في لحظة فريدة لا تُنسى، أضاءت مصر ليلة أمس السبت أهرام الجيزة المبهرة وتمثال أبو الهول المهيب باللون الأزرق في مناسبة الذكرى السنوية السبعين لتأسيس الأممالمتحدة. وتعد هذه الصروح المصرية العتيقة والقائمة لأكثر من 45 قرناً من بين أشهر الوجهات السياحية في العالم على الإطلاق وظلت لآلاف السنين تثير الخيال والإعجاب بين البشر من جميع أنحاء العالم.إن إضاءة هذه المعالم الشهيرة على مستوى العالم باللون الأزرق في هذه المناسبة الخاصة لها أيضا دلالة تاريخية متميزة. ففي مصر القديمة، كان الأزرق هو لون السماء والكون، وبالتالي كان واسع الانتشار والوجود في المعابد والتوابيت وخزائن الدفن وغيرها من المواقع والمعالم في أرض الفراعنة. كما أن الأزرق هو أيضا لون المياه ونهر النيل، ولذلك كان بالنسبة لقدماء المصريين ومنذ زمن سحيق رمزا للخصوبة والبعث والقدرة على الخلق والابتكار.أضاءة أهرام الجيزة باللون الأزرق – وهو اللون الرسمي للأمم المتحدة - هو جزء من احتفالات عالمية واسعة النطاق تشمل الإضاءة المماثلة لحوالي 300 معلم ومبنى في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم - من أستراليا إلى أذربيجان، ومن إندونيسيا إلى العراق، ومن المملكة العربية السعودية إلى جنوب السودان.بالإضافة إلى الآثار المصرية المهيبة، شاركت أيضاً في حملة 'إضاءة العالم بلون الأممالمتحدة الأزرق‘ معالم شهيرة مثل تمثال المسيح المخلص في ريو دي جانيرو، وسور الصين العظيم، ومتحف الأرميتاج في روسيا، ومدينة البتراء الأثرية في الأردن، وغيرها من المعالم البارزة في العالم.وكانت منظومة الأممالمتحدة في مصر قد احتفلت صباح اليوم بهذه الذكرى السنوية السبعين لتأسيس الأممالمتحدة في 24 تشرين الأول/أكتوبر عام 1945، وذلك من خلال إقامة معرض في مركز شباب الجزيرة في القاهرة لعرض بعض مشاريع الأممالمتحدة ومنجزاتها في مصر.وقد عرضت بهذه المناسبة عدة وكالات ومنظمات تابعة للأمم المتحدة بعض مشاريعها وأنشطتها، بما في ذلك العديد من منتجات الحرف اليدوية وغيرها من المنتجات المصنوعة من قبل مستفيدين من هذه المشاريع وبرامج الدعم. وشارك في المعرض بعض المستفيدين الذين حضروا بأنفسهم لعرض تجاربهم وتسليط الضوء على الأثر الإنمائي الإيجابي لهذه المشاريع على حياة الناس. وفي حفل افتتاح المعرض، قالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر أنيتا نيرودي: "فقط عندما نعمل معا يمكننا التغلب على التهديدات المشتركة واغتنام الفرص المشتركة". وأضافت قائلة: "دعونا نغتنم هذه الذكرى السنوية لنؤكد من جديد التزامنا بخدمة شعار 'نحن الشعوب‘، وبناء الحياة التي توفر الرخاء والأمن والكرامة للجميع. إننا نهنئ مصر على انتخابها عضوا في مجلس الأمن، ونتطلع إلى الريادة العالمية لمصر فى تعزيز السلام والتنمية". وبدوره أشاد مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون المتعددة الأطراف والأمن الدولي السفير هشام بدر بدعم الأممالمتحدة لبرامج وجهود التنمية في بلده، وقال في حفل افتتاح المعرض إن "لمصر قصص نجاح عديدة في التعاون مع منظومة الأممالمتحدة، وبصفة خاصة مع الوكالات الأممية المتخصصة، والتي تعتبر الذراع الرئيسي لتنفيذ الأهداف الدولية في المجالات المختلفة". وكان من بين المشاريع المعروضة مشروع تابع لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ويهدف إلى إعادة إدماج المفرج عنهم من مركز لاحتجاز الأحداث في إحدى ضواحي القاهرة. والبرنامج، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع منظمات محلية غير حكومية، يعمل على محو أمية الأحداث الأميين من أجل تمكينهم وتوفير التدريب المهني لهم ليصبحوا قادرين على العمل وإدرار الدخل بعد إطلاق سراحهم. وقد شارك مكتب الأممالمتحدة في المعرض وقام ببيع نباتات تم تدريب الأحداث على زراعتها، والتي يخصص ريعها لتمويل برامج تدريب للأحداث.وحيث أن توفير فرص العمل هدف يهيمن على جدول أعمال التنمية في مصر، قامت منظمة العمل الدولية بعرض مشروع، من جملة مشاريع أخرى لها، تحت اسم "وظائف لائقة لشباب مصر" والذي تموله كندا على مدى خمس سنوات (2011-2016). المشروع الذي يتكلف 10 ملايين دولار أمريكي يهدف إلى تسهيل حصول مئات من الشبان والشابات المحرومين في ثلاث محافظات على فرص عمل في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة. وكانت بعض منتجات المستفيدين من مشاريع المنظمة معروضة أيضا للبيع. كذلك تضمنت المعروضات مشروعاً لوكالة الأممالمتحدة المكرسة لمكافحة وباء الإيدز يهدف إلى حماية شباب مصر من هذا الوباء، ومشروعاً آخر لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي هدفه تمكين المرأة من خلال التدريب وتنمية القدرات وتمويل مشاريع صغيرة، ومشروعاً آخر لنفس برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يسعى إلى زيادة الوعي بمخاطر الألغام ودعم أنشطة إزالتها في شمال غرب مصر. الدكتورة يسرية حامد، التي تدير مشروعاً لدعم المناطق المحمية في مصر ويموله صندوق إيطالي مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ووزارة البيئة المصرية، شاركت في هذه الفعالية لكي تعرض تجربتها على زوار المعرض ووسائل الإعلام. وتقول الناشطة: "لقد قدمت الأممالمتحدة تمويلاً من أجل تحسين منتجات محلية من مناطق سيوة ووادي الريان ووادى الجمال ، وذلك لكي تصبح هذه المنتجات أكثر قابلية للتسويق والبيع في الأسواق". الحفل الذي بدأ بكلمات استهلالية للمنسقة نيرودي والسفير بدر، وتضمن أيضاً عرضاً موسيقياً، هو جزء من حملة أوسع لزيادة مستوى الوعي بأهمية العمل الإنمائي الذي تقوم به الأممالمتحدة في مصر ودورها الذي لا غنى عنه باعتبارها المؤسسة الحكومية الدولية الأكثر تمثيلا في الشؤون العالمية ودعم المحتاجين والضعفاء. ويتم تنفيذ الحملة الإعلامية بالشراكة مع شركة فودافون، بينما قدمت خدمات تصوير الحفل وكالة الإنتاج "المصنع".