*العزل قانون استثنائى يضيع هيبة الدستور ويحرم المصريين من فرصة الانتقام من الفاسدين بعزلهم شعبيًا وإذاقتهم مرارة خسارة الانتخابات *الضباط الأحرار أول من استخدم قانون العزل السياسى عام 1952 لاستبعاد أنصار الملكية من الحياة السياسية تمامًا *قانون عام 53 المعدل كان يعاقب كل من يفسد الحياة السياسية ب «الحرمان» من الوظائف العامة القيادية وسقوط العضوية فى مجلسى الشعب والشورى ومن حق الانتخاب لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم. *مقترح فكرة العودة للعزل كان متهمًا فى موقعة الجمل.. وتحاصرهلا الاتهامات بأنه من رجال النظام السابق *رجب هلال حميدة يطالب باستبعاد 210 أعضاء «وطنى سابق» بقانون العزل ويضع هانى سرور على رأس القائمة دعاوى قضائية هنا وطعون هناك.. محاولات مستميتة لاستبعاد مرشحين بعينهم من سباق البرلمان.. والحجة أنهم أفسدوا الحياة السياسية.. وأنهم كانوا من بين نواب الحزب الوطنى المنحل الذى ثار عليه الشعب منذ 4 سنوات، الاستناد الوحيد لدى مقدمى الطعون ضد نواب الوطنى هو قانون الغدر أو العزل السياسى بالمفهوم الجديد للقانون.. ومن بين المتقدمين للطعن على ترشيح 210 أعضاء سابقين بالحزب الوطنى المنحل رجب هلال حميدة العضو الأسبق فى البرلمان لثلاث دورات متتالية عن دائرة عابدين.. كان خلالها عضوًا عن حزبى الأحرار ثم الغد، ورغم ما يحيط به من اتهامات بالمشاركة فى تدبير موقعة الجمل قبل تبرئته من محكمة الجنايات كما أنه متهم كان من رجال فتحى سرور المقربين حتى تم الدفع به ليشكل المعارضة المستأنسة فى برلمانات نظام مبارك يصر حميدة على استبعاد نحو 210 مرشحين حاليين فى انتخابات برلمان 2015، غير عابئ بكل ما يثار حوله ومستغلًا ترشح الفنانة الاستعراضية سما المصرى أمامه ليهاجمها بدعوى أنها لا تفقه فى السياسة، وأنه الأصلح لحصد المقعد البرلمانى عن دائرتى الأزبكية وعابدين. قانون الغدر أو العزل السياسى الذى يستند إليه رجب حميدة وكل من تقدم بطعون ضد عدد من المرشحين قانون استثنائى.. قرر الضباط الأحرار اللجوء إليه بعد ثوره 23 يوليو 1952 عندما وصلوا إلى الحكم، وفى ذلك الوقت كانت مصر عامرة بالأحزاب السياسية ضاربة الجذور فى كل شبر من أرضها، وتزخر بقامات عالية من رجال السياسة من الموالين للنظام الملكى والملك فاروق، فكان الحل هو اللجوء إلى هذا القانون لاجتثاثهم وحرمانهم من مُمارسة العمل السياسى حتى تخلو الساحة السياسية لأنصار ثورة يوليو.. وقتها أصدر مجلس قيادة الثورة مرسومًا بقانون رقم 344 لسنة 52 بشأن جريمة «الغدر». القانون نفسه تم تعديله بقانون رقم 173 لسنة 53.. مفاده أن كل موظف عام أو مُكلف بخدمة عامة أو من فى حكمهم، ارتكب جريمة الغدر إذا قام بعد أول سبتمبر 1939 بفعل من الأفعال الآتية: إفساد الحياة السياسية واستغلال النفوذ للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لأحد أقربائه أو أصهاره.. وكل عمل يُقصد منه التأثير على القضاء أو التدخل فى شئون العدالة.. إلى آخره.. وقد تم إدخال بعض التعديلات التى تضمنت تطبيق الجزاءات التى تُوقع على مُرتكبى جريمة الغدر، والتى حددتها المادة الثانية من القانون بالعقوبات الآتية: أ - الحرمان من الوظائف العامة القيادية. ب - سقوط العضوية فى مجلسى الشعب والشورى أو المجالس الشعبية المحلية. ج - الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس من المجالس المنصوص عليها فى الفقرة (ب) من هذه المادة لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم. د- الحرمان من تولى الوظائف العامة القيادية لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم. ه - الحرمان من الانتماء إلى أى حزب سياسى لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم. و - الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المُؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة لمدة خمس سنوات من تاريخ الحكم. ويُحكم بالجزاءات ذاتها أو بإحداها على كل من اشترك بطريق التحريض أو المُساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر... ولو لم يكن من الأشخاص المذكورين فى المادة الأولى من هذا القانون. تنص المادة (3) على أن تختص محكمة الجنايات دون غيرها بالنظر فى دعاوىَ الغدر والفصل فيها حيث يُحدد رئيس محكمة الاستئناف... بعد مُوافقة الجمعية العمومية للمحكمة... دائرةً أو أكثر للاختصاص بنظر هذه الدعاوىَ والجلسة المُحددة لنظرها. ونصت المادة (4) على أن تقام دعاوى الغدر بُناءً على طلب من النيابة العامة من تلقاء ذاتها أو بُناءً على بلاغ يقدم إليها متى توافرت بشأن المتهم أدلة جديدة على ارتكابه أحد الأفعال المُبينة بالمادة (1) من المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 فى شأن جريمة الغدر، وإلغاء المادة السادسة الخاصة بعدم قبول الطعن، بما يُتيح الطعن على الحكم. وقد حدد القانون المحكمة التى تُعاقِب على هذه الأفعال بأنها تتشكل برئاسة مُستشار بمحكمة النقض وعضوية مُستشارين من محكمة الاستئناف وأربعة ضُباط لا تقل رتبهم عن الرائد يُعينهم القائد العام للقوات المسلحة. مما سبق يتضح أن قانون الغدر قانون استثنائى قد تم تفصيله بالمقاس لتمكين فصيل على حساب فصيل آخر فى ذلك الوقت، وللسيطرة على العملية السياسية وتفريغ الساحة السياسية تمامًا من أى أحزاب أو رجال سياسة أو مُعارضة، وإن كان القانون سالف الذكر قد نجح فيما وُضع من أجله فى ذلك الوقت وانفرد أنصار يوليو بالحكم دون مُعارِض، إلا أنه لم يعد مقبولًا أن توضع قوانين استثنائية تخالف مواد الدستور الأصلية. المحاولة الثانية كانت فى برلمان الإخوان 2012 الذى تزعم فيه عمرو حمزاوى خطة إحياء قانون العزل السياسى لمنع كل من انتمى فى وقت من الأوقات للحزب الوطنى من ممارسة السياسة بنفس البنود الموجودة فى قانون الغدر عام 1953 وللأسف تم تمرير القانون.. دون مراعاة للدستور، وكان وقتها عمرو حمزاوى مهندس قانون العزل السياسى للحزب الوطنى فى البرلمان، وناضل من أجل عزل نواب الوطنى بضراوة، وأكد فى تصريح لمجلة «المجلة» يونيو 2012 مؤكدًا على تزعمه عملية العزل قائلًا: «ساهمت فى صياغة وتمرير قانون العزل السياسى، لاقتناعى بأن السياسة ليست مسرحًا للمثاليات لتمتنع عن إقرار إجراءات أو قوانين تضمن عدم عودة كل من شارك فى الاستبداد والفساد إلى المشهد السياسى ونترك ذلك إلى ضمير الناخب. وسبق لبعض الدول التى تحولت إلى الديمقراطية فى أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية إقرار قوانين مشابهة لتمنح المجتمع فرصة للتخلص من بقايا الديكتاتورية والاستبداد بهدف تطهير الحياة السياسية». ليؤكد أن العزل كان هدفه حرمان مواطنين لم يثبت فساد عدد كبير منهم من حقهم فى ممارسة الحياة السياسية ورافضًا لفكرة العزل الشعبى، وترك الأمر للشعب ليختار من يختاره، والصندوق فيصل فى تغليب كفة مرشح على الآخر. اليوم فى مصر، محاولات مستميتة لاستدعاء نفس القانون واستخدامه على كل من انتمى فى يوم من الأيام للحزب الوطنى والنظام البائد مضيعًا على الشعب فرصة الانتقام من كل من أفسد الحياة السياسية بأنفسهم بعزله شعبيًا ومنعه من دخول البرلمان بأصواتهم لا بقوانين استثنائية تضيع هيبة الدستور. قانون الغدر أو العزل غير دستورى، فالكثير من مواده تتعارض مع مواد الدستور.. ويلغى فكرة الحساب العادل.. وإذا كان من عانينا من ظلمه سنوات طوال يجب أن نُحاسبه فالحساب يكون طبقًا لقواعد العدل وليس الانتقام والتشفى والاجتثاث والمحاكم الاستثنائية بدون ضمانات عدالة حقيقية للتقاضى وبقوانين عفى عليها الزمن حتى نرسى قواعد ديمُقراطية سليمه خالية من التشوهات. واليوم يتم الترويج الإعلامى بين العامة والجهلاء عن القانون سيئ الذكر «قانون الغدر» بهدف حشد رأى عام مُؤيد ودافع لتفعيله، وهو أمر يُعد كارثة بكل المعايير الديمُقراطية وترويجًا لأفكار خاطئة وتدخلًا سافرًا فى سير العدالة وتشكيكًا فى القضاء وأحكامه والنيل من هيبته وهيبة الدولة تمهيدًا لهدم الأسس الديمُقراطية التى نبتغيها جميعًا لنبنى عليها مصر المُستقبل. المأزق الحقيقى أن مجلس الوزراء كان قد وافق على هذا القانون فى 17/8/2011... وأكد المُستشار محمد عبدالعزيز الجندى وزير العدل الأسبق بأن القانون يظل قائمًا ما لم يُلغ صراحة.. وهو ما لم يحدث حيث لم يصدر أى قانون يلغى قانون العزل صراحة، وتحديد فترة زمنية فى صدر القانون ينصب تطبيقه على هذه المرحلة لا يمنع تطبيقه على مرحلة لاحقة تنطبق عليها نفس الأوصاف الواردة بالقانون. أبرز من تضمنتهم قائمة رجب هلال حميدة لاستبعادهم من الانتخابات المقبلة أكمل قرطام رجل الأعمال ورئيس حزب المحافظين ومرشح الوطنى فى 2000 و2005، وهانى سرور مرشح الحزب الوطنى فى 2005 عن دائرة الظاهر، والتى أعلن ترشحه عنها فى انتخابات 2015، وصاحب قضية «أكياس الدم الملوث» وكريم سالم عضو الحزب الوطنى والمتحدث الرسمى لحملة الفريق أحمد شفيق بانتخابات الرئاسة عام 2012 وياسر الهضيبى مساعد رئيس حزب الوفد ونائب الحزب الوطنى ببرلمان 2010 بالقناطر. وأحمد الفضالى رئيس تيار الاستقلال حاليًا وعضو مجلس الشعب 2005 سابقًا، وكان متهمًا مع حميدة بأحداث «موقعة الجمل». وحيد بغدادى عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطنى ببرلمان 2005 و2010 وشاهيناز النجار زوجة رجل الأعمال أحمد عز، وأعلنت ترشحها للانتخابات البرلمانية المقبلة عن دائرة المنيل.. ورجل الأعمال محمد أبو العينين عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى لمدة 8 سنوات هذا فى محافظة القاهرة، أما فى محافظة الجيزة فضمت القائمة اسم سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب السابق وممثل الحزب الوطنى فى عهد مبارك والمرشح عن دائرة الصف بمحافظة الجيزة. فى الإسكندرية ضمت قائمة حميدة أسماء مثل: محافظة الإسكندرية أحمد مهنا برلمانى سابق عن الحزب الوطنى المنحل وأمين عام لحزب المؤتمر بالإسكندرية حاليا وأحمد أبو النظر قيادى سابق بالحزب الوطنى ومؤسس حزب «نهضة مصر» ونجل راغب ضيف الله البرلمانى السابق وأحد رموز المنحل والمتقدم عن دائرة الدخيلة.. ومحمد عبدالوارث عضو مجلس الشورى السابق عن الوطنى المنحل بدائرة مينا البصل. فى محافظة الدقهلية ضمت القائمة وحيد فودة نائب المنصورة فى البرلمان المنحل عام 2010.. وعبدالرزاق الخطيب النائب لدورتين عن مركز المنصورة.ومكرم رضوان أحد قيادات الحزب المنحل بالدقهلية، والمهندس إبراهيم الحديدى أمين الحزب الوطنى السابق عن منية النصر ورئيس مجلس محلى المحافظة لدورتين. وفى أسيوط كان على رأس القائمة عمر جلال هريدى النائب السابق عن الحزب الوطنى وأمين صندوق نقابة المحامين وعضو مجلس إدارة نادى الزمالك السابق والذى أعلن ترشحه كمستقل عن دائرة البدارى بأسيوط. وفى دمياط يبرز اسم محمد الماشطة المستشار القانونى للاتحاد المصرى لكرة القدم وأمين لجنة شباب الحزب الوطنى المنحل بالمحافظة. وفى محافظة الشرقية جاء فى القائمة اسم طلعت السويدى صاحب مجموعة شركات السويدى ومن وجوه الوطنى المنحل المعروفة فى دائرة ديرب نجم بالشرقية.. وهانى أباظة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد والنائب البرلمانى السابق وأحد رجال الحزب الوطنى المعروفين بمحافظة الشرقية. وفى المنيا كان علاء حسانين أحد أعضاء الوطنى المنحل والمتقدم عن دائرة ديرمواس أبرز أسماء القائمة. القائمة تضم أكثر من 200 عضو سابق بالحزب الوطنى يرغب حميدة وشركاؤه عزلهم سياسيًا بدلًا من ترك القرار لشعب نضج سياسيًا، ويعرف من يخدم مصالحه ومن يعمل ضد رغباته.. حميدة ومن على شاكلته يريدون استمرار القوانين الاستثنائية مخالفين أبسط قواعد الديمقراطية خوفًا من خسارة ستطال كل من لا يريده الشعب أن يمثله تحت قبة البرلمان.