ضاقت الدنيا فى وجه المسئولين عن قناة روتانا كلاسيك ولم يجدوا أعمالاً درامية تصلح من وجهة نظرهم للعرض خلال رمضان سوى مسلسل عن السفاح التتارى جنكيز خان . القناة التى يمتلكها الأمير وليد بن طلال المسلم الموحد أحد أنجال العائلة المالكة فى السعودية التى تتباهى بتطبيق الشريعة الإسلامية وكونها قبلة للمسلمين جميعاً من انحاء العالم لوجود الكعبة المشرفة على اراضيها تجاهل كل ذلك وأشترت قنواته حق عرض مسلسل جنكيز خان الذى يعد واحداً من أكثر الرجال الذين خلقوا على ظهر الدنيا عداءا للإسلام والمسلمين وكاد الرجل ومن بعده حفيده هولاكو الذى ورث عن جده كراهية شديدة للإسلام حتى ان يتمكنوا من محو الخلافة الإسلامية بدولها كلها من على الخريطة لولا وقوف جند مصر فى وجههم بقيادة السلطان قطز وتلقين المغول هزيمة ساحقة فتحت الباب بعد ذلك امام الظاهر بيبرس ليتعقبهم ويقضى على فتنهم . كره المغول وشراستهم فى التعامل مع المسلمين كانت بلا حدود حتى ان الخليفة المستعصم الذى أعلن أستسلامه لهولاكو مقابل الأمان لأهل مدينة بغداد لقى حتفه ومعه كل شيوخ ونساء وأطفال المدينة بعدما نقض التتار عهدهم ودخلوا بغداد و دمروا كل الكتب وداسوا عليه بأقدام خيولهم و ألقوا بها فى نهر دجلة . المثير أن المسلسل الذى تعرضه قنوات الوليد بن طلال يقدم سيرة ذاتية لموحد المغول جنكيز خان والأكثر إثارة ان العمل يظهر " جنكيز " فى صورة البطل الشهم المناضل والمحارب الشجاع الذى يعرف قيمة العرض والشرف ويقدره مما يساهم فى نقل صورة سلبية وعكسية ربما تلتصق بأذهان الجيل الجديد من الأطفال الذين يتابعون العمل وتستقر فى أذهانهم تلك الصورة لجنكيز خان وتذهب صورة الرجل الحقيقية والتى تؤكدها أفعاله من كونه سفاح وقاتل لم يكن يعرف قيمة الحضارة ويحترمها بل كان همجياً لا يأبه بشئ سوى سفك الدماء وأستباحة الأديان وأهانتها . المسئولون عن أى قناة فضائية وطبقاً للأعراف لابد عند شرائهم لحلقات مسلسل بعينه أن يتابعوا مضمونه ويعرفون الهدف الرئيسى منه وكل هذا يجعل الوليد بن طلال فى موقف لا يحسد عليه بل يلام عنه فكيف يوافق من البداية على شراء عملاً يتناول حياة سفاح قتل وأنتهك أعراض المسلمين وحتى لو تورط فى شراء عمل كهذا كان عليه أن يفضل المصلحة العامة عن تعويض خسارته المادية بعرض المسلسل الذى ربما يكون سبباً فى تغيير أفكار لكثير من الشباب خاصة وأن العديد من الدراسات النفسية خلال السنوات الأخيرة أكدت تأثير قوى الدراما والفن فى تكوين صورة رآى عام لدى المشاهدين تجاه قضية أو شخصية معينة لكن على ما يبدو كل ذلك لا يشغل الأمير بل يهمه بالدرجة الأولى والأخيرة زيادة أمواله ليجعلها تراص فوق بعضها بعضا.