أمام التصعيد السياسي والإعلامي لقوى سياسية واجتماعية ضد الرئيس محمد مرسى على الصعيد الخارجي لم تجد جماعة الإخوان المسلمين سوى طريق وحيد لتحسين صورتها وصورة الرئيس خارجيا.. وهذا الطريق هو الاستعانة بمكاتب ما يعرف ب"التسويق السياسي" او "اللوبى الامريكى" لتحسين الصورة التي اهتزت بسبب ممارسات النظام الحاكم خلال الفترة الماضية خاصة بعد أحداث مدينة الخصوص والكاتدرائية ومن قبلها الملاحقات القضائية لعدد من الإعلاميين والصحفيين والنشطاء السياسيين. في هذا الإطار تردد وجود اتصالات بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وبين مكتب "موريس بن أميجو" المتخصص فى التسويق السياسى والذى تولى إدارة حملة ميت رومنى المرشح السابق فى الانتخابات الأمريكية حيث طلبت قيادات الجماعة والحزب من "أميجو" التسويق السياسي والإعلامى لها وللرئيس محمد مرسى فى مصر والعالم الغربي. ورغم نفى قيادات الجماعة و"الحرية والعدالة" لهذه الاتصالات إلا أن مصادر أكدت هذه الاتصالات موضحة أنها جرت بين المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد والدكتور سعد الكتاتنى رئيس الحزب والدكتور مراد على المستشار الإعلامى للحزب وجهاد الحداد المتحدث باسم الإخوان من ناحية وبين «أميجو» من ناحية اخرى حيث عرضوا علي المكتب تسويق «مرسى» والحزب مثلما فعل مع النظام الحاكم فى الكونغو ونيجيريا.. ولفتت المصادر إلى أن «الشاطر» طلب معرفة رؤية «أميجو» حول صورة الرئيس فى الخارج وكيفية تحسينها، وسُبل التسويق ل«الحرية والعدالة» فى الداخل وكيفية التعامل مع المعارضة إعلامياً. وأوضحت المصادر أن مديرة إحدى الشركات القطرية فى أمريكا والتى يملكها شقيق أمير قطر أرسلت بريداً إلكترونياً ل«أميجو» طالبته بالتسويق السياسى والإعلامى لقطر فى أمريكا وإنشاء مؤسسة للتسويق السياسى بقطر لإظهار أنها دولة ديمقراطية مع الترويج للدوحة على أنها رائدة الدول العربية والمتحكمة فيها وإظهار الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى أمير قطر والشيخة موزة زوجته على أنهما فى مقدمة قادة العالم العربي الآن.. مشيرة إلى أن قطر ستتحمل نفقات حملة الترويج للرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان. وأوضحت المصادر ان مكتب "أميجو" تقدم فى عام 2009 تقدم بعرض إلى الدكتور زكريا عزمى لتسويق مرشح الحزب الوطنى سواء كان مبارك أو ابنه جمال فى الانتخابات الرئاسية التى كانت ستجرى فى العام التالى.. وقبل أن يوقع الاتفاق النهائى قامت ثورة 25 يناير. وأشارت المصادر إلى أن جماعة الإخوان ستلجأ أيضاً للاتفاق مع شركات أمريكية عالمية متخصصة فى التسويق السياسي غير شركة «أميجو» لوضع خطة للتسويق الخارجى لها ول«الحرية والعدالة".. موضحة ان الجماعة ستكشف لمسئولى هذه الشركات أن الإخوان تتبنى مشروعاً كبيراً للتسويق السياسى لها ليس داخل مصر فحسب ولكن فى الخارج أيضاً وإنها ترصد ميزانية ضخمة لتحقيق هذا الهدف على أن يبدأ المشروع أولا بتحليل سريع لحالة الغضب فى الشارع السياسى من الجماعة ثم التجهيز لانتخابات مجلس النواب القادم للفوز بالأغلبية التى تمكنهم من تشكيل الحكومة ثم إحداث طفرة داخل المؤسسات الإعلامية الإخوانية وتأسيس قناة فضائية تماثل قناة الجزيرة القطرية تحقق أهداف وأفكار الجماعة على الأرض. وطرح قيادات الجماعة على هذه الشركات التسويق إمكانية أن تلعب الجماعة دورا إقليميا بشكل عام وعربى بشكل خاص وكيفية تحسين العلاقات مع الدول التى تتخوف من مشروع الإخوان وكذلك كيفية اختراق الميديا الأمريكية والأوروبية للاستفادة من أبواقها الصاخبة والتأثير فى الرأى العام العالمى. نفس الشركات الغريب أن الشركات التي من الممكن أن يلجا إليها نظام الرئيس مرسى لتجميل صورته هي نفسها الشركات التي كان يلجأ إليها نظام الرئيس السابق حسنى مبارك بل وعدد من رموزه المحبوسين على ذمة بعض القضايا مثل أحمد عز الذي ترددت أنباء منذ أشهر عن تعاقده مع إحدى هذه الشركات من أجل كسب تعاطف الرأي العام الأمريكي معهم من خلال الدفاع عنهم في الكونجرس الأمريكي والتأكيد على عدم عدالة القضاء المصري في محاكمتهم.. والغريب أيضا في نفس الإطار أن المجلس العسكري سبق وأن لجا إلى هذه الشركات أثناء إداراته للبلاد بعد ثورة 25 يناير وحتى انتخاب الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية وهذا ما أشار إليه الباحث والكاتب الصحفي محمد المنشاوى الذي يعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية في أكثر من معرض.. وبالطبع فان المستفيد الوحيد من هذا الأمر هو شركات الضغط السياسي أو اللوبي الأمريكي التي تحصل على ملايين الدولارات جراء هذا الأمر. ومن أهم الشركات التي من الممكن أن تتعاقد معها القيادة السياسية الحالية "مجموعة بي إل إم" والتي كان لها باع كبير مع نظام مبارك وكذلك المجلس العسكري فى هذا السياق وهذا ما أوضحه أيضا محمد المنشاوى حيث أكد في أكثر من معرض أن هذه المجموعة تتكون من شراكة بين ثلاث شركات بواشنطن هى "بوديستا جروب" التي يرأسها اللوبي الديمقراطي تونى بوديستا و"مجموعة ليفنجستون" التي أنشأها عضو الكونجرس الجمهوري السابق من ولاية لويزيانا روبرت ليفنجستون و"موفيت جروب" التى يرأسها عضو الكونجرس الديمقراطى السابق من ولاية كونتيكت توبى بافيت.. وأوضح المنشاوي أنه خلال النصف الأول من العام الماضي حصلت "بى إل إم" على 555 ألف دولار أمريكي من الحكومة المصرية.. ولم تغير شركات اللوبي خلال هذه الفترة من إستراتيجياتها وإنما غيرت من أهمية نظام مبارك للمصالح الأمريكية إلى التأكيد على التزام المجلس العسكري بالانتقال الديمقراطي. وأشار إلى أن الوثائق الأمريكية أكدت أن شركة "ليفنجستون" تلقت دفعتين ماليتين بتاريخ 23 فبراير و22 يونيه من العام قبل الماضي قيمة كل منها 66 ألف دولار كما تلقت شركة "بوديستا" دفعتين بتاريخ 18 فبراير و16 يونيه قيمة كل منهما 93 ألف دولار.. أما شركة "موفيت" فلم تقدم إقراراتها المالية بعد. هناك أيضا شركة "كورفيس" التى تعد من إحدى كبريات شركات العلاقات العامة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن الممكن أن يلجا إليها نظام "مرسى" لتجميل صورته وهى شركة تردد أن رجل الأعمال احمد عز سبق وان وقع معها عقدا في مارس من العام الماضي بهدف إبراز قضيته في الإعلام الأمريكي وإطلاع كبار المسئولين الأمريكيين على تفاصيلها والتنبيه إلى سوء حال القضاء المصري الذي يحاكم أمامه أحمد عز بعد ثورة 25 يناير. حقيقة الشركات ولكن ما هى حقيقة هذه الشركات وما هى الخدمات التي تقدمها لمصر حتى تتحصل على هذه المبالغ؟.. للإجابة على هذا التساؤل يجب استعراض المعلومات المتاحة عن كل شركة على حدا للوقوف على علامات الاستفهام التي تدور حول هذه الشركات والتي يأتي على رأسها شركة "ليفنجستون جروب" وهى إحدى الشركات التي تعاقدت مع السفارة المصرية في واشنطن خلال السنوات الماضية في ظل نظام حسنى مبارك من خلال جماعة "بى إل ام " بواشنطن وكانت تقوم بتقديم الاستشارات السياسية للسفارة للتعامل مع مراكز اتخاذ القرار إضافة إلى تقديم المشورة بشأن السياسات الأمريكية محل الاهتمام والأنشطة فى الكونجرس والفرع التنفيذى وتطور مشهد السياسات الأمريكي بوجه عام.. كما تقوم بالاتصال بأعضاء الكونجرس وطواقم عملهم ومسؤولى الفرع التنفيذيين والمنظمات غير الحكومية للتنسيق بينهم وبين السفارة.. وتعد "ليفيجستون" من أنشط وأهم المؤسسات التي تعمل في مجال حشد التأييد للدول في واشنطن. ويرأس الشركة "روبرت ليفيجستون" وهو عضو جمهوري سابق في مجلس الشيوخ والكونجرس الأمريكيين أي أنه يمتلك الجناح الثاني الكبير في السياسة الأمريكية وهو جناح الحزب الجمهوري وهذا ما يبرز أهميته وأهمية شركته في الإلمام بتفاصيل كثيرة تتعلق بالقضايا السياسية الدولية وبالتالي وضع التصورات المستقبلية والاستشارات اللازمة. أما شركة "بودستا جروب" ثانى شركات التحالف فمقرها فى واشنطن وكانت تتعامل هى الأخرى مع السفارة المصرية وهى شركة متخصصة فى مجال الضغط على دوائر صنع القرار في أمريكا من أجل اتخاذ قرارات بعينها لصالح الدول التى تتعاون معها. أما شركة "موفيت" ثالث شركات مجموعة "بى إل إم" فيرأسها "انتونى موفيت" وهو عضو ديمقراطي سابق وصف بأنه أهم عقل شهده الكونجرس عبر تاريخه نظرا لحكمته وسعة خبرته وحسن تقديره للأمور وكلها أشياء جعلته يحظى بتقدير الجانبين الديمقراطي والجمهوري.. وقد ظهرت براعته الحقيقية عندما تولي صناعة لوبي تركي في أمريكا في السنوات الأخيرة واستطاع أن يصنع صورة باهرة لديمقراطية النظام السياسي التركي علي الرغم من الأزمات التي كانت تطحنه ليلعب بذلك دورا مهما في زيادة قيمة تركيا كحليف استراتيجي واقتصادي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. ونتيجة لأهمية هذا الرجل فقد عهدت مجموعة "بى ال إم" إليه برئاستها. وقد ارتبطت "موفيت" بعلاقات وثيقة مع نظام مبارك على مدار السنوات الماضية قدمت خلالها عددا من الخدمات مقابل 1,1 مليون دولار كانت تتحصل عليها سنويا.. وفى هذا الإطار أشارت وزارة العدل الأمريكية فى تقريرها النصف سنوي عن أنشطة اللوبي والعلاقات العامة للدول الأجنبية إلى إن سفارة مصر فى واشنطن دفعت على الأقل مبلغ 144 ألف دولار فى نهاية 2008 وبداية 2009 لشركة "موفيت جروب" للمساعدة في عقد لقاءات جمال مبارك فى الولاياتالمتحدة.. وأضاف التقرير أن هذا المبلغ كان نظير ما وصف بأنه "خدمات استشارية" من الشركة الأمريكية التى تمثل الحكومة المصرية فى واشنطن شملت الاتصال بمسئولين فى الجهات التنفيذية الأمريكية من أجل مناقشة زيارة جمال مبارك والاتصال بأعضاء من الكونجرس لترتيب لقاءات على العشاء معه إضافة إلى توزيع بعض المعلومات بالنيابة عن الحكومة المصرية فى أمريكا. شركات أخرى والملاحظ أن هذه الشركات الثلاث لم تكن الوحيدة التي تعاون معها النظام السابق في تحسين صورته في الولاياتالمتحدة مقابل ملايين الدولارات كانت تتحصل عليها من قوت المصريين وقد يستعين بها نظام الرئيس مرسى أيضا في هذا السياق وإنما كانت هناك شركات أخرى حصلت على مبالغ خيالية نتيجة القيام بهذا الدور منها شركة "بانرمان" التي تعاونت مع نظام مبارك منذ عام 1989 حتى عام 2007 حيث استعانت بها الحكومات المصرية المتعاقبة خلال هذه الفترة لتسهيل عمل الجهات المصرية داخل واشنطن من خلال اتصالات وعلاقات رئيس الشركة "جرايمى برنامان" المتشعبة في العاصمة الأمريكية. و"بانرمان" هي شركة ومؤسسة إستراتيجية تضم عدد من المحللين اليهود الأمريكان.. وقد تولت الشركة صناعة اللوبي المصري في أمريكا واهتمت أيضا بملفات السلطة الفلسطينية ولعبت دورا كبيرا في تحسين صورة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن كما كانت تصنع لوبي لدول أخري مثل الفلبين والسلفادور.. وظلت هذه المؤسسة تتعاون مع النظام المخلوع منذ عام 1989 حتى 2007عندما أعلنت عدم استمرار التعاون بينها وبين الحكومة المصرية لتحسين صورتها أو تنشيط علاقاتها في واشنطن بدعوى عدم احترام مصر لحقوق الإنسان وقمع المعارضة. وقد استغل معارضو النظام السابق رفض مؤسسة "بانرمان" التعاون مع الحكومة المصرية في ذلك الوقت للتأكيد على قمعيته التي وصلت إلى مراحل خطيرة من خلال الإشارة إلى أن رجال النظام المكلفين بالدفاع عنه لم يعودوا قادرين علي مواجهة تلك الانتقادات الحادة التي يوجهها العالم إليه الأمر الذي دفع نظام مبارك إلى البحث عن شركة جديدة لتجميل صورته والدفاع عن مصالحه في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهناك شركة أخرى تعاون معها نظام مبارك وقد يلجا اليها نظام "مرسى" هى شركة "براون لويد جيمس" المتخصصة فى فهم التطورات والأساليب الرائجة وتصميم استراتيجيات اتصال مبتكرة إضافة إلى تقديم آراء مناسبة لتحقيق المصالح والأهداف.. وتضم المؤسسة شخصيات عالمية رائدة على المستويات التجارية والسياسية والثقافية والإعلامية. وهناك أيضا شركة "شولباك وليونارد وشيتشر" والتي كانت تتعامل مع المكتب الصحفى بالسفارة المصرية في واشنطن لتقديم خدمات إعلامية.. ويتردد أنها حصلت على 45 ألف دولار مقابل هذه الخدمات لمدة ستة أشهر انتهت فى 30 أبريل عام 2009.. إضافة إلى شركة "كمجرب" التى تعاملت مع وزارة التجارة والصناعة عندما كان يتولاها رشيد محمد رشيد وكذلك جمعية الإسكندرية لمصدرى القطن حيث قدمت لهما خدمات إعلامية.. بينما قدمت شركة "فليشمان هيلارد" استشارات إعلامية للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حيث نسقت للهيئة فرصا للتواصل مع الإعلام الأمريكي المهتم بتعزيز الاستثمار الاقتصادي والتنمية فى مصر. أما شركة «كورفيس»، التى تعاقد معها احمد عز فمقرها واشنطن وتعمل لصالح شركة "بيل بوتنجر" البريطانية وتتعاون مع عدة حكومات فى المنطقة العربية كما تعمل لصالح شركات كبرى بهدف تنظيم حملات سياسية وعلاقات عامة بما في ذلك إصدار البيانات الصحفية وإجراء اللقاءات مع المؤثرين في صنع السياسة والقرار على مستوى التشريع والتنفيذ وترتيب إجراء المقابلات الإعلامية في التلفزيون والصحافة والتواصل مع اللوبيات المؤثرة.