من كان يظن أن تثور تلك الدول العربية فى يوم من الأيام وتخرج عن صمتها الذى طال وتستيقظ من نومها بعد طول رقاد بل وتحقق ما تصبو إليه وتكسر حاجز الخوف وتخرج إلى الميادين حاملة أكفانها على أكفها تطالب بالحرية تنتزعها من براثن الديكتاتورية انتزاعاً ؟ - ومن كان يظن أن تسقط تلك الأنظمة الفاسدة فى ساعات أو أيام وبعضها لم يقاوم واتضح أن تلك الأنظمة كرتونية بل كبيوت العنكبوت تعتمد على التهويل الإعلامى الذى يضخم من قوتها وإحكام سيطرتها على مقاليد البلاد والعباد فظهرت الحقيقة أن الشعوب هى الأقوى فهى شعوب مسالمة لا تمتلك سلاحاً ولكن تمتلك إيماناً بحريتها وإرادة وعزيمة أقوى وأفتك من كل سلاح - إن سقوط الأنظمة الاستبدادية قد يفتح الباب فى المستقبل أمام وحدة عربية حقيقية وحدة نابعة من قلب وعقل الشعب قد يكون لها أثاراً لا حدود لها على تلك الأمة فهى وحدة من القاع من الشعب وليست قرارات فوقية ممتزجة بأطماع هنا وهناك . - إن نجاح تلك الثورات فى مصر وليبيا وتونس سوف يدفع باقى الشعوب العربية مثل اليمن وسوريا إلى بذل المزيد من الجهد رغم عدم تقصيرهم ولكن ستزيدهم تحفيزاً لحسم الأمور ولتحقيق النجاح بل وقد يغرى شعوباًعربية اّخرى إلى السير فى طريق الحرية فهى ليست أقل من غيرها إنسانية وليست أكثرمنها حرية. - إن ثورة الشعب الليبى ثورة مسلحة وهذا أخطر ما فى الأمر فلقد حمل هؤلاء الشباب السلاح عندما فرض عليهم القتال ولكن لابد من الإسراع إلى تسليم هذا السلاح فى أقرب وقت تستقر فيه الأمور لأنه قد يطلق فى وجوه اّخرى كثيرة فيحد ث ما لا يحمد عقباه . - إن تلك الثورات تزيد من فزع ورعب أعداء الأمة فهم يعلمون أن الشعوب العربية تكرههم ولا تريد رؤية وجوههم والاّ ن أصبحت الكلمة بيد الشعوب فما يريده الشعب يتحقق فقد سقطت الأنظمة التى كانت تعمل من أجلهم وتحمى أرواحهم وهم أكثر المتضررين من حرية الشعوب العربية وسوف يحاولون جاهدين عرقلة تلك الثورات بكل الطرق الممكنة حتى تصبح هى النموذج الحر الوحيد فى المنطقة كما يزعمون . على كل الشعو ب العربية التى نالت حريتها ونجحت ثورتها أن تنظر إلى الأمام وتخطط للمستقبل وألا تنظر إلى الخلف إلا لأخذ العبرة والعظة فالمستقبل هو الهدف الذى يجب أن يكون فى ذهن تلك الشعوب وعلى تلك الدول أن تتوحد كلمتها وتبذ الخلافات جانباً وتسرع فى بناء نظامها السياسى فى اسرع وقت فكلما طال أمد الفترة الانتفالية وقعت الخلافات وسقطنا فى تفاصيل تخرجنا عن الأعم والأهم.
- تلك الثورات تحتاج من يدون أحداثها بدقة وعدالة ومصداقية يؤرخها بكل زواياها وعناصرها وألا يغفل دوراً مهما قلّ ولا ينحاز لجانب دون جانب بل عليه أن يكتب ويسطر ويسجل ويترك الأجيال هى التى تحكم