ظل جهاز المخابرات البريطانية MI6 بعيد عن الأنظار لسنوات طويلة بحكم طبيعة عمله الذى يكتنفه الغموض مثل غيره من أجهزة المخابرات, إلا أنه عاد إلى الأضواء مؤخرا بعدما كشفت وثائق سرية بريطانية، عن محادثات سرية تمت بين رئيسة الوزراء فى بداية الثمانينيات مارجريت تاتشر , وبين الرئيس المخلوع حسني مبارك حول توطين الفلسطينيين في مصر, تحت رعاية المخابرات البريطانية. علاقة المخابرات البريطانية برؤساء مصر لم تقتصر على مبارك فقط أو ماتم كشفه فى هذه الوثائق التى تم نشرها مؤخرا بل هى قديمة الأزل وهو ما نتعرض له بالتفصيل فضلا عن علاقة هذا الجهاز بعدد من الزعماء العرب, ودوره فى عدد من العمليات التى تم تنفيذها فى العالم العربى . قبل 36 عامًا صدر كتاب يحمل عنوان "رهينة في قبضة الخميني" للكاتب روبرت دريفس يوضح التفاصيل الدقيقة لتوضيح دور المخابرات البريطانية في نشأة التنظيم الماسوني لجماعة الإخوان في مصر، فضلاً عن العلاقات بين أجهزة الاستخبارات الدولية وعدد من الرموز والشخصيات البارزة في العالم الإسلامي. وسرد الكتاب الدور الذي بذلته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في التواطؤ مع البريطانيين لتنصيب قائد الثورة الفارسية الإيرانية الخميني حاكمًا. وربط الكاتب بين عدد من الحركات والتحركات في دول مختلفة للتدليل على أصولية حركة جماعة الإخوان، وكيف كان حسن البنا عميلاً لدى التنظيم الماسوني العالمي، ويوضح الكاتب، كيف استغلت بريطانيا الحركات الصوفية الضالة كأداة توغل استعمارية إلى الشرق الأوسط كما يُشير إلى مرحلة جديدة في نشأة الإخوان في ليبيا على يد «محمد بن علي السنوسي» مؤسس النظام السنوسي للإخوان عام 1929عندما أسس جمعية سرية من الباطنية الصوفية الضالة وكان شعار الحركة "الوحدة الإسلامية"، وانتشرت تدريجيًا في تونسوطرابلس وبرقة وأصبحت فيما بعد تعرف ب «أخوية السنوسي» وأصبح لها أتباع بنحو 5 ملايين في مصر وتونس وليبيا. وتابع أنه عقب الحرب العالمية الثانية، تم اعتبار "أخوية السنوسي" رسميًا أحد أصول المكتب العربي البريطاني في القاهرة، وتم إرسال عميل جريء من عملاء المخابرات البريطانية إلى طرابلس للمساعدة في تنظيم العمل السياسي للحركة. وفي بداية حياته، تعرف حسن البنا على الدوائر الصوفية للإخوان الحصافية، وظل عضوًا بهذه الجمعية السرية لأكثر من عشرين عامًا، وبحلول عام 1922 تم قبوله كعضو كامل الصلاحيات في الطائفة الحصافية، وبعد وصوله إلى قيادة حزب المنار وتأسيس الجماعة عام 1929 موله البريطانيون في بناء أول مسجد للإخوان المسلمين في الإسماعيلية 1930، وفي عام 1941 تم تسجيل أول حالة تعاون بين الإخوان وأحد كبار ضباط المخابرات البريطانية «ج.هيورث دان» في سفارة بريطانيابالقاهرة، وكانت هذه البداية بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان. وتابع الكاتب : في فبراير وأبريل 1953، عقد المرشد العام «حسن الهضيبي» سلسلة من الاجتماعات السرية مع تريفور ايفانز في السفارة البريطانية بالقاهرة حيث أخبر البريطانيين أنه قد يتحالف معهم لمنح بريطانيا العظمى حقوقًا دائمة في قاعدة قناة السويس بعد الانسحاب الرسمي للقوات البريطانية المتمركزة هناك. وأشار الكاتب' إلى أن نقل مكتب الاستخبارات البريطانية العربي القديم من القاهرة إلى لندن جاء بعد ضمان الولاء الكامل للجماعة وأنه يطلق عليه حاليًا اسم المركز العربي البريطاني، ومجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني «CAABU» ومحطته الفرعية المعطلة حاليًا في لبنان، مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية .