وزير الصحة يعلن تشكيل اللجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل وفدا من شركة "إندوراما" العالمية لبحث مجالات التعاون المشترك    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    قطر ترفض الخرق الإسرائيلي للتهدئة في غزة وتؤكد سعيها لاحتوائه    السفير الفرنسي بالقاهرة يثمن جهود مصر في وقف إطلاق النار بقطاع غزة    تقرير: استبعاد تورام من قائمة يوفنتوس بسبب إصابة    الهلال يعلن جاهزية نجم الفريق لمباراة الشباب    النيابة الإدارية تعاين موقع حريق مخبز بأسوان وتكشف تفاصيل أولية عن أسباب الحادث    وزير الاتصالات: تعزيز شبكات المحمول استعدادا لافتتاح المتحف الكبير    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة» تعلن تحقيق إنجازات نوعية في تنفيذ توصية «تمكين المرأة» قبل انطلاق مؤتمر PHDC'25    إشربها بذكاء.. أطعمة ومشروبات تجنب تناولها مع القهوة    تأجيل حفل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية بأكاديمية الفنون    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    ب«جرة مياه».. نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون يكشف أسرار اللحظة التاريخية    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    حالة الطقس غدًا الخميس 30-10-2025 على البلاد والأيام المقبلة    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    لصحتك.. روشتة للوقاية من السكتة الدماغية    أيمن يونس يهاجم ثروت سويلم بسبب تصريحاته عن حلمي طولان    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    سفير الصين: نعمل مع أكثر من 150 دولة على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حب الوطن
نشر في الجمعة يوم 01 - 08 - 2012

أراد جون رسكن أحد أشهر المدافعين عن حقوق العمال أن يقدم خدمة لبني جلدته من الإنجليز الذين يترددون على أكسفورد يوميا بحثا عن لقمة شريفة بين هدير مصانعها، فأقنع الطلاب الذين يدرسون النقد الأدبي على يديه بالتخلى عن دفاترهم قليلا والنزول إلى ميدان الحياة لتقديم يد الفضل إلى إخوتهم في الشقاء. وفي صبيحة يوم عملي، حمل الطلاب عافيتهم وانطلقوا إلى إحدى الحقول المجاورة وشرعوا في بناء ممر يختصر المسافة بين مصدر الشقاء ومستقر الراحة ليوفروا على الأقدام اليابسة بعض الأنفاس.
كانت السواعد البيضاء تشق غلالة الليل بمنشار التحدي لتصنع صبحا يليق بالبسطاء الذين تخلوا عن أصدافهم النرجسية وتفرغوا لبناء وطن حر. كان الطلاب يبسطون أرديتهم البيضاء فوق أجساد البسطاء العارية لينسجوا ملحمة وفاء لوطن يتنافسون ظله. هكذا، حفر الأكسفورديون الآبار ورفعوا ما انخفض من وهاد وسوّوا بتلال الحقول الأرض حتى بدأت معالم الطريق تلوح في أفق الواقفين على تلال الأمل. عندها أحس البسطاء أن جسرا يكاد ينبني بين عقل الإنسان ويديه، وعندها رفع القادمون إلى هدير الآلات رؤوسهم نحو السماء وعيونهم تذرف بللورات الدمع حمدا على نعمة إنسانية أتت متأخرة لتحملهم نحو نبض الوطن.
لكن الأيادي الناعمة لم تلبث أن كلت، وبدأت المعاول تهوي إلى الأرض دون أن تخدش تربتها، وسقطت المعاول وارتمت الأجساد البضة فوق سبخ الأرض لتمرغ شرف التحدي في وحل الواقع. عندها، ألقى البروفيسور الذي لم يجرب أحلامه قط نظرة بائسة على تخوم الهزيمة وكر راجعا إلى منفاه الوجودي بين الكتب وتبعه طلابه بعد أن ترجموا الهزيمة إلى كافة لكنات الأرض ليعلنوا انسحابا مخزيا من أرض الهزيمة وردة منكرة إلى فضاء الكلمات. ولم ينبس أحد ببنت أمل بعدها عن إمكانية التوفيق بين النوايا الحسنة وصخور الواقع.
وعاد المصدومون في أنصارهم يجرون أذيال الوحدة إلى هدير الآلات وصخب المدينة التي نسيت وسط مشروعها الطوباوي أحزان الفقراء وآلام العمال. عادوا في صمتهم الروتيني المعتاد لينشروا أقفيتهم المقددة تحت لهيب الشمس الحارقة يمضغون الصبر دون أن يستظلوا بأي أمل في تغيير واقعهم الرمادي. ومضت الحياة في طريقها الدائري حول خاصرة المدينة لا تلوي على شيء لتحمل جرحى الأمل نحو حتفهم دون أن تلقي نظرة عظة على معالم طريق لم ينجح الغبار الكوني في فض خيبته البكر.
لم تفلح نوايا رسكن الطيبة في مد جسور الواقع بين النظرية والتطبيق إذن، ولم تنتشل لحيته الكثة ويده الممدودة نحو الأفق آهات العمال وهم يزحفون نحو صخب المدينة في أكفانهم الجلدية المعروقة. سقط حلم رسكن مع آخر معول وآخر رفش وأول شعاع حقيقة يهطل على طريقه المستقيم لأنه لم يحسن قياس المسافات بين المقاعد الخشبية وآمال العمال المعلقة بين سندان الرغبة وصخور المستحيل.
ليت أعظم ناقد أدبي في العصر الفكتوري وفر جلود طلابه الناعمة لمصافحة الأوراق، وعلم السائرين نحو حتفهم في قيظ العالم اللاهي إمكانية البحث في فضائهم العدمي عن طريق آخر يقود إلى الهدف دون التفاف حول ساقية الألم. ليته رسم بما أوتي من وعي ومساعدين ملامح شعاعه المستقيم الذي لا يحتاج إلى عمال كاتبين بقدر ما يحتاج إلى عمال مهرة يجيدون الإمساك بالفأس والمعول. ليته أدرك أن تبديل الأدوار بين حاملي القلم وحاملي المعول لن يغني الطرق عن دورانها المعتاد حول طريقه المستقيم.
لا سبيل لإعادة حفر الطريق فوق جسد الوطن إذن إلا بتكليف واضح لأصحاب الفكر المستقيم أن يخرجوا فكرهم من تابوت النظرية إلى واقع الحالمين، وتوعية البسطاء الذين يحملون نعوشهم فوق أكتافهم كل يوم نحو قلب المدينة القاسي أنهم قادرون على حرق أعواد توابيتهم في أتون الإرادة، وأنهم قادرون بعرقهم على الخروج من لجة الألم. ليته تعلم أن يوزع المعاول على أصحابها والكتب على دارسيها حتى يستقيم الأمل ويخرج الوطن من دائرة التيه التي سقط فيها ذات سكرة إلى قفزة نوعية فوق كوكب الأقوياء.
أديب مصري مقيم بالإمارات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.