انتشار كبير لجماعة «الشوقيين» ينذر باستقطاب شباب وتلقينهم أفكارًا تكفيرية وتنفيذ عمليات إرهابية «منشاة عطيفة» من أفقر قرى الجمهورية.. و170 من مواطنيها فقط شاركوا فى انتخابات البرلمان لا يمكن فصل الحديث عن «محمود شفيق» المتورط فى تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، عن البيئة والمجتمع الذى نشأ فيه بقرية «منشأة العطيف» بمحافظة الفيوم، والذى كان وما زال مجتمعًا خصبًا لتنامى الفكر الإرهابى والمتطرف، نظرًا للظروف البيئية والاقتصادية التى تعيشها المحافظة منذ القدم، وهو الأمر الذى يتوافر فى محافظات أخرى ما ينذر بإمكانية «تفريخ» إرهابيين جدد فيما قادم. «شفيق» بحسب أهالى قريته انطوائى للغاية ولا يختلط بأحد منهم، لم يشاركهم الأفراح ولا الأحزان، وكان حريصًا على قضاء فرائض الصلاة بأوقاتها، لكنه لم يجالس أحد من مشايخ القرية، ولم يكن له أصدقاء سوى «محمود عبدالمولى» الذى قبض عليه معه فى 2014، ومن ثم خرج، ثم ألقى عليه القبض وما زال محبوسًا حتى الآن. يشير «مصطفى»، أحد أهالى القرية، إلى أن والد «محمود شفيق» كان ضابطًا احتياطيًا بالجيش، وكان يسكن فى القاهرة وعاد منذ 12 عامًا إلى القرية ومكث فيها نظرًا لارتفاع تكاليف الحياة فى العاصمة، أما «محمود» فكان متفوقًا دراسيًا ومشهودًا له بالأخلاق من أهل القرية. ويتابع: «حتى إلقاء القبض عليه فى 2014 لم يظهر منه شىء يدل على تطرفه، إلا أن غيابه خلال العام الماضى يثير تساؤلًا عن المكان الذى تواجد فيه خلال هذه الفترة، خاصة أن قوات الأمن كانت تأتى بين الحين والآخر لتفتيش المنزل». وأوضح «عثمان على»، أحد أهالى القرية، أن أهالى القرية كانوا على علم بأن «محمود» فى السودان، وأنه فى طريقه إلى ليبيا، إلا أنه استقر فى السودان مع مجموعة من المسافرين، وهى الرواية التى أكدتها الأم بأن نجلها هرب إلى السودان تخوفًا من الحكم الذى صدر ضده فى 2014، وأنه كان يطمئنها من وقت لآخر ويطمئن على أوضاعهم. شقيقه الأصغر كان مجندًا فى الجيش وألقى القبض عليه أثناء إجازة له فى فبراير الماضى بحسب رواية أحد الجيران، وشقيقه الأكبر ألقى القبض عليه عقب إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن اسم منفذ العملية. ما لم يكن متوقعًا أن يكون أحد العائدين من أفغانستان مقيم بذات القرية التى ينتمى إليها «محمود»، وهو ما كشف عنه أحد الأهالى الذى أكد أن اسمه «الشيخ محمد الأفغانى»، وكان يدرس القرآن لأطفال القرية، ومعظم شبابها يحضرون دروسه، مضيفًا: «الشيخ كان دائم الحضور فى المسجد إلا أنه اختفى عقب سقوط نظام الإخوان خاصة مع التشديدات الأمنية التى فرضت خلال تلك الفترة على المساجد»، فيما أكد أحد أهالى مركز «سنورس» القريب من قرية مفجر الكنيسة أن «الأفغانى» اختفى منذ ما يقرب من عام ونصف العام نهائيًا، وغير معلوم مكانه حتى الآن. وتعد قرية «منشاة عطيفة»، مسقط رأس وإقامة «محمود» مثل مئات القرى فى الفيوم المؤيدة لجماعة الإخوان، خاصة أنها من أفقر القرى فى المحافظة التى يسهل السيطرة عليها فكريًا، ومن الإشارات الدالة على ذلك أن انتخابات مجلس النواب الأخيرة لم يخرج فيها للاقتراع من القرية سوى نحو 170 صوتًا من أصل 2500 ممن يحق لهم التصويت. ولا يمكن فصل ذلك عن محافظة الفيوم التى تعد منبعًا لجماعات تكفيرية خاصة «الشوقيين»، كما أصبحت فيما بعد الموطن الأساسى لجماعة «التوقف والتبين» التى نشأت فى السجن على يد قيادات تكفيرية من محافظات أخرى. وتشهد قرى الفيوم منذ سقوط الإخوان تظاهرات عدة، خاصة بعد عودة ظهور جماعات «التكفير والهجرة» و«الشوقيين» مرة أخرى وانخراطها فى العنف، والتى ارتكبت عمليات إرهابية متعددة منها حرق نقط شرطة. وفيما يتعلق بخريطة الإرهاب بالفيوم، تنتشر جماعات التكفير والهجرة فى عدد من المراكز وأبرزها «سنورس» الذى يتمركز فيه عدد كبير من أتباع الجماعة فى قرى «الحبون، عبدالعظيم، الرغاى، أبو حسين»، والتى تقع على الطريق المؤدى إلى مركز «يوسف الصديق»، والذى يعد أساس هذه الجماعة، التى يقودها محمد عرفة، أحد أتباع «شوقى»، مؤسس الجماعة فى الفيوم. ويضم مركز «يوسف الصديق» العديد من القرى منها قرية كحك وقرية أبوحجازى، كما يضم مركز طامية أيضًا عددًا من تلك الجماعات أيضًا فى المركز نفسه وعدد من القرى المتطرفة بالمناطق الصحراوية، والتى يعمل معظمها بتجارة السلاح. وخلال جولة «الصباح» بتلك القرى أعرب عدد من الأهالى تخوفهم الكبير من ممارسات جماعات «التكفير والهجرة» بالفيوم، والتى تحالفت مؤخرًا مع عناصر جماعة الإخوان، وقال «محمد.ع» إنه منذ عام ظهر تحالف هو الأول من نوعه بين عناصر «التكفير والهجرة» والإخوان بقريتى «عبدالعظيم» و«الحبون». أما بالنسبة لمركز «يوسف الصديق»، فأكد «عبدالسلام. أ» أن عناصر التنظيم بدأوا فى استعادة نشاطهم خلال الأيام الشهور الماضية، وشهدت المساجد الخاصة بهم إقبالًا كبيرًا من عناصر التنظيم والجماعة كليهما، مضيفًا: «التظاهرات التى تنظمها جماعة الإخوان يشارك فيها أعضاء التكفير والهجرة، برغم أنهم كانوا يكفرونهم فى السابق». وإلى جانب الفيوم، هناك بنى سويف التى تعد من «حواضن» الإرهاب كذلك، فهى قريبة إلى الفيوم فكريًا وثقافيًا، وحتى فى نسبة الفقر وبشكل يتشابه فى ديموجرافيتها إلى حد كبير، ومع أن مرشد الجماعة محمد بديع كان يسكن فى بنى سويف، إلا أن أنصاره المقربين له كانوا فى الفيوم، وكان من بينهم أحمد عبدالرحمن عضو مجلس شورى الجماعة والمسئول عن الجماعة بالفيوم. ونشأت معظم الحركات الإخوانية المسلحة هناك ومنها «خلية مولوتوف»، و«ولع»، مرورًا ب «العقاب الثورى»، و«المقاومة الشعبية». وتأتى فى المرتبة الأولى بين تلك البؤر الإرهابية فى بنى سويف قرية «الميمون»، التى تعد من أكبر قرى الجمهورية حيث يصل تعدادها إلى ما يقرب من 26 ألف نسمة، وهو ماجعلها بؤرة خصبة للجماعة تستغلها فى تنفيذ مخططاتها خاصة أنها مسقط رأس القيادى البارز محمد شاكر الديب عضو مجلس الشعب السابق عن الجماعة. وفى المرتبة الثانية يأتى مركز «ناصر»، مسقط رأس القيادى الهارب عبدالعظيم الشرقاوى عضو مكتب الإرشاد، ويتمركز فيه أعداد كبيرة من أنصار الجماعة الذين يقومون ببعض الممارسات الإرهابية، وعلى رأسها زرع القنابل بدائية الصنع فى مختلف أنحاء المحافظة كان آخرها زرع قنبلة فى مدخل قرية «بنى عدى» التابعة للمركز، فضلًا على محاولة اغتيال رئيس مباحث المركز من قبل. وفى المرتبة الثالثة تأتى قريتى «سربو» و«دشاشة» التابعتين لمركز سمسطا مسقط رأس فاروق عبدالحفيظ عضو مجلس الشعب السابق للجماعة وجمال عبدالستار وكيل أول وزارة الأوقاف فى عهد المعزول أو كما كانوا يلقبونه ب«خطيب رابعة»، والذى حاول تهريب «البلتاجى» من الصحراء الغربية بمركز سمسطا إلى ليبيا بعدما استضافه فى منزله قرابة الأسبوع لولا السيطرة الأمنية التى جعلت البلتاجى يتراجع ويسافر مرة أخرى إلى الجيزة. ويأتى فى المرتبة الرابعة قريتا «ملاحية ببا» و«كوم الصعايدة» بمركز ببا، وهى بؤر إرهابية يتمركز فيها العديد من أعضاء الجماعة الإرهابية الذين ينفذون بعض أعمال الاغتيالات المنظمة لبعض أفراد وأمناء الشرطة، كان آخرها اغتيال أمين شرطة من قوة مباحث مركز ببا أثناء عودته من عمله.