جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 الترم الثاني في محافظة البحيرة    دينية النواب تقر نهائيا قانونا جديدا لمواجهة فوضى الفتاوى والأزهر يعلن رفضه    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    الكهرباء تبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية iFC سبل دعم مجالات الطاقة المتجددة    «المشاط» تتابع مع المفوضية الأوروبية تنفيذ ثاني مراحل آلية مساندة الاقتصاد الكلي    وحدة السكان في الشرقية تنظم 15 ندوة للتوعية بالقضية السكانية    السعودية تفرض غرامة 100 ألف ريال بحق ناقلي حاملي تأشيرات الزيارة إلى مكة خلال موسم الحج    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    عاجل- الرئيس السيسي يجتمع مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي ووزير المالية    مسئول طبي بغزة: جميع مستشفيات القطاع مهددة بالتوقف    روسيا تشن هجوما هائلا بطائرات مسيرة على أوديسا وخاركيف    وسائل إعلام حوثية: ارتفاع عدد القتلى من جراء القصف الإسرائيلي على الحديدة إلى 4    باكستان: استخدام الهند اتفاقية نهر السند كورقة ضغط غير مقبول    هيرنانديز هيرنانديز حكما لكلاسيكو الليجا بين برشلونة وريال مدريد    الزمالك: نعمل على سداد مستحقات باتشيكو وبوطيب    خلافات بسبب الآثار.. أمن القاهرة ينجح في تحرير شخصين من الاختطاف    18 مايو.. بدء محاكمة مرتضى منصور في اتهامه بسب خالد يوسف وزوجته    بعد قليل.. جنازة الفنان نعيم عيسى من الإسكندرية    عرض «منتهي الصلاحية» يشارك في مهرجان التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة روض الفرج    «لا يرفعون صوتهم مهما حدث».. 5 أبراج تتسم بالهدوء (تعرف عليهم)    جامعة أسوان تفتح آفاق الوعي السينمائي للطالبات عبر مهرجان أفلام المرأة الدولي    التضامن فريق التدخل السريع تعامل مع 500 بلاغ في مختلف المحافظات خلال شهر إبريل    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    الصحة: تقديم الخدمات العلاجية ل339 ألف مواطن من خلال القوافل الطبية خلال الربع الأول من العام الجاري    محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محافظة دمياط تستعد لامتحانات نهاية العام    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    البرلمان الألماني: ميرتس لم يحصل على الأغلبية المطلقة لمنصب المستشار في الجولة الأولى    صحيفة: وزير الدفاع الأمريكي استخدم "سيجنال" في محادثات تضمنت خططا عسكرية سرية    وزير الشباب والرياضة: الاستماع للشباب ركيزة لصنع السياسات ومحاربة التطرف    قرار عاجل من التعليم لإعادة تعيين العاملين من حملة المؤهلات العليا (مستند)    شوبير: الأهلي استقر على مدربه الجديد من بين خمسة مرشحين    سلمى أبو ضيف تحتفل بعيد ميلاد زوجها بطريقة رومانسية    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    زيادة السولار والبنزين تعمق من انكماش أداء القطاع الخاص بمصر بأبريل    البيئة: خط إنتاج لإعادة تدوير الإطارات المستعملة بطاقة 50 ألف طن    مدير التأمين الصحى بالقليوبية تتابع جاهزية الطوارئ والخدمات الطبية بمستشفى النيل    منتخب شباب اليد يقص شريط مواجهاته في كأس العرب بلقاء العراق    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    مصر تدين الاستهداف المكثف للمنشآت والبنى التحتية المدنية في بورسودان    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    إيران: نحتاج الطاقة النووية للاستخدام السلمى وعلى الطرف الآخر إثبات حسن نيته    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الصحة» تستعرض إنجازات إدارة الغسيل الكلوي خلال الربع الأول من 2025    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أديروا بنادقكم
نشر في الجمعة يوم 03 - 09 - 2012

في مارس عام 2003، جاب نحو خمسين ألف يساري شوارع بوسطن منددين بالحرب الاستعمارية على العراق ومطالبين الجيش الأمريكي بسحب دباباته من فوهات المدن العربية. كانت الأصوات هناك تهدر بنفس الشعارات التي ألهبت حناجر العمال إبان الثورة البلشفية: (أيها الجنود، أديروا بنادقكم). فملامح الجنود المغلوبين على تقدمهم واحدة وإن اختلفت لكناتهم وألوان بزاتهم، ونبرات قواد التاريخ واحدة وإن تباينت الأنواط والنياشين التي توشي صدورهم المنتفخة، فهي تأتي دوما من خلف الخطوط الذاهبة إلى مستنقعات الدماء. بيد أنه في حين نجح الثوار البلاشفة في تغيير مسار الطلقات لتستقر في قلوب قادة الجيش النظامي وإنهاء حكم القيصر، فشل ثوار بوسطن فشلا مخزيا في توجيه فوهات مدافعهم نحو صدور قادة البنتاجون، وظل الرصاص الحي يتدفق نحو قلوب الصبية والنسوة والعجائز في العراق دون توقف.
في الغرب لا ينسى اليساريون مقاعدهم ولا يبدلونها طمعا أو تقية، ولا تلهيهم العداوات التاريخية وسخائم الصدور عن مقاصدهم لأن قضاياهم الثورية تترفع عن الانحناء أو الالتواء أو التسويف. إنهم يجيدون الطرق فوق صفائح صدورهم بأكفهم العارية ليس ندما على خطيئة موروثة كما يفعل المغمورون في مستنقعاتهم الفكرية الآسنة في شرقنا والذين لا يكفون عن إراقة دماء الماضي فوق أعتاب المستقبل كل صلاة، بل يفعلون ذلك رفضا لقهر واقع وظلم يرفضون أن يشاركوا فيه الدبابات بالصمت والطلقات بالخنوع.
وفي مظاهراتهم المنددة بالحرب، ينسى اليساريون جلودهم وبصمات أصابعهم ولون أعلامهم، ويتحركون نحو رايات أسمى تدافع عن المقهورين والمغلوبين والمقموعين في جهات الكون الأربع. فالعراقيون لديهم مظلومون إلى أن ينالوا حريتهم، والأمريكيون عندهم ظالمون حتى يضعوا أسلحتهم أو يديروها في الاتجاه الصحيح. لا فرق عند أهل اليسار الغربي بين ظلم وظلم، أو بين خطيئة وخطيئة، لأن الجريمة في شرعهم لا جنسية لها. وتراهم يحملون خرائطهم في صدورهم ويرفعون أعلامهم فوق رغباتهم الآنية وتطلعاتهم الأنانية لأنهم يطمحون إلى عالم أفضل خال من الظلم والظالمين.
أما في بلادنا، حيث يسلم الناس بأَيْمانهم ويأكلون بأيمانهم، فإنهم ينسون في العادة شمائلهم أو يحملونها مجاملة كظل في مناسبات معينة، لهذا لا يبقى لليسار في بلادنا إلا مهمة الاستنجاء ولا يجد اليساريون بيتا إلا الخلاء. والواقع أن العداوة التاريخية عندنا بين الفكر القومي واليساري ليست مصطنعة ولا مستحدثة لأن الناس في بلادنا لا يميزون في الغالب بين يسار الفكر ويسار الجسد. ولأن نصف دماغنا التحليلي والنقدي يقع في الجهة اليسرى، عادة ما يتجاهل الناس عمدا وجوده ويعتبرونه زائدة دودية يمكن لحلاق الحي أو لجراح مبتدئ بتره. وقد يفسر هذا كراهيتنا للفكر وازورارنا عن المفكرين، فإذا ما أصاب أحدنا ابتلاء قيل أن به فكرا.
والحقيقة أن يساريي بلادنا يساهمون بشكل أو بآخر في تكريس تلك الصورة النمطية في أذهان الناس لأنهم رضوا بالقعود عن مهامهم الإصلاحية التي تميز بها اليساريون في كافة بقاع المعمورة، واكتفوا بالمشاركة السلبية في حياة الناس، فلا تراهم إلا منددين ورافعي شعارات وكأنهم يشاركون الناس حياتهم عبر المذياع أو شاشات التلفاز. بعيد يساريونا عن واقعنا العربي المشحون بالألام والمظالم لأنهم يتخاذلون عن نصرة المستضعفين في شرقنا العربي ويكتفون بأدوارهم التقليدية الممجوجة التي لا تتجاوز المطالبة بالسقوط والهتاف ضد الآخر. لهذا تحول الفكر اليساري في بلادنا إلى فكر آخر يعبر عن الآخر ويتحدث عن هموم الآخر ويخاصم آلام المواطن العربي وآماله. لكل هذا أنتظر وينتظر غيري نزول الحشود اليسارية مرة أخرى إلى شوارع بوسطن لتنادي جنودنا الأشاوس: (أيها الجنود، أديروا بنادقكم).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.