمصر، فرغم أنها بلاد مجاورة إلا أنها تقلق المستثمر والمقرض، وأن الآثار السلبية لعدم الاستقرار منذ يناير 2011، أدت لانخفاض النمو والنشاط الاقتصادى ما أدى إلى زيادة عجز فى ميزان المدفوعات والميزان التجارى ولا يوجد ضمان أن هذا العجز سيجد حلًا سريعًا أو غير سريع. زيادة الديون توضح النشرة فى هذا الجزء، أن زيادة حجم الديون قد يضعف من قدرة مصر على السداد لهذه القروض أو قروض سابقة بل وعدم قدرة البنوك المصرية على تمويل الاقتراض والإقراض الداخلى، وبالتالى تتوقف مصر عن السداد، مشيرة فى بند آخر إلى عدم القدرة على تنفيذ اتفاقيات دولية ثنائية أو غيرها مثل طلبات صندوق النقد مثل الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لصعوبتها مثل رفع الدعم عن الوقود بالكامل أو خصخصة شركات القطاع العام قد يؤدى لتوقف هذه الجهات عن تقديم مساعدات أو قروض إضافية مما يضع مصر فى موقف عدم القدرة على الاقتراض أو السداد. فى البند الثامن من المخاطر، توضح النشرة عدم القدرة على تنفيذ سياسات تفرضها الالتزامات الدولية من أى من الجهات المانحة على السياسات المالية أو النقدية أو الاقتصادية، ما قد يغلق الباب على إمكانية مزيد من الاقتراض أو المساعدات لمصر، بينما يشير البند التاسع إلى أن عدم القدرة على إيقاف الانخفاض فى قيمة الجنيه إلى الدولار سيؤثر سلبيًا وماديًا على قدرة مصر على دفع ديونها بالعملات الأجنبية، ومنها هذه السندات، ولا ضمان أن قيمة الجنيه لن تنخفض أكثر. تؤكد النشرة فى بندها الأخير، أن التصنيف الائتمانى لمصر أقل من تصنيف استثمارى وليس تصنيف مشجع فى عرف التصنيف الائتمانى الدولى، وهذا له أثر فى الثقة بالأسواق المصرية والاستثمار بها، وأن الإحصاءات التى تنشر رسميًا بمصر سواء من وزارات أو وزراء أو جهاز الإحصاء أو البنك المركزى بل وحتى التى ينشرها صندوق النقد تختلف حسب المصدر والأسلوب وطريقة التجميع والتحليل وتعانى من ضعف بل أن بعض الأرقام بهذه النشرة قد تتغير، ولابد من معاملتها بحذر حسب خبراء. تشمل التحديات انخفاض مستوى المنح الأجنبية إلى مصر فى السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى أن هناك العديد من التحديات الاقتصادية الاجتماعية على رأسها ازدياد معدلات البطالة، بالإضافة إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى والاقتصاد العالمى الأوسع قد يؤثر سلبًا على المصريين. تفيد النشرة، بأن جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المصرى غير رسمى ولا يتم تسجيله، وبالتالى لا يدخل فى الحسابات الاقتصادية للدولة، ولا يخضع للضرائب، وأن مصر كانت ولا تزال تقيم علاقات تجارية مع عدد من الدول التى تخضع لجزاءات من الاتحاد الأوروبى وأمريكا والأمم المتحدة. تذكر النشرة أنه من المخاطر الاقتصادية بناء إثيوبيا سد يمكن أن يقلل من تدفقات نهر النيل، على الرغم من عقد العديد من الجولات للتفاوض حول إدارة المشروع، وأن ملئ بحيرة السد سيؤثر بالسلب على الزراعة والصناعة فى مصر، ويؤدى إلى اضطرابات اجتماعية. توضح النشرة فى بند آخر، أن النظام القانونى المصرى قد يخلق بيئة غير مهيأة للاستثمار أو النشاط التجارى، خاصة فيما يخص حل النزاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى وجود عوامل المخاطرة المتعلقة بالاستثمار فى الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى إمكانية أن يواجه المستثمرون صعوبة فى إنفاذ الأحكام الأجنبية فى الجمهورية، وقد تكون إمكانية نقل الأوراق محدودة بموجب قوانين الأوراق المالية المعمول بها. حقيقة الوضع يقول الخبير الاقتصادى الدكتور محمود وهبة: إن هذه النشرات من طبيعتها الإفصاح بصدق عن الوضع، ولكنها أيضًا تبالغ، ولهذا فإن قراءة النشرة فى مجموعها هو الأهم والأكثر إفادة، مؤكدًا أن ضرورة معالجة الركود الاقتصادى الحالى بمصر أصبح ضرورة حتمية لا تقل أهمية عن علاج التضخم، موضحًا أن هذا بيد الحكومة المصرية والمصريين، من خلال تبنى برنامج لتنشيط الاقتصاد وتنميته، بعيدًا عن تصورات المقرضين. وحسب النشرة، فإن المعلومات الإحصائية التى شملتها، استمدت من المنشورات الرسمية والمعلومات المقدمة من عدة هيئات فى مصر، بما فى ذلك، الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، والبنك المركزى، وأخرى مستمدة من المعلومات التى أتاحها بشكل عام صندوق النقد الدولى، وأوردت النشرة فى نهاية الجزء الخاص بالمخاطر التى يواجهها الاقتصاد، أن الحكومة تواجه مستويات كبيرة من خدمة الديون الخارجية الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن تبلغ ما يتم سداده من ديون وخدمة الدين نحو 14.6 مليار دولار العام الحالى، و11 مليار دولار فى 2019، وأن معدلات الدين الخارجى ارتفعت السنوات الماضية، لتمثل 41فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية يونيو 2017، مقابل 16.8فى المائة نهاية يونيو 2016، و14.4فى المائة يونيو 2015، وبلغ إجمالى الديون الخارجية على مصر بنهاية سبتمبر الماضى نحو 80.8 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزى، وأنه على مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفعت معدلات الدين كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 103 فى المائة تقديرات أولية نهاية العام المالى الماضى، مقارنة ب84.7فى المائة نهاية يونيو 2013، وأنه من المتوقع أن يسجل الدين الحكومى فقط 91.2فى المائة خلال العام المالى الحالى. تذكر النشرة أن إجمالى الإيرادات والمنح النصف الأول من العام المالى الحالى بلغ نحو 302.4 مليار جنيه، مقارنة بنحو 219 مليار جنيه خلال الفترة نفسها العام المالى الماضى، فى حين سجلت المصروفات نحو 487.7 مليار جنيه مقابل 389.6 مليار جنيه خلال الفترة نفسها العام الماضى، وأن الحكومة سددت فى يناير الماضى نحو 200 مليون دولار من متأخرات الشركاء الأجانب فى قطاع البترول والبالغة 2.4 مليار دولار، على أن يتم تسوية المديونية كاملة بحلول يونيو 2019. وتعكف حكومة مصر على تنفيذ إصلاحات سعيًا لإنعاش الاقتصاد شملت زيادة أسعار الطاقة والدواء وتحرير سعر الصرف وإقرار قوانين جديدة للاستثمار والخدمة المدنية وتعديلات على قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة والموافقة على قانون الإفلاس. عرف دولى يؤكد الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، أن مثل هذه النشرات متداولة فى دول العالم، وأن هذه النشرة أعدتها الشركة المروجة سيتى جروب، بعد عمل دراسة تحليلة للأوضاع الداخلية والمحيطة، ثم الأرقام، وهذا عرف دولى، بهدف نفى الجهالة لدى المستثمرين، لافتًا إلى أن ما ورد من معلومات وبيانات وبنود، فهى على مسئولية الشركة المروجة لا الدولة. أمر نمطى يقول أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات الكلية: إن ما ورد فى النشرة «أمر نمطى»، ويحدث فى جميع النشرات التى تعدها الدول عند طرح سندات دولية وفقًا لمعايير وضوابط دولية، وجاء فى النشرة التى تم عرضها على المستثمرين الأجانب، أنه لا يمكن تقييم أثر سد النهضة الإثيوبى على مصر، وأن انخفاض تدفقات المياه نتيجة تخزينها خلف السد، قد يؤثر سلبًا على الزراعة والصناعة فى مصر. يفيد عمرو الجارحى، وزير المالية، بأن ما ورد بنشرة الاكتتاب المتعلقة بطرح السندات الدولية بشأن مخاطر سد النهضة على الاقتصاد المصرى أمر طبيعى، وأن أى دولة تقوم بعمل نشرة اكتتاب لابد أن تذكر كل المخاطر أمام المستثمرين سواء كانت ستحقق تلك المخاطر أم لا، موضحًا أن القيادة السياسة تقوم بدورها دون حدوث أى مخاطر تتعلق بملف المياه.