ينظمون حفلات علنية اعتراضًا على عدم صدور قانون الأحوال الشخصية ■ اعتراض الكنيسة على الزواج بين الطوائف يشعل الأزمة تخصص اللائحة الجديدة لقانون الأحوال الشخصية، باباً لتسوية النزاعات الأسرية وتنظيم الخطبة وأركان الزواج وشروطه وموانع عقد الزواج وإجراءات العقد وحالات بطلانه وحقوق الزوجين وواجباتهما وأحكام النفقة فضلا على الحضانة وثبوت النسب وانحلال الزواج. «على جميع الطوائف المسيحية أن تعترف بزواج الطوائف المسيحية الأخرى» عبارة أرجئ فى أصدائها صدور القانون الجديد لحين الفصل بين الكنيسة الإنجيلية التى تصر على ذكرها فى المادة 13 من القانون ذاته لغلق الباب أمام مافيا شهادات تغيير الملة والطائفة التى باتت السبيل الأوحد لتطليق الأقباط، بينما ترفض الكنيسة الأرثوذكسية الاعتراف بزواج أبنائها من الطوائف الأخرى. أمام هذه الأزمة التى تعصف بقوة بجميع أبناء الطوائف المسيحية بين إصرار الكنائس على مواقفها وعدم الالتفات إلى مطالب شعبها الذى يعانى الكثير بسبب تعطيل قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بغير المسلمين، لجأ إلى حفلات الطلاق الجماعى. 1- عقبات صدور القانون اعتبر المستشار منصف سليمان، عضو المجلس الملى للأقباط الأرثوذكس، أن الكنائس فى حالة ارتباك بعد وقوع حوادث إرهابية استهدفت الأقباط والكنائس فى الفترة الأخيرة وهو ما ترتب عليه تسويف الكنائس لاجتماعات مناقشة قانون الأحوال الشخصية للأقباط، لافتا إلى أن الكنائس ستبدأ الشهر المقبل استئناف الجلسات لإنهاء القانون فى صورته النهائية مع الاحتفاظ بخصوصية كل طائفة فى حقوق الزواج والطلاق لأعضائها. ويرى سليمان أن دعوات إقامة حفلات طلاق جماعى للأقباط، أمر يخص القائمين عليها ولا يعنى الكنيسة الأرثوذكسية فى أى شىء لاننا ديمقراطيون، وعن أعداد متضررى الأحوال الشخصية للأقباط، أضاف: وفقا للإحصاءات لا تتجاوز أعدادهم 3 آلاف حالة أو أقل.. ويرجع سبب تقلص حالات المعلقين إلى انتشار المجالس الإكليريكية فى كنائس وإيبارشيات المحافظات، وهو ما أنجز عددا كبيرا من مشاكلهم، فضلا على دورات تأهيل المخطوبين وكورسات المشورة الأسرية التى ساهمت أيضا فى إنجاح 99% من حالات المتزوجين حديثا. 2- حفلات الطلاق الجماعى القس رفعت فكرى، رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع القاهرة الإنجيلى، نفى تأييده لفكرة حفلات الطلاق الجماعى للأقباط حتى لا تفهم أنها تجاوز لقادة الكنائس لكنه طالب بإقرار قانون للأحوال الشخصية يكون من خلال قنوات مشروعة، موضحا أن مشكلة الأحوال الشخصية للأقباط تكمن فى تصريح الزواج وليس فى الحصول على حكم طلاق، لأنها أحكام قضائية من السهل الحصول عليها إذا انطبقت شروط فسخ العقد على الزوجين، لذلك بات واجبا إقرار قانون مدنى للطلاق والزواج المسيحى. ويتابع: الكنيسة الأرثوذكسية أكثر انفتاحا من الكنيسة الإنجيلية خلال وضع بنود اللائحة الجديدة للأحوال الشخصية الموحدة لأنها أقرت مواد للهجر بين الزوجين واعتبرته سببا من أسباب التطليق، وهو ما رفضته الكنيسة الإنجيلية التى تصر على تطبيق لائحة التى تعمل بها منذ عام 1902 والتى تسمح بالطلاق لسببين هما الزنى وتغيير الملة أو الطائفة، وترفض الاعتراف بأى أسباب أخرى. ويضيف: لا يوجد فى الكنيسة الإنجيلية ما يعرف ب«المجلس الإكليريكى» لكن يستبدل بأن يحصل أحد الزوجين على شهادة تطليق من المحاكم ويقدم خطابا رسميا للكنيسة المحلية يشرح خلاله تفاصيل العلاقة الأسرية المضطربة بين الزوجين وما آلت إليه بعد تدخلات العائلة والمقربين ومساعى الصلح، ومن ثم تقديم نسخة من حكم الطلاق إلى المجلس الملى الإنجيلى الذى يقر طلاق الزوجين والسماح لأحدهما بالزواج الثانى. حفلات الطلاق الجماعى قال عنها أيمن عطية، محام بالأحوال الشخصية، إن الهدف من إقامتها للأقباط هو إحياء قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين الذى بات حبيس الأدراج دون اتفاق موحد بين الكنائس الثلاث على قانون يرضى المتضرين وأيضا يتوافق مع الكتاب المقدس، والتعلل الكنسى الدائم بأن القانون الموحد تم تسليمه لمجلس النواب لمناقشة بنوده وإقراره، فمنذ عام مضى لا يعلم متضررو الأحوال الشخصية مسار القانون لتصبح دائرة مفرغة ما بين الكنائس ومجلس النواب. فمنذ أعوام اعتاد «عطية» على إجراء فعالية خارج الصندوق لتحريك المياه الراكدة فى قانون الأحوال الشخصية حيث أقام العام الماضى مؤتمرا جمع فيه قيادات جميع الكنائس للخروج بتوصيات قانون موحد ينهى تلك الأزمة، يقول عنها: عشرات التوصيات والبنود الموحدة توافقت عليها الكنائس فى المؤتمر، ورغم الأصداء التى تركها المؤتمر إلا أنه لم يؤخذ بعين الاعتبار»، ويضيف: أسلك نفس أساليب محامى الأحوال الشخصية للأقباط فى التطليق من خلال تغيير الطائفة أو الملة، فأتولى ما يقرب من 20 قضية فى السنة أتقاضى خمسة آلاف جنيه فى كل منها أى ما يقرب من 100 ألف جنيه سنويا، إلى جانب تخصيص40% من قضايا الأحوال الشخصية بالمجان للأسر والحالات غير القادرة، وفى الفترة الأخيرة قررت الاكتفاء بعمل المحاماة واعتزال العمل العام والنضال من أجل إصدار قانون عادل للأحوال الشخصية. أمعن «عطية» طويلا لابتكار فكرة تكون ختام عمله العام فى مجال الأحوال الشخصية: فى البداية فكرت فى التظاهر إلا أنه أمر متكرر وغير مثمر، خاصة أن القانون يمنع ذلك إلى أن طرأت فكرة حفل الطلاق الجماعى للأزواج الذين تمكنت من تطليقهم، ويستكمل: الفكرة جاءت بمحض الصدفة ولاقت قبولا إعلاميا لاسيما أن الحفل يتضمن فقرات لم شمل أزواج وأسر مسيحية، أيضا رهبان وقساوسة وأساقفة تضامنوا مع تلك الفكرة بمجرد تناول الإعلام لها، فوصلت منهم مئات من رسائل التأييد الهاتفية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مشددين على عدم إعلان أسمائهم لكى لا تفصلهم الكنيسة، مضيفا: البعض وصف حفل الطلاق الجماعى بأنه تجمعات لزناة واتهمنى بالكفر لأننا خرجنا عن نص «لا طلاق إلا لعلة الزنى»، الأزمة تختزل فى شقين هما الدولة التى تتعامل بحساسية مفرطة تجاه ملفات الأقباط، والكنيسة من جانبها تحاول المراوغة لإثبات أنه لا طلاق إلا لعلة الزنى وأنها لم تخطئ طوال 40 عاما مضت. 3- أسعار الطلاق المسيحى قال أشرف أنيس، مؤسس رابطة الحق فى الحياة للأحوال الشخصية المسيحية، إن عدد متضررى الأحوال الشخصية بين المسلمين والأقباط فى تزايد مستمر، لافتا إلى أن فى 2011 بلغ عدد متضررى الأحوال الشخصية للأقباط حوالى 300 ألف حالة، إلا أن هذه الأرقام ارتفعت خلال السنوات القليلة الماضية، ويرجع ذلك إلى عدم تشريع قانون موحد للاحوال الشخصية للمسيحيين مع العلم أن المجلس الإكليريكى لا يقوم بفتح ملفات للمتضررين من الاحوال الشخصية إلا إذا حصلوا على أحكام طلاق بحكم قضائى. ويضيف: إن الاقباط الحاصلين على شهادات تغيير الملة والطائفة لم يخرجوا من المسيحية لكن خرجوا من الطائفة التى تزوجوا عليها، وهم فئة قليلة من الأقباط القادرين ماديا حيث بلغت تكلفة تلك الشهادات أربعة آلاف دولار أى ما يقرب من 80 ألف جنيه بعد تحرير سعر الصرف، بخلاف أتعاب المحاماة، فضلا على أن هناك دوائر تستدل بشهادات تغيير الطائفة وتصدر حكمها بالتطليق ودوائر أخرى ترفض، أما الأقباط غير القادرين ماديا فيقومون بتغيير الديانة إلى أن يحصل على حكم التطليق لاختلاف الملة ومن ثم يعود مجددا إلى الديانة المسيحية، وهو ما يشعل فتيل الفتن الطائفية.