يقدم « فلول » محمد مرسى وجماعة الإخوان عرضًا هزليًا مستمرًا.. يحاولون إقناع أنصارهم ومأجوريهم أنهم يقودون « موجة ثورية »، بينما يرى الشعب المصرى ومعه العالم أنهم أمام « لوثة عقلية » لتنظيم دموى غامض يكشف كل يوم حقيقته أكثر. فى باريس «مدينة الفن والثقافة الرفيعة»، جرت منذ أيام واقعة «إرهاب» جديدة قادها أعضاء التنظيم فى الندوة التى أعدها معهد العالم العربى فى باريس لمناقشة الكاتب والروائى المصرى علاء الأسوانى روايته الجديدة « نادى باريس» التى تصدر طبعتها الفرنسية فى نوفمبر المقبل. بعد بداية الندوة بلحظات فوجئ الأسوانى وضيوف الندوة بعدد من أعضاء التنظيم لا يتجاوز عددهم 6 أفراد يرفعون شارة رابعة « الكئيبة والمفتعلة »، ويتطور الأمر فى لحظات إلى سباب وهجوم لا على الأسوانى فقط بل على الجيش وأيضا الشعب المصرى. وبحسب الفيديو المنشور للواقعة فقد حاول الأسوانى فى بداية الأمر التعامل مع هؤلاء الأفراد باعتبارهم أصحاب وجهة نظر، لكنهم لم يسمحوا بأى نقاش إذ سرعان ما هجم هؤلاء على المنصة الرئيسية محاولين الاعتداء على الكاتب، وعندما نجح منظمو الندوة بالتعاون مع الشرطة الفرنسية فى إخراج الأسوانى من القاعة كانت أيادى أعضاء التنظيم تمتد وسط حالة جنونية لتحطيم كل شىء فى القاعة. ربما لم يندهش الأسوانى نفسه كما بدا من رد فعله، لكن الدهشة الأكبر كانت على وجوده بين الأدباء والصحفيين والمفكرين الفرنسيين الذين سمعوا عن الإخوان، لكنهم لم يتخيلوا وجود كائنات بهذه الطريقة فى عام 2013. واستمر بعض الحضور فى النظر باندهاش وفزع إلى أفراد التنظيم المتعطشين للفوضى والدم والذين لم يجدوا مكانًا مناسبًا لإظهار دمويتهم سوى فى قاعة تناقش رواية أدبية! لم ينس الإخوان لعلاء الأسوانى أنه كان من الداعين والداعمين لثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم الإخوان لكنهم نسوا مواقفه الداعمة لهم، ولحقهم فى التواجد فى الحياة السياسية منذ اندلاع أحداث 25 يناير. ونسوا أيضًا كم الهجوم الذى تعرض له الكاتب والروائى العالمى من بعض القوى الثورية التى اعتبرت موقف الأسوانى مع آخرين ممن عارضوا أحمد شفيق فى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية سببًا فى صعود المعزول التالف محمد مرسى إلى منصب رئيس الجمهورية. واقعة الاعتداء الهمجى على أديب بحجم وموهبة وجماهيرية الأسوانى لم تكن هى الأولى فى علاقة الإخوان المتوترة والعنيفة بكل مفكر أو كاتب له جماهيرية ويستطيع التأثير فى الجمهور، فقبل سنوات بعيدة حدثت وقائع أكثر دموية مع قامات عظيمة فى الفكر والأدب. فى عام 1949 مثلًا كان الكاتب الكبير عباس العقاد الذى وصفه نجيب محوظ بأنه « أشرف من حمل القلم فى مصر »، قد نشر دراسة مطولة عن «حسن البنا» قبل رحيله، وفى عز سطوة ونفوذ الجماعة وقت تحالفها مع حركة « مصر الفتاة » وقيام الاثنين « الجماعة والحركة » بالهجوم على دور السينما والمسرح وإشاعة الذعر فى المجتمع المصرى، وكانت الدراسة بعنوان «الفتنة اليهودية » تحدث فيها كعادته بعلم واقتدار عن نشأة حسن البنا، وكان مما قاله أن جذور عائلة البنا يهودية وأن «البنا» ليس اسمه بل لقب تم اختياره له من قبل الحركات الماسونية والصهيونية التى كانت تعمل فى مصر قبل قيام دولة إسرائيل، وكان مما قاله العقاد عن البنا « تلقفته الجماعات اليهودية فى مصر وقامت بتوفير المأوى والعمل له وعمل والده فى مهنة تصليح الساعات وهى المهنة التى كان يحتكرها اليهود فى مصر»، وقال العقاد أيضا أن اسمه الحقيقى هو «أحمد حسن عبد الرحمن »، أما البنا فلقب لكل المشاركين مع « الحركات الهدامة ممن يطلق عليهم البناءون الأحرار». وبمجرد نشر المقال المطول، وكما يروى كل من أنيس منصور فى كتابه «فى صالون العقاد»، وعامر العقاد فى كتابه « العقاد ومعاركه الأدبية»، والناقد عبد اللطيف عبد الحليم فى مقاله له بمجلة الهلال فقد انتظر ثلاثة من شباب الجماعة الكاتب الكبير أمام منزله بضاحية مصر الجديدة وانهالوا عليه بالضرب حتى تهشمت نظارته، وأصيب بإصابات بالغة فى جسده، وظل فترة طريح الفراش. وهو ما تكرر مع المفكر والفيلسوف المصرى عبد الرحمن بدوى الذى نشر كتابًا عن «شخصيات قلقة فى تاريخ الإسلام وأديرت مناقشة واسعة للكتاب فى كلية الآداب جامعة القاهرة حضرها – ورواها أنيس منصور – سأله بعض الحضور من طلبة الفلسفة والتاريخ عن شخصية حسن البنا، وهل هى من الشخصيات الإيجابية أم السلبية فى تاريخ الفكر الإسلامى فكان رده « البنا جاهل وجهول ومثير فتن لا أكثر»، وقد تم الاعتداء عليه بعنف وقسوة أمام جامعة القاهرة من طلبة كانوا يرتدون زى جماعة الإخوان المميز بشارته الخضراء على الكتف، وقد كانوا فى هذه المرحلة شديدى التأثر بأفكار وملابس الحزب النازى فى ألمانيا الداعى لنقاء الجنس والعنصر! وخلال الفترة الطويلة من الاعتداء على العقاد وعبد الرحمن بدوى إلى الاعتداء الأخير على الأسوانى تنوعت صدامات أفراد التنظيم اليدوية والدموية مع عدد كبير من الكُتّاب والصحفيين والفنانين لعل آخرها كان منذ شهرين فى مهرجان «مالمو» بالسويد حيث حولت ميليشيات مرسى الاعتداء العنيف على فنانين مسالمين يمثلون مصر فى مهرجان!