يبدو أنها لن تكون الكارثة الأخيرة للرئيس المخلوع حسني مبارك، فقد كشفت مواقع تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن وجود قواعد عسكرية جوية مصرية تقدم تسهيلات عسكرية ولوجستية كبيرة للقوات الأمريكية، تمثل إحدى المراكز الرئيسية لعمليات القوات الجوية المصرية والدولية في المنطقة. وتشمل التسهيلات العسكرية المقدمة إلى الولاياتالمتحدة في مصر، تسهيلات للقوات البحرية في الموانئ مثل بورسعيد والسويس والغردقة، والتي تكتسب أهميتها في ظل المرور المكثف بقناةالسويس، وتسهيلات خاصة بعمليات تدريب النجم الساطع المشتركة التي أوقفت. وتعد أهم التسهيلات المقدمة للقوات الجوية الأمريكية في مصر، ما يتم تقديمه من تسهيلات في قاعدة غرب القاهرة الجوية. وتقول مواقع البنتاجون: إن القاعدة العسكرية في غرب القاهرة تمثل مركزًا هامًا لإجراء التدريبات الدولية مع القوات الجوية المصرية وإجراء التدريبات البرية المتعلقة بالعمليات الدفاعية الجوية وعمليات المشتركة المصرية الأمريكية "بر - جو " وعمليات إخلاء المطارات ونقل المصابين وعمليات حرب طوارىء وعمليات رفع درجة التأمين والحماية وخروج قوات الأبرار الجوى بطائرات النقل المصرية والدولية وعمليات القتال الجوى وتبادل المعرفة والخبرات للاستفادة مما وصلت إليه أحدث التكنولوجيات في مجال الطيران، بما يعرف بمناورات النجم الساطع . وتبلغ مساحة القاعدة الجوية نحو 40 كلم مربع وتحتوى على نقاط إقلاع مروحيات ومقاتلات وطائرات نقل وإنذار مبكر وحرب إلكترونية من خلال ثلاث مناطق للدفاع الجوى في الشمال الشرقي والجنوب الغربي والشمال . يقع شمال المطار وادي الطعام وبالجنوب الحديقة المركزية المصرية وساحات الجولف وصالات بيفرلي. وترتبط مصر بعلاقات عسكرية قوية متعددة المستويات مع الولاياتالمتحدة، تتخذ شكل تعاون تسليحي، ومساعدات عسكرية وتدريبات مشتركة. وكشفت المواقع بالصور حجم التعاون والتسهيلات المصرية العسكرية المقدمة إلى الجانب الأمريكي. وحسب مواقع إسلامية على شبكة الإنترنت يوجد ثلاث قواعد أمريكية سرية في مصر احتفظ الرئيس المخلوع حسني مبارك والأمريكان بسرها دون الكشف عن حقيقة وجودها نظرا لحساسية الأمر كما كشفت بعض الأوساط. وتقول المصادر: إن مصر بها قاعدة أمريكية في رأس بنياس على البحر الأحمر، والقاعدة الجوية المشار إليها في مطار غرب القاهرة التي تستخدم أساسًا لعمليات النقل الجوي وخدمة الطائرات، وقاعدة مطار وادي قنا التي تستخدم لعمليات النقل الجوي والإنذار المبكر. وقاعدة رأس بنياس على البحر الأحمر توجد ضمن محيط مدينة سفاجا المصرية التي أسسها مبارك على البحر الأحمر، وتستخدم للطيران الأمريكي و الإسرائيلي في ضرب السودان واليمن والتحكم في ملاحة قناةالسويس. وغالبا ما تستخدم القوات الأمريكية قاعدة رأس بنياس على ساحل البحر الأحمر لأغراض التزود بالوقود ومهام دعم الجسر الجوي، ومصر بها العديد من الموانئ التي يمكن استخدامها لتحريك القطع البحرية الأمريكية وتغيير أماكنها أثناء سير أي عمليات عسكرية أمريكية بالمنطقة. ولقد نظم التواجد العسكري الأمريكي على الأراضي المصرية تحت ستار ما يسمى ب "القوات المسلحة المتعددة الجنسيات للمحافظة على السلام في سيناء".وقد وضعت جزيرتا تيران وسنافير الواقعتان عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر تحت رقابة القوات الأمريكية. وتقول المصادر: إنه تم الاتفاق بين وزارة الدفاع الأمريكية والحكومة المصرية على أن تقوم "قاعدة مبارك الجوية" أو قاعدة غرب القاهرة بدور مزدوج، بحيث تخدم كقاعدة عسكرية جوية مصرية، وفي الوقت نفسه كقاعدة عسكرية جوية أمريكية. وظل هذا الترتيب قيد التنفيذ لعدة سنوات وفقاً لبروتوكول التعاون العسكري المصري- الأمريكي، الذي تم التوقيع عليه منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وقد استضافت مصر عمليات التدريب العسكري الأمريكي، ويتم سنوياً وبشكل دوري إجراء مناورات القوات الأمريكية (قوات الانتشار السريع، القوات الخاصة الأمريكية، والوحدات المظلية الأمريكية، والمدرعات والمدفعية، والطيران)، على النحو الذي يعزز قدرة وكفاءة القوات الأمريكية على القتال في البيئة الجغرافية العربية. وقد ضم القوام الرئيسي للقوات الأمريكية التي قامت بحرب الخليج الأولى والثانية التي انتهت بغزو واحتلال العراق، معظم القوات التي اشتركت في مناورات النجم الساطع التي أجريت بمصر، وذلك على أساس اعتبارات أنها القوات الأقدر من بين صفوف الجيش الأمريكي على خوض القتال في البلدان العربية، وذلك بسبب القدرة العالية على التكيف العسكري العملياتي والتعبوي والتكتيكي التي اكتسبتها من التواجد في مصر. وتقوم العمليات الجوية في قاعدة غرب القاهرة على مبدأ الإفادة وحياة المعركة الحقيقية وتبادل خبرات الطيران والقتال الجوى وعمل المناورات بأنواعها المختلفة تحت ظروف مختلفة ليلا ونهارًا لمحاكاة الظروف الطارئة في الحرب، حيث تشارك مجموعات وطواقم ووفود القوات الجوية للدول الأوروبية والأسيوية والولاياتالمتحدة مع القوات الجوية المصرية للاستفادة القصوى المتبادلة بين كل الأطراف في عمليات الطيران المتعددة بعمليات السيطرة على أرض ما والسقوط المفاجىء خلف خطوط العدو والقتال الجوى بين المقاتلات , حيث تستمر فعاليات التمرينات لعدة أسابيع و ربما أكثر . وتوفر لهم وزارة الدفاع المصرية الراحة التامة أثناء فعاليات المناورات. كما تشمل المناورات في هذه القاعدة أعمال إجلاء مصابي الحروب بطرق مختلفة و أعمال إنقاذ منكوبي الظواهر الطبيعية . وتشمل المناورات والتدريبات عمليات الإبرار الجوى بالمظليين وعمليات نقل القوات الخاصة , بطرازات عديدة من طائرات النقل العسكري المصرية و أيضا التابعة للطواقم الدولية. وتحقق مصر نتائج ايجابية في تلك المناورات والعمليات كافة, وتخضع قاعدة غرب القاهرة العسكرية لعدة تطويرات لاستقبال طائرات إف 16 المصرية الجديدة، وتضم مقرا للأمريكان. ويكشف موقع وزارة الدفاع الأمريكية أن الولاياتالمتحدة وحلفاء آخرون استخدموا قاعدة غرب القاهرة الجوية، وهي قاعدة مكشوفة، لاختبار وتمرين شخصي في الإعداد والتخطيط من موقع القسوة والصرامة لبتعود الامريكان على الطبيعة. كما أن القوات الأمنية الأمريكية المنتشرة في القاعدة مسؤولة عن الحماية العسكرية لكل العناصر المعينين في هذا التدريب. وفي 7 ديسمبر 2011 أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية بيانا هاما – حول قاعدة غرب القاهرة - قالت فيه: "منحت كونتراك الدولية، وشركة ماكلين، فيرجينيا، وهو 17645735 $ شركة الثابتة على سعر العقد. وسوف تقدم هذه الجائزة لخدمات التصميم والبناء لتحديث المنشآت لدعم شراء طائرات F-16 المقاتلة لسلاح الجو المصري . وسيتم تنفيذ العمل في القاهرة داخل القاعدة الجوية الغربية بمصر، مع وجود تاريخ الانتهاء الموافق 22 نوفمبر 2012. وطلبت عطاءات تسعة عشر، مع ثمانية من العطاءات المقدمة، المتعلقة بالجيش الاميركي وسلاح المهندسين في وينشستر، بفيرجينيا، وهو نشاط المقاولات (W912ER-12-C-0007). ويكشف هذا الإعلان عن عرض شبه مناقصة لشركات البناء الأمريكية لتصميم وترقية وبناء مرافق جديدة بالقاعدة الجوية الواقعة بغرب القاهرة, وتحسين البنية التحتية لدعم شراء طائرات F 16 المقاتلة، واستيعاب توسيع القاعدة وترقيتها لتعزيز قدرتها على العمل، والسلامة، والأمن والصيانة، والاحتياجات التدريبية لإعداد سلاح الجو المصري والموثوقية التشغيلية على قاعدة غرب القاهرة الجوية. وسيتم منح عقد الشركة سعر ثابت لمقاول البناء بتكلفة بين 25 مليار دولار و و100 مليار دولار ، حسب موقع وزارة الدفاع الأمريكية. ويلاحظ من التواريخ الصادرة في البيان أن الأمريكيين كانوا يعملون على السعي في تجديد القاعدة, في ظل حكم المجلس العسكري. كما يعمل –حسب المصادر- بقاعدة القاهرة الجوية الغربية، أفراد من القوات الجوية الأمريكية في مركز الخدمات اللوجستية الجاهزة الخاصة بالقوات الجوية المركزية الأمريكية. ويؤكد موقع وزارة الدفاع أن طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك انطلقت من القاعدة الجوية غرب القاهرة، أثناء تدريبات النجم الساطع في 6 أكتوبر 1999 . ويقال إن القاعدة الجوية المصرية استخدمت في نقل الجنود الأمريكان من مصر إلى أفغانستان، وذلك من خلال خطة تدريبية مصغرة كانت تهدف إلى استقبال جنود القوات الأمريكية في مصر وتدريبهم لمدة 15 يوم (معسكر مدينة مبارك بمدينة الحمام على الطريق الدولي بالقرب من مدينة الإسكندرية) وذلك حتى يتأقلم الجنود على الأجواء الحارة والصارمة في مصر من خلال مناورة النجم الساطع 2001 ثم يتم ترحيلهم إلى أفغانستان للإنضمام للقوات الأمريكية هناك, وبدء عملياتهم العسكرية في أفغانستان. وتدخل مصر ضمن حسابات الأمريكان ضمن القطاع الخامس ومنطقة القيادة الوسطى USCENTCOM ، الذي يمتد من القرن الأفريقي ووادي النيل حتى كازاكستان في آسيا الوسطى، وهذا القطاع هو الأصغر حجماً والأكثر التهاباً، ففيه آسيا الوسطى وباكستان وأفغانستان وإيران والعراق والأردن والجزيرة العربية والصومال وأثيوبيا وكينيا والسودان علاوة على مصر، وفي عام 2003، نقلت سوريا ولبنان من القيادة الأوروبية إلى القيادة الوسطى. ويقول الكاتب والصحفي الأمريكي وليم أركن - في مجلده الضخم باسم "الأسماء المشفرة: حل شيفرة الخطط والبرامج والعمليات العسكرية الأمريكية في عالم ما بعد 11 سبتمبر"- : إن العلاقة الأمنية حميمة جداً بين المخابرات المصرية و"السي أي إيه"، وتعتبر مصر "أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفيةً، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائماً تقريباً". وحسب أركن، فقد كانت توجد وقت أحداث 11 سبتمبر قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطى في مصر، بالإضافة لعشرين مرفق عسكري مصري تحت تصرف القيادة الوسطى الأمريكية، وقد خزن العتاد الأمريكي بصمت في مصر، وأبقيت قواعد جوية وبحرية بأفضل حال لحساب القوات الأمريكية، منها قاعدتي القاهرة شرق والقاهرة غرب الجويتين، وقاعدة وادي قنا. وفي عام 2001، منحت مصر حق المرور لأكثر من 6250 طلعة جوية أمريكية، ولحوالي 53 رحلة للبحرية الأمريكية، وتقوم البحرية والغواصات الأمريكية بزيارات منتظمة للإسكندرية، رأس التين وللغردقة وبور سعيدوالسويس. ويضيف أركن أن التعاون ازداد عقب تحول مصر إلى داعم أساسي للحرب على "الإرهاب" بعد 11 سبتمبر، حيث كان حسني مبارك أول رئيس عربي يعلن دعمه للعملية المستمرة (غزو أفغانستان)، ويقدم حق العبور للسفن وللطائرات الأمريكية، فضلاً عن الخدمات الأمنية. وتتحدث المصادر عن مشروع أمريكي - مصري، لإقامة قاعدة أمريكية في منطقة الصحراء الغربية في الجزء الجنوبي الغربي غير المأهول، وذلك لتكون بمثابة قاعدة إستراتيجية ترتبط مع الأسطول السادس والقوات الأمريكية الموجودة في أوروبا، وذلك تمهيداً لتعليمات التغلغل العسكرية التي يخطط لها البنتاجون من داخل عمق الأراضي الإفريقية. وفي يوليو 2003، عقد فريق العمل المشترك المصري - الأمريكي لمكافحة "الإرهاب" اجتماعه الأول في واشنطن، وفي يونيو 2004 رسمت مصر شريكاً كاملاً في منتدى الحوار المتوسطي مع حلف الناتو. وتتلقى مصر 3،1 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية، وفضلاً على ذلك، اشترت مصر من أمريكا نفاثات أف-4 وأف-16، ودبابات أم-60إيه3 ودبابات أم1إيه1، وناقلات الجنود المدرعة، ومروحيات الأباتشي، وبطاريات الدفاع الجوي الصاروخية، وطائرات التجسس، بالإضافة لمعدات أخرى. وتتشارك الدولتان بتمارين عسكرية تتطلب دوماً إرسال قوات عسكرية أمريكية كبيرة إلى مصر. وتستضيف مصر مرة كل عامين "النجم الساطع"، وهي مناورات متعددة، وأكبر تمرين عسكري في العالم، لكنها توقفت في الفترة الأخيرة بعد الثورة. وبالرغم مما يظهر في وسائل الإعلام من احتكاكات سياسية وضغوط على النظام المصري، يبقي التعاون الأمني والعسكري بين البلدين بأفضل حالاته، وظلت مصر حلقة مركزية في استراتيجية قيادة القطاع الأوسط حتى وهي مستهدفة سياسياً. ولعل السودان جنوباً حالة نموذجية لكيفية استخدام الابتزاز السياسي لتحقيق التعاون الأمني، ثم العسكري، فبعد وضع السودان على "لائحة الإرهاب" في أكتوبر عام 1997، بدأ السودان حواراً حول "مكافحة الإرهاب" مع أمريكا في مايو 2000، وبعد أحداث 11 سبتمبر، يقول أركن: إن السودان تعاون أمنياً بشكل جيد مع "السي أي إيه" و"الإف بي أي" وقدم معلومات قيمة، وحطت أول طائرة عسكرية أمريكية في الخرطوم في 17 مايو 2003.